بعد فشل مخططاتهم للهجرة..280 شابا مغربيا محتجزا في السجون الجزائرية
بعد أزيد من سنتين على قطع العلاقات الدبلوماسية بين المغرب والجزائر، لا زالت الشعوب تؤدي الثمن، بملفات اجتماعية عالقة، خلفت جثثا دون دفن ومحتجزين دون محاكمة وعائلات تحمل ملفات أبنائها بحثا عن يد في الجانب الآخر من المعبر المغلق تساعد.
ومن بين أثقل الملفات التي يحملها الحقوقيون في المغرب، ملف ما يقارب 300 شاب مغربي، أخذهم حلم الهجرة إلى الجزائر، برا أو بحرا أو جوا، ووجدوا أنفسهم في السجون الجزائرية.
280 ملف موثق
وفي حديثه إلى “صوت المغرب”، قال حسن العماري رئيس جمعية مساعدة المهاجرين في وضعية صعبة بوجدة، إن جمعيته تحمل الآن واحدا من أثقل الملفات الحقوقية، وهو ملف المغاربة المحتجزين في السجون الجزائرية.
وأوضح العماري أن جمعيته وثقت وجود 280 مغربيا في السجون الجزائرية، عن طريق التواصل مع عائلاتهم وتجميع كافة المعطيات المرتبطة بهم، وهم شباب قادهم حلم الهجرة إلى الجزائر، غير أنه تم اقتيادهم للمحاكمات والسجون.
وعلى الرغم من الصعوبات التي تعمقت بعد قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، إلا أن ما يقارب 780 مغربيا عاد من السجون الجزائرية في السنتين الماضيتين عبر النقطة الحدودية المسماة “العقيد لطفي-زوج بغال” والتي تم فتحها استثنائيا لهذه العمليات.
خطوات لمراسلة الرئيس
وفي ظل تزايد أعداد العائلات المغربية التي تعلن أبناءها محتجزين في السجون الجزائرية، بدأت العائلات وأغلبها من جهة الشرق تنتظم في تجمع، راسلت من خلاله جمعية مساعدة المهاجرين في وضعية صعبة بوجدة لحلحلة ملف أبنائها، وإيجاد حل لهم، يعيدهم إلى أرض الوطن.
وفي السياق ذاته، يقول العماري إن العائلات اجتمعت مع جمعيتهم أكثر من مرة، لتنظيم خطوات الترافع على هؤلاء الشباب المغاربة، وتم الاتفاق على أن تتم مراسلة الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون للتدخل في هذا الملف، لإعادة الشباب المغاربة.
وأوضح المصدر ذاته أنه على المستوى المحلي، تستعد العائلات لمراسلة رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، أمينة بوعياش، من أجل التدخل في الجانب الحقوقي من الملف، وخصوصا المتعلق بظروف اعتقال الشباب المغاربة في السجون الجزائرية.
41 جثة أعيدت في سنتين
إلى جانب المحتجزين في السجون، أثار العماري قضية الجثث المغربية في أيدي السلطات الجزائرية، والتي تعقدت عملية استعادتها منذ قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.
وفي السياق ذاته، يقول العماري إنه خلال العامين الأخيرين فقط، استعاد المغاربة 41 جثة لأبنائهم من السلطات الجزائرية، ولا زالت جثث كثيرة تنتظر الاستعادة، منها جثة شاب منحدر من مدينة الجديدة، حاول الهجرة من شمال المغرب نحو إسبانيا، غير أن أمواج المتوسط رمت بجثته في العاصمة الجزائر، وبالفعل تمت استعادة جثته قبل أشهر قليلة.
جثث أخرى لشباب مغاربة يحاولون الهجرة عبر الجزائر يلفظها البحر، وآخرها ما كشفت عنه الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، أول أمس الأحد، بأن جثة أخرى تم العثور عليها بشاطئ عين تيموشنت القريب من الحدود المغربية الجزائرية، داعية العائلات التي تبحث عن أبنائها المفقودين في الجزائر للتعرف على الجثة.
طريق الهجرة الصعب
الأعداد الكبيرة للشباب المغاربة المحتجزين في الجزائر بتهم مرتبطة بالهجرة، يفسرها العماري بلجوء الكثير من الشباب نحو الجارة الشرقية للهجرة نحو أوروبا وانتعاش مافيا الهجرة على هذا الخط، نتيجة للتشديدات الأمنية المغربية على الواجهة البحرية الشمالية والتي جعلت إمكانية الهجرة من شمال المغرب نحو أوروبا شبه مستحيل.
ويضيف المتحدث ذاته، أن مافيات التهجير، تغري الشباب المغاربة بإمكانية الوصول إلى أوروبا سواء عبر الجزائر أو تونس، ليصبح هذا الخط أكثر استقطابا للشباب المغاربة.
توجه الشباب المغاربة نحو الهجرة من الجزائر، يجد تفسيره كذلك في تراجعهم عن اختيار طريق الهجرة عبر ليبيا، وهو خط عرف إقبالا كبيرا في السنوات الخمس الماضية، إلا أن شعبيته تراجعت بسبب مخاطره الكبيرة.
الكثير من الشباب المغاربة الذين حاولوا استبدال طريق الهجرة التقليدية من المغرب عبر ليبيا في السنوات الأخيرة، وقعوا في يد الميليشيات المسلحة، أو احتجزوا من طرف السلطات في مراكز مكافحة الهجرة غير الشرعية في ظروف صعبة وخطرة، حيث سبق أن قتل عدد منهم في عمليات استهداف لهذه المراكز خلال المواجهات المسلحة بين الفرقاء الليبيين.