بعد فاجعة سبت الكردان.. مطالب حقوقية بوقف استرخاص أرواح العاملات الزراعيات

أحيت الحادثة الأخيرة بجماعة سبت الكردان، التي أودت بحياة أربع عاملات زراعيات وأصابت أخريات بجروح بليغة، الجدل من جديد حول ظروف عمل النساء العاملات في القطاع الفلاحي، إذ طالبت أصوات حقوقية بوقف استرخاص أرواح العاملات، والعمل على تحسين شروط عملهن وتنقلهن في وسائل نقل آمنة تحفظ كرامتهن وتضمن سلامتهن.
وفي هذا السياق، قالت رئيسة فدرالية رابطة حقوق النساء، سميرة موحيا، إن “هذا النوع من الحوادث المأساوية يتكرر كل سنة تقريبًا، ويُضاف إلى لائحة طويلة من المآسي التي راحت ضحيتها عاملات فلاحيات، مثل حادثة بوسلهام وولاد تايمة، وهو ما يؤكد وجود قصور واضح في تحمل المسؤولية من طرف القطاعات الحكومية المعنية”.
وأشارت موحيا إلى أن “الفيدرالية سبق لها أن نبهت مرارًا وتكرارًا، من خلال مراسلات وبيانات موجهة إلى رئيس الحكومة ووزيري التجهيز والشغل، لخطورة ظروف التنقل التي تُنقل فيها العاملات الفلاحيات، حيث يتم استخدام وسائل مهترئة وعشوائية، تفتقر لأبسط شروط السلامة والحماية”.
كما أضافت المتحدثة أن “ظروف العمل التي تُفرض على النساء العاملات في الضيعات الفلاحية تفتقر إلى الحد الأدنى من مقومات الكرامة والحقوق”، مشيرة إلى أن “الغالبية منهن لا يتوفرن على تأمين ضد حوادث الشغل أو التنقل، ولا يستفدن من أي شكل من أشكال الحماية الاجتماعية”.
وفي هذا السياق، طالبت الفاعلة الحقوقية بفتح تحقيق فوري في هذه الحادثة، وتحميل الجهات الوصية المسؤولية الكاملة، مع اتخاذ إجراءات عاجلة لضمان وسائل نقل آمنة وإنسانية للعاملات في المجال الفلاحي، تحترم حقوقهن وتوفر لهن الحد الأدنى من الأمان في الطريق إلى العمل.
من جهة أخرى، شددت موحيا على ضرورة تعديل قانون الشغل الحالي، معتبرة إياه “غير منصف للعاملات الفلاحيات، إذ يسمح بأجور متدنية، وساعات عمل طويلة دون مراقبة أو مساءلة، سواء في وسائل النقل أو في الضيعات التي تشتغل فيها هؤلاء النساء”.
وخلصت سميرة موحيا إلى دعوة الحكومة “لإنهاء استرخاص أرواح النساء العاملات في الفلاحة”، مؤكدة ضرورة تفعيل القوانين وتعميم الحماية الاجتماعية دون شروط مجحفة، وتمكين العاملات من حقوقهن كاملة، وفق ما ينص عليه الدستور والاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها المملكة.
وفي نفس السياق، أكدت مجموعة شابات من أجل الديمقراطية، في بيان لها، أن “استمرار الحوادث المأساوية التي تحصد أرواح العاملات الزراعيات نتيجة لظروف النقل غير الآمنة وغير القانونية، يعكس غيابًا خطيرًا لأي حماية من طرف الدولة وأرباب العمل”.
وأضافت المجموعة أن “ما تعيشه العاملات الزراعيات من انتهاكات، خصوصًا في ما يتعلق بظروف النقل، يُعد جريمة متواصلة تمس كرامتهن وحقهن في الحياة”، إذ أكدت أن “النساء العاملات يواجهن بشكل يومي مخاطر حقيقية بسبب وسائل نقل مكتظة، مهترئة، ومهينة، لا تحترم أبسط شروط السلامة والأمان”.
وشدد المصدر على ضرورة تحمل الدولة لمسؤوليتها عبر تفعيل الرقابة على وسائل النقل، وتطبيق القانون ضد المخالفين، وتوفير شروط عمل ونقل تحترم كرامة وحقوق النساء، مؤكدة الحاجة الملحة لفتح تحقيقات جادة في هذه الحوادث المتكررة، مع إنصاف الضحايا وعائلاتهن.
وأشارت المجموعة إلى أن “استمرار صمت الدولة وتواطؤ بعض الجهات هو تزكية ضمنية لهذا الواقع الخطير، وتكريس للهشاشة والعنف الاقتصادي ضد النساء”، لافتة إلى أنها ستواصل الترافع من أجل عدالة اجتماعية حقيقية وكرامة مصونة للعاملات الزراعيات في المغرب.