story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
بيئة |

بعد عودتها للحياة.. دراسة حديثة توصي بالحفاظ على بحيرة “إيريقي التاريخية”

ص ص

بعدما عادت إلى الحياة بعد نصف قرن من الجفاف، دعت دراسة حديثة إلى الحفاظ على بحيرة إريقي التاريخية ضواحي زاكورة، مشددة على ضرورة وضع استراتيجيات شاملة من أجل ذلك، تشمل الإدارة الهيدرولوجية، والترميم البيئي، والتنمية الاقتصادية والاجتماعية.

وأشارت الدراسة التي نُشِرت، الثلاثاء 7 يناير 2025، على مجلة معهد النشر الرقمي متعدد التخصصات (MDPI)، ومقره سويسرا، إلى أن حدث عودة بحيرة إيريقي إلى الحياة “فرصة نادرة لتسليط الضوء على استدامة إدارة الأراضي الرطبة في المناطق الصحراوية عالمياً”.

وأكدت الدراسة على الحاجة إلى دعم استباقي للحفاظ على بحيرة إريقي، بما يتماشى مع أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة، خاصة التي تتعلق بـ”الحياة على الأرض والعمل اللائق والنمو الاقتصادي”، مع تسليط الضوء على أهمية الإدارة المستدامة لموارد المياه، وحفظ التنوع البيولوجي، وتعزيز مبادرات السياحة البيئية لصالح المجتمعات المحلية.

معدو الدراسة، وهم باحثون في جامعة ابن طفيل بالقنيطرة، وجامعة مولاي إسماعيل بمكناس، والوكالة الوطنية لتنمية مناطق الواحات وشجرة الأركان بزاكورة، والمعهد الوطني للبحث الزراعي بالرباط، أفادوا بأن هذه الجهود “أساسية للحفاظ على دور البحيرة كمصدر مائي حيوي للحياة البرية ودعم سبل العيش الزراعية والرعوية المحيطة”.

وشددوا على ضرورة محاذاة استراتيجيات الحفاظ على البحيرة مع الهدف الخامس عشر الذي يتعلق بالحياة على الأرض، تأكيداً على “أهمية حماية التنوع البيولوجي”، فضلاً على أن تنمية الفرص في مجال السياحة البيئية حول بحيرة إريقي، مع الحفاظ على نظامها البيئي، “قد تساهم أيضاً بشكل كبير في تحقيق الهدف الثامن للتنمية المستدامة والذي يتعلق بالعمل اللائق والنمو الاقتصادي، وذلك من خلال توفير فوائد اقتصادية للمجتمعات المحلية عبر مبادرات السياحة المستدامة”.

وتعزز الدراسة، وفقاً للمصدر ذاته، أهمية استراتيجيات الحفاظ المتكاملة وطويلة الأجل التي تشمل إدارة المياه، واستعادة النظم البيئية، والتنمية الاجتماعية والاقتصادية، مشيراً إلى أنه بالنظر إلى الموقع الفريد للبحيرة في المنطقة وأهميتها البيئية، “فإنها تمثل تحدياً وفرصة على حد سواء للمحافظين والجهات الفاعلة المحلية وصانعي السياسات”.

كما تعتبر عودة بحيرة إريقي “تذكيراً قوياً بصمود الطبيعة”، لافتة إلى أنه “مع الجهود المنسقة، يمكن أن تصبح نموذجاً للإدارة المستدامة للأراضي الرطبة الصحراوية والأنظمة البيئية في جميع أنحاء العالم”.

وتقع بحيرة إيريقي على بعد حوالي 160 كيلومتراً جنوب مدينة زاكورة، ممتدة على مساحة 7086 هكتاراً، وتعد جزءاً من الحديقة الوطنية لإيريقي، المصنفة ضمن الفئة الرابعة من الاتحاد الدولي للحفاظ على الطبيعة (IUCN).

وتتلقى البحيرة مياهها بعد العواصف من المجاري المائية المؤقتة القادمة من جبال باني، خاصة وادي المحصر، إضافة إلى وادي المدور الجاف حالياً ووادي درعة.

وخلال الفترات الرطبة، تصبح البحيرة محطة حيوية للطيور المهاجرة مثل طيور الفلامنجو والإوز، حيث سجلت في الفترة من 1957 إلى 1968، أعداداً تتراوح بين 500 و1500 زوج متكاثر من الفلامنجو قبل أن تتوقف هذه الطيور عن التواجد نتيجة جفاف البحيرة بسبب انخفاض الأمطار وزيادة التصحر، بعد بناء سد المنصور الذهبي عام 1971.

وتشدد الدراسة على أن بحيرة إيريقي تمثل أهمية متعددة الأبعاد، إذ تعد موطناً مهماً للحياة البرية، ومؤشراً للتغيرات المناخية والهيدرولوجية، مشيرة إلى أن إدارة البحيرة بنجاح تعتبر وسيلة “للحفاظ على التوازن البيئي، وتعزيز التنوع البيولوجي، وتوفير خدمات بيئية حيوية للمجتمعات المحلية”، كما أن موقعها الجغرافي كآخر الأراضي الرطبة قبل الصحراء الكبرى يجعلها محطة مهمة لدعم التنوع البيولوجي الإقليمي والعابر للقارات.

وترى الدراسة ذاتها أنه من المهم أن “يمتد التركيز إلى ما هو أبعد من إحياء البحيرة ليشمل الأسئلة المتعلقة بإمكانية استمرارها على المدى الطويل”،مشيرة إلى أنه من بين القضايا الرئيسية التي يجب مراعاتها “استدامة إمدادات المياه في بحيرة إريقي والسيناريوهات المستقبلية المحتملة لها على ضوء التغيرات المناخية، والنشاط البشري، واستراتيجيات إدارة البيئة المحتملة”، إذ أن فهم هذه الديناميكيات “أمر بالغ الأهمية لوضع سياسات توازن بين الحفاظ على البيئة والتنمية المستدامة”.

ويقترح الباحثون الأكادميون الذين أعدوا الدراسة رسم خرائط هيدرولوجية تفصيلية، مدعومة ببيانات الأقمار الصناعية عالية الدقة، منبهين إلى أنه يساهم في توجيه القرارات المتعلقة بإدارة المياه، بما في ذلك الربط المحتمل مع الأنهار أو التفرعات المحيطة، ويوفر رؤى حاسمة حول مصادر المياه في البحيرة، ومن شأن ذلك أن يكون “أساساً للتجديد المستدام والمرونة، مما يضمن الحفاظ على بحيرة إريقي كمورد بيئي وثقافي ذو قيمة”.

وتقترح الدراسة أيضاً “إعادة تأهيل الأراضي الرطبة” إذ أن ذلك يُعد “أمراً أساسياً للحفاظ على التنوع البيولوجي في المنتزه، ويتطلب اتخاذ تدابير استراتيجية للحفاظ على استدامة المياه والموارد البيئية المحيطة بالبحيرة”.

واستعرضت تدابير رئيسية للحفاظ على بحيرة إريقي، واستعادة النظام البيئي المحيط بها بشكل مستدام، مثل إمدادات المياه إذ أن البحيرة “تحتاج إلى تدابير لضمان استدامة إمدادات المياه، بما في ذلك تنفيذ استراتيجيات مثل بناء سدود تحويل صغيرة من الأنهار المحيطة، مثل وادي درعة ووادي زڭيد، لضمان استمرارية هذه الإمدادات”، فضلاً عن إجراءات تكميلية لاستعادة النظام البيئي التي “تشمل الجهود التي تركز على إعادة التشجير، وتثبيت الكثبان الرملية، والحفاظ على المياه والتربة لدعم النباتات المحلية”، مشيرة إلى أن إعادة توطين الغزلان والنعام كان له أثر إيجابي على النظام البيئي المحلي.

وأكدت على ضرورة تطوير البنية التحتية في المنطقة المحيطة ببحيرة إريقي، وتحسين طرق الوصول إليها، بالإضافة إلى دمج السياحة البيئية كأداة رئيسية للتنمية المستدامة، بحيث أنه من شأن ذلك المساهمة في دعم الاقتصاد المحلي مع الحفاظ على البيئة الطبيعية، لافتة إلى أن المنطقة المحيطة ببحيرة إريقي “تتمتع بمواقع أثرية رائعة وطبقات أحفورية تعود إلى العصر البرمي، مما يوفر تجارب تعليمية وثقافية فريدة للسياح المهتمين بعلم الجيولوجيا وتاريخ الإنسان القديم”.

هذا وأكدت الدراسة الأكاديمية ظهور علامات واضحة على تعافي النظام البيئي حول البحيرة، مشيرة إلى أن الباحثين لاحظوا بالإضافة إلى النباتات والكائنات المائية، وصول أسراب من الطيور المهاجرة، أبرزها مالك الحزين الرمادي (Ardea cinerea)، والبلشون الأبيض الصغير (Egretta garzetta)، وطائر الرمل (Pterocles senegallus وPterocles coronatus)، غراب العنق البني (Corvus ruficollis)، فضلاً عن عصفور الصحراء (Passer simplex)، والبط الكستنائي (Tadorne casarca).

وأوضح الباحثون أن هذه الأنواع من الطيور استخدمت البحيرة كمحطة توقف رئيسية خلال مسار هجرتها بين أوروبا وإفريقيا، وهو ما يثري تنوع الطيور في المنطقة، مشيرين إلى انهم لاحظوا أيضاً بيضها على ضفاف البحيرة، مما يشير إلى استخدام بعض الأنواع للمنطقة كموقع للتكاثر.

ورصد الباحثون أيضاً وجود أنواع من السحالي، بينها السحلية أغاما وسحلية الذيل الشوكي الشمالي الإفريقي (Uromastix acanthinurus)، منبهين إلى أن التنوع بين المفترسات والفرائس يعكس التوازن البيئي المتعافي للمنظومة البيئية المحيطة بالبحيرة.

كما بدأت النباتات في النمو حول البحيرة، خاصة في المناطق الغنية بالرواسب القادمة من الجداول القريبة مثل الطيطان (Pancratium trianthum)، ونبتة القيامة (Anastatica hierochuntica)، والقصب (Phragmites)، والأكاسيا الراديانا (Acacia raddiana)، والحلفاء والجلبان (Juncus).

في المقابل، أظهرت المناطق الرملية والكثبان الطينية الواسعة نمواً محدوداً للنباتات، حيث يقتصر الغطاء النباتي على الأماكن التي تحتوي على مواد عضوية وترسبات التربة.