بعد عام من الاعتصام.. عمال شركة “سيكوم” يعتزمون تأسيس لجنة وطنية للدفاع عنهم

أعلنت لجنة دعم عمال وعاملات شركتي “سيكوم” و”سيكوميك” عن عزمها تأسيس لجنة وطنية لتبني قضيتهم، بعد عام من اعتصام مفتوح مستمر احتجاجاً على تشريدههم، وتنديداً بما وصفوه بـ”المأساة الاجتماعية الكارثية” في حقهم.
وجاء ذلك خلال ندوة صحافية نظمتها لجنة دعم عمال سيكوم/سيكوميك بمكناس، يوم الخميس 17 يوليوز 2025، بمقر الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، بحضور عدد من الفعاليات السياسية والحقوقية.
وفي هذا الصدد، قال حسن بريكي منسق لجنة الدعم المحلية، في حديث مع صحيفة “صوت المغرب”، إن الهدف من تأسيس لجنة وطنية لدعم العمال الذين يقدر عددهم بحوالي 550 عاملاً، هو الترافع على المستوى الوطني من أجل تحقيق مكاسب وحقوق العمال والعاملات.
وأضاف أنه من شأن هذه اللجنة “اتخاذ كل المبادرات لإعطاء دينامية جديدة لهذا الملف، والاتصال في المكتب التنفيذي للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، لفتح قنوات جديدة مع عمال الشركتين باعتبارهم “قطاعاً كان تابعاً لأزيد من 30 سنة”، وإعادة تبنيه لملفهم.
وأشار بركي إلى أن اللجنة الوطنية تتكون من عدد من السياسين والحقوقيين إضافة إلى المستقلين، لافتاً إلى أنه لم يتم تحديد هويات الهيئات المنخرطة.
ويخوض عمال الشركتين بمدينة مكناس منذ سنوات “معركة عمالية” ضد ما يصفونه بـ”سياسات الاستغلال والتشريد”، متهمين عائلة العلمي التازي “إحدى رموز الرأسمالية المغربية المتنفذة”، بممارستهم بحقهم، والتي تمتلك “استثمارات في مجالات النسيج والفلاحة والعقار والفنادق”.
وتعود مشكلة عمال شركة “سيكوم” إلى عام 2007، عندما أخذ صاحب الشركة في إنشاء شركات مؤقتة بأسماء مختلفة تتم تصفيتها في مدة أقصاها أربع سنوات.
وبحسب حسن الحسيني، الكاتب العام لعمال الشركة، فإنه يتم من خلال هذه الشركات التي تعمل تحت العلانية التجارية للشركة الأم “التحايل على اليد العاملة عن طريق الاستغلال بعقدة محددة، وعلى الدولة عن طريق التهرب من الضريبة وساعات العمل”
وفي سنة 2010، بدأ إخضاع العمال للبطالة التقنية “بما يعنيه من تقليص لعدد العمال”، وذلك قبل بيع أرض الشركة سنة 2013، ثم تفويت وسائل نقل العمال “لشركات مرتبطة بشخصيات من عائلة التازي”.
وتم نقل إدارة شركة سيكوم والتقنيين والمسؤولين الإداريين، والآلات الجديدة وعدد من العمال إلى شركات أخرى، في 2015، “تابعة لمجموعة التازي”.
ويوضح الحسيني أنه هذه العملية “تمت في سرية تامة دون علم العمال” الذي عبروا عن رفضهم لكل هذه الإجراءات بعد الكشف عنها.
وفي يونيو 2016 تم تفويت العمال الذين يفوق عددهم 660، إضافة إلى الآلات المتبقية لشركة لـ”يو ميدور” التي يوجد مقرها في فرنسا، وذلك باسم جديد هو “سيكوميك” بمبلغ 250 مليون سنتيم، وبعقد كراء محدد في خمس سنوات غير قابلة للتجديد.
وأشار المتحدث إلى أن صاحب العقار الذي باع المؤسسة رفع دعوى بالإفراغ، لتغلق المؤسسة في 2017، قبل الدفع بإفلاسها وهو ما تم رفضه لتتدخل وزارة الداخلية وتقوم بحل المؤسسة، كما تم منح دعم من قبل السلطات الجهوية والمحلية بقدر 400 مليون سنتيم، مع إعفاءات من صندوق الضمان الاجتماعي، والكراء، ووسائل النقل.
“لكن رغم كل ذلك استمروا في إغراق المؤسسة وجلب سيل من القروض”، يضيف حسن الحسيني وهو أحد العمال المتضررين.
وفي النهاية أعلنت الشركة إفلاسها، وأغلقت أبوابها في وجه 460 عاملة و60 عاملاً، في خطوة تضفها لجنة الدعم بـ”خاتمة المؤامرة”، إذ ألقت الشركة بهؤلاء العاملات والعمال “إلى جحيم البطالة والتشريد”.
وقرر العمال، في يوليوز 2025، الدخول في اعتصام مفتوح أمام وحدة فندقي وسط مكناس، مازال مستمراً إلى اليوم وسط “مضايقات ومحاكمات” بحق مجموعة منهم على خلفية الاحتجاج.
في هذا الصدد، تقول مونيا هل حمنا إحدى عاملات الشركة، في حديث مع صحيفة “صوت المغرب”، إنه رغم كل تلك التعثرات “واصلنا العمل وكنا نظن أن الأمور تسير في اتجاه الإنقاذ، لكن الحقيقة أن النية كانت تتجه نحو إغراق الشركة في الديون”.

وأضافت “رغم مواصلتنا العمل حتى في جائحة كورونا بهدف المساهمة في إنقاذ الشركة من الديون والمشاكل المالية التي كانت تُهدد استمرارها”، إلا أنه تم الدفع بها “نحو الانهيار، لنترك في الشارع”.
وعن خطوة الاعتصام المفتوح، تقول هل حمنا “قوبلنا بالعنف من طرف ‘بلطجية’ الفندق في أول يوم. وتعرضنا للضرب، وللرش بالماء البارد، وبمواد خطير، وكل ذلك تحت أعين السلطة، التي لم تتدخل”، مشيرة إلى أن “ما حدث كان كارثة حقيقية في مكناس”.
وأشارت إلى أن السلطات كانت أول من بادر لتفكيك خيام المعتصمين، “بدعوى تحرير الملك العام”، ورغم ذلك واصل العمال الصمود.
وقالت إن “كل شهر تقريباً تتعرض العالملات والعمال لدعاوى قضائية، بهدف إنهاكهم وتيئيسهم وجرّهم بعيدًا عن قضيتهم الأصلية”.
وأشارت إلى أن “المشغل وحده رفع ضدهم قرابة سبع دعاوى”. وتطالب مونيا بالدعم والمساندة من قبل المحامين والسياسيين والحقوقيين لمواصلة اعتصامهم الذي يتجاوز اليوم السنة، والاستجابة إلى مطالبهم.
وذكرت مونيا أنه بعدما فقدوا مناصبهم “هناك من هددت التزاماته البنكية، كما أن هناك أسرٌ تشردت”.
وقالت مونيا إن غياب التدخل الحاسم من طرف الدولة يدفع للتساؤل: “هل نحن فعلاً نعيش في دولة تحمي مواطنيها؟ هل يُعقل أن يتم طرد 550 عاملاً، 95% منهم نساء، دون أي حل أو تدخل فعلي؟”
وأضافت أن الطعنة الكبرى لم تأت فقط من المشغل، بل من الجهة التي كان العمال يلجأ إليها للحماية، وهي النقابة، في إشارة إلى الكونفدرالية (CDT) قائلة: “ناضلنا مع النقابة لأكثر من ثلاثين سنة، كنا منخرطين ملتزمين، نحضر كل الاجتماعات ونشارك في كل المحطات النضالية. وكنا فيها مثالًا في الالتزام”.
لكن النقابة، في شخص كاتبها المحلي، “خذلتهم ما ساهم بشكل مباشر في إضعاف موقف العمال”، وتوضح مونيا: “بدلاً من أن تكون النقابة صوتنا، أصبحت صمتاً. وبدلًا من أن تدافع عنا، تحوّلت إلى طرف سلبي، إن لم نقل متواطئاً”.
وشددت مونيا على أن السلطة هي الطرف الثالث في هذه المأساة، قائلة: “كان من المفروض أن تكون الدولة وسيطاً وضامنًا للحقوق، لكنها وقفت موقف المتفرج، أو بالأحرى موقف المنحاز ضدنا”.
واستنكرت غياب الحل رغم وضوح المعطيات، مضيفة: “هل يُعقل أن شركة تتكون من 95% من النساء لا تجد من يقدّم لها الحل؟ الحل ممكن إذا توفرت الإرادة. لكن التواطؤ والبرود والصمت كلها مؤشرات على أن هناك من يريد لنا أن نضعف ونتآكل ونستسلم.”
وختمت مونة تصريحها بدعوة كافة الهيئات الحقوقية والنقابية والنسائية إلى الوقوف بجانب العمال والعاملات المطرودين في هذه القضية “التي تمس الحق في الشغل والكرامة والاستقرار الأسري”.