بعد سنوات من القطيعة.. أردوغان يلتقي السيسي في مصر
بعد مضي 11 عاما من القطيعة بين مصر وتركيا على خلفية الدعم الذي أبدته هذه الأخيرة للحركات الإسلامية بمصر إبان الربيع العربي، يزور اليوم الأربعاء 14 فبراير 2024 رجب طيب أردوغان القاهرة في زيارة لترسيخ المصالح تطوى بها سنوات من القطيعة.
وأخذت المسافة الزمنية بين آخر زيارة لتركيا إلى مصر 11 سنة، مرت خلالها العلاقات بين القاهرة وأنقرة بمنعطفات حادة، تزامنت مع تقلبات حقبة الربيع العربي، بلغت حد سحب السفراء وتوقف أشكال التواصل الدبلوماسي الثنائي كافة، بل وقطيعة بين قادة البلدين منذ عام 2013، قبل أن تتحسن العلاقات تدريجيا مؤخرا.
وبالرغم من وجود هذه التوترات الدبلماسية بين البلدين إلا أن التعاون على المستويات الاقتصادية ظل قائما، إذ أنه وعلى امتداد هذه السنوات استمر هذا التعاون وتضاعف حتى بلغ 10 مليارات دولار العام المنصرم.
وتنطوي هذه الزيارة على أهمية كبرى كونها أول زيارة رسمية على مستوى الرؤساء منذ 11 عاماً، إذ كانت آخر زيارة لرئيس تركي إلى مصر هي تلك التي أجراها الرئيس السابق عبد الله جول في فبراير عام 2013، بينما آخر زيارة لأردوغان إلى القاهرة خلال فترة ولايته رئيساً للوزراء في نونبر 2012.
وبعد رفع مستوى العلاقات الدبلوماسية بين أنقرة والقاهرة وتبادل السفراء، تردد أن السيسي سيزور تركيا في يوليو 2023، غير أن الرئيس المصري لم يقم بتلك الزيارة.
ورفعت وزارتا الخارجية المصرية والتركية العام الماضي التمثيل الدبلوماسي بين البلدين إلى مستوى السفراء لإعادة العلاقات إلى طبيعتها بعد انقطاعها منذ عام 2013.
أصل القطيعة
ومن عام 2013 تفاقمت المشكلات بين البلدين بسبب أيديولوجيات ووجهات نظر متباينة لكل من عبد الفتاح السيسي ورجب طيب أردوغان حول قضايا إقليمية، وأبرزها المقاطعة الرباعية العربية لقطر.
إلى جانب الملف الأساسي الذي أجج فتيل الخلاف منذ البداية والذي يتعلق بتأييد أردوغان للإخوان المسلمين في مصر خلال ثورة الربيع العربي، إذ احتج إردوغان علنا على الإطاحة بمرسي واتهم السيسي، بقيادة انقلاب ضد زعيم الإخوان المسلمين.
وتصاعدت حدة الحرب الإعلامية بين البلدين وصولا إلى سحب السفراء، ما مثل بداية قطيعة دبلوماسية استمرت 10 سنوات، وفق تقرير من معهد الشرق الأوسط.
وزادت التوتر بين البلدين في الملف الليبي عام 2020، ما هدد بمواجهة عسكرية كاملة بعد تدخل تركيا عسكريا في الحرب الأهلية في ليبيا، وهي خطوة أثارت رد فعل عنيف من الرئيس السيسي، الذي اعتبرها تهديدا صارخا للأمن القومي المصري.
وإلى جانب التدخل العسكري التركي في ليبيا، غضبت مصر من مذكرة تفاهم تم توقيعها في 3 أكتوبر 2022 بين تركيا وحكومة الدبيبة في طرابلس بشأن التعاون في مجال الهيدروكربونات، معتبرة أن مذكرة التفاهم الموقعة بين حكومة الوفاق الوطني السابقة، ومقرها طرابلس، وتركيا بشأن التنقيب عن النفط والغاز في المتوسط “غير قانونية”.
نقطة التحول
وشكلت المصافحة التي وصفت ب”التاريخية” بين الرئيسين إردوغان والسيسي في نونبر 2022 في الدوحة خلال تنظيم قطر لمونديال 2022، لحظة فارقة.
وفي يوليو الماضي أعلن البلدان استئناف العلاقات على مستوى الدبلوماسي بتعيين سفراء جدد . كما التقى كل من السيسي وأردوغان على هامش القمة العربية الإسلامية التي استضافتها السعودية في نونبر الماضي.
ورجحت تقارير دولية أن الضغوط الاقتصادية للحرب في أوكرانيا والتأثير الناتج عنها على أسعار الطاقة والغذاء، والاتجاه المتزايد لخفض التصعيد الإقليمي والمصالحة، كانت عوامل ساعدت في تمهيد الطريق للتقارب بين إردوغان والسيسي.