story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
سياسة |

بعد دخوله حيز التنفيذ.. نقابة: قانون الإضراب خدع دستور البلاد

ص ص

اعتبر الاتحاد المغربي للشغل قانون الإضراب، الذي دخل حيز التنفيذ أخيراً، “خدعة لدستور البلاد”، مشيراً إلى أنه “أفرغ حق الإضراب من محتواه”.

وقال الاتحاد، يوم السبت 29 مارس 2025، في بلاغ صدر عنه في أعقاب ندوة علمية نظمتها كليات الحقوق بالرباط، إن ملاحظات الأخيرة تؤكد مواقف الاتحاد المغربي للشغل في رفضه لما سمّاه “القانون التكبيلي للإضراب”.

وجاء في الندوة العلمية، حول قرار المحكمة الدستورية بشان القانون التنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب، أن المحكمة الدستورية اعتمدت كل الصيغ المتاحة لها “لتبييض القانون وإنقاذه من عدم الدستورية”.

وأكدت الندوة، التي شارك بها أساتذة مختصون في المجال الدستوري، على أن الإضراب “حق يعلو على باقي الحقوق الاجتماعية والاقتصادية، وأن ممارسته حق دستوري صريح وأحد المقومات الجوهرية لممارسة الحريات النقابية”.

وأشارت إلى أن القاضي الدستوري لم يتطرق لمدى توافق مقتضيات القانون التنظيمي للإضراب مع المعايير الدولية الملزمة للمغرب بناء على ديباجة دستور 2011، والتي تجعل الاتفاقيات الدولية، خاصة الاتفاقية رقم 98 حول حق التنظيم النقابي والمفاوضة الجماعية، جزءاً من الكتلة الدستورية.

وأوضحت أن الإشكال المطروح “هو وجود مقتضيات قضت المحكمة الدستورية بدستوريتها تفرغ الحق في الإضراب من مضمونه الفعلي”، وهو ما يمكن أن يكون “موضوع انتقادات من قبل لجنة الحريات النقابية التابعة لمنظمة العمل الدولية”.

كما أن القاضي الدستوري “اجتهد في تقديم حيثيات جديدة للدفاع عن دستورية مقتضيات لم تكن حتى الحكومة على معرفة بها عندما قدمت هذا القانون التنظيمي، وناقشته في مجلسي البرلمان”. وقال الاتحاد المغربي للشغل إن ذلك يطرح التساؤل مطروحا بشأن ما إذا كان “القضاء الدستوري قد انتصر للخيارات السياسية للحكومة”، وفقاً لخلاصات الندوة العلمية.

ولفتت إلى أنه كان على المحكمة الدستورية “التصريح بمخالفة بعض بنود القانون التنظيمي لمقتضيات الدستور”، موضحة أن ذلك يتجلى في نقطتين، تتعلق أولاهما بـ”التشريع خارج الترخيص الدستوري، إذ أن القانون التنظيمي يتضمن مقتضيات لا تدخل في المجالين المحصورین دستوریاً”.

وأشارت الندوة إلى “التأويل المعيب لمقتضيات الدستور عند تعريف الإضراب”، مبرزة أنه “تم اعتماد تأويل ضيق يتوسع في مجال منع حق الإضراب،ولا يجعل من الإضراب جزءاً لا يتجزأ من الحريات والحقوق الأساسية لجميع المغاربة”، خاصة مع هيمنة منطق الضرورة العامة على منطق الحريات الأساسية.

ومن الخلاصات أيضاً، أنه كان من الأجدر عدم تمكين رئيس الحكومة من سلطة منع أو وقف الإضراب في حالات محددة “بسبب ازدواجية وضعية رئيس الحكومة، وتداخل أدواره” كرئيس للإدارة، ومشغل عمومي، ووصي مشرف على القطاعات العمومية وشريك اجتماعي،

وبالمقابل “كان من الممكن أن يرجح القاضي الدستوري إسناد إصدار الأمر بمنع الإضراب أو وقفه بصفة استثنائية لجهة القضاء”، وذلك توخياً لنجاعة الانتصاف القضائي، وتفادياً للتعسف في تأويل مقتضى استثنائي لعرقلة الحق في الإضراب.

هذا، وشددت المداخلات في الندوة على أن طول الأجال القانونية للإخبار بالإضراب، وتعقيد مسطرة ممارسة الإضراب، وتوسيع لائحة المرافق الحيوية، وعدم تعريف دقيق للحد الأدنى للخدمة، وإعطاء سلطات واسعة للسلطات العمومية لمنع الإضراب وحق فض الاعتصام دون الرجوع إلى القضاء، واتخاذ إجراءات للحد من تأثير الإضراب، “كلها إجراءات من شأنها أن تجعل القانون التنظيمي قانوناً لمنع الإضراب، وتكبيله عوض بسط شروط وكيفيات ممارسة هذا الحق”.

ومن جانبه، اعتبر الاتحاد المغربي للشغل أن خلاصات الندوة “تنتصر للخيار الديمقراطي الذي أقره المغرب كثابت من ثوابت الأمة، خاصة الحقوق الأساسية للطبقة العاملة ولعموم المواطنين وفي مقدمتها الحق في الإضراب”.

وأشار الاتحاد، الذي حضر وفد ممثل عنه بالندوة، إلى أنها تؤكد في الوقت ذاته مواقفه في رفض القانون الذي “يقيد ويسلب، ويجرم حق الإضراب المكفول بواسطة المقتضيات الدستورية، والقواعد الحقوقية، والمواثيق الدولية”.

وحملت النقابة العمالية الحكومة مسؤولية “نهجها الانفرادي، وعدم استيعابها للمنهجية الديمقراطية التشاركية القائمة على إشراك الحركة النقابية واحترام مؤسسة الحوار الاجتماعي”، لافتة إلى أن الحكومة “لم تعمل على حفظ توازن المصالح بين أطراف الإنتاج، بل قامت بتغليب مصلحة أرباب العمل على حساب الطبقة العاملة بمختلف مكوناتها”، وهو ما “يضرب في العمق مضمون الدستور حول الحق في الإضراب”.

وخلص إلى أن الملاحظات التي أوردها الأساتذة المختصون في القانون الدستوري، أثناء الندوة العلمية، تؤكد الحاجة إلى ضرورة إعادة النظر في القانون الذي وصفته بـ”غير الشرعي” لجعله أكثر انسجاماً مع المبادئ الديمقراطية والمقتضيات الدستورية، والمواثيق الدولية بما يضمن حماية حقيقية للحق في الإضراب.