بعد الاعتراف الفرنسي بمغربية الصحراء.. تبون: باريس فقدت الجزائر دون أن تكسب شيئا

دخلت العلاقات الجزائرية الفرنسية في أزمة غير مسبوقة خلال الأشهر الستة الأخيرة، حيث تصاعدت التوترات السياسية بين البلدين، خاصة بعد اعتراف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بسيادة المغرب على صحرائه أواخر يوليوز الماضي.
الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، في مقابلة أجرتها معه صحيفة “لوبينيون” (L’Opinion) الفرنسية ونشرت الأحد، وصف القرار الفرنسي بـ”الخطأ الجسيم”، مؤكداً أن “باريس فقدت الجزائر دون أن تكسب أي شيء سياسيًا”.
ملف الصحراء المغربية وارتباطه بالأزمة
اعتراف باريس بمغربية الصحراء كان بمثابة الضربة التي عمقت الأزمة بين البلدين؛ حيث كشف تبون في حواره، أن ماكرون أبلغه شخصيًا بنيته الاعتراف بمغربية الصحراء خلال لقائهما في قمة مجموعة السبع في يونيو 2024، وهو ما اعتبره الرئيس الجزائري “خطوة غير محسوبة العواقب”.
كما أشار إلى أن هذه الخطوة تتناقض مع وضع فرنسا كعضو دائم في مجلس الأمن، المفترض أن يكون “حاميًا للشرعية الدولية”، وفق تعبيره.
وفي غضون ذلك، حذرَّ تبون “من تأثيرات هذا الاعتراف على العلاقات بين البلدين”، وربط هذه الخطوة بحسابات سياسية داخلية فرنسية.
وبينما تتصاعد الأزمة بين الجزائر وباريس، شهدت العلاقات المغربية الفرنسية بالمقابل تحسنًا ملحوظًا، خاصة بعد قرار ماكرون الاعتراف بمغربية الصحراء، وهو ما وصفه تبون بـ “الانحياز الواضح” من باريس، ما أدى إلى تعليق شبه كامل للعلاقات السياسية والتعاون الأمني بين الجزائر وفرنسا.
ويرى العديد من الخبراء هذه الخطوة شكلت تحولا استراتيجيا في الموقف الفرنسي من نزاع الصحراء المفتعل، مما عزز الشراكة المغربية الفرنسية في مجالات عدة، لا سيما الاقتصادية والأمنية.
معالم تصعيد الأزمة
ومن جهة أخرى، تحدث تبون في مقابلته مع الجريدة الفرنسية عن حملة يقودها اليمين الفرنسي المتطرف ضد الجزائر، متهمًا بعض الشخصيات السياسية الفرنسية بمحاولة تقويض العلاقات الثنائية عبر التصعيد الإعلامي والدبلوماسي.
كما هاجم منح فرنسا حق اللجوء أو الجنسية لجزائريين وصفهم بأنهم “مجرمون اقتصاديون أو عناصر تخريبية”، معتبرًا ذلك تدخلاً في الشؤون الداخلية للجزائر.
وأكد الرئيس الجزائري أن بلاده لن تسمح باستمرار ما أسماه بـ”الابتزاز الفرنسي”، مشيرًا إلى أن الجزائر لم تعد بحاجة إلى المساعدات الفرنسية.
مستقبل العلاقات بين البلدين
ومن جانب آخر، أكدَّ تبون في حديثه مع “لوبينيون” أن بلاده لن تتردد في إعادة تقييم علاقتها بفرنسا في ظل “السياسات العدائية” التي تتبناها بعض الجهات السياسية في باريس.
وفي الوقت نفسه، أشار إلى أن بلاده مستعدة لإعادة فتح قنوات الحوار، بشرط تغيير باريس لسياستها تجاه الجزائر، خاصة فيما يتعلق بالملفات الأمنية والمذكرات التاريخية.
وشدد المتحدث ذاته، على انفتاح الجزائر “المشروط” على استئناف التعاون الأمني مع فرنسا، “ولكن فقط إذا التزمت باريس بتغيير نهجها في التعامل مع الملفات العالقة، وعلى رأسها ملف الصحراء”.