story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
دولي |

بعد إسقاط حكومة بارنييه.. محلل يقارب تأثير الأزمة الفرنسية على مصالح المغرب

ص ص

تعيش الجمهورية الفرنسية أزمة سياسية صعبة، لم تعرف مثيلا لها منذ عقود، وذلك عقب حجب الثقة عن الحكومة من طرف الجمعية العمومية (الغرفة الأولى في البرلمان الفرنسي) يوم أمس، بسبب “الخلافات المحتدمة حول ميزانية تقشفية مثيرة للجدل”.

حَجبُ البرلمان الفرنسي الثقة عن الحكومة يعني سقوط هذه الأخيرة التي لم يمر على تنصيبها أكثر من 3 أشهر فقط، وهي التي جاءت بعد انتخابات تشريعية فرنسية سابقة لأوانها، دعا لها رئيس الدولة إيمانويل ماكرون في يونيو الماضي عقب الهزيمة المدوية للأغلبية الرئاسية في الانتخابات الأوروبية التي لم تحصل فيها لائحة الرئيس ماكرون وحلفاؤه على أكثر من 15% من أصوات الفرنسيين.

وفي خضم هذا الوضع المأزوم الذي تعرفه الجمهورية الخامسة، تحضر مصالح المملكة المغربية وارتباطاتها المتشعبة مع شريكها التقليدي، ومدى تأثرها بهذه الأزمة السياسية، خصوصا بعد الزيارة التاريخية التي قام بها ماكرون إلى المغرب نهاية أكتوبر الماضي، والتي تُوجت بالتوقيع على “شراكة استراتيجية وطيدة”، عبدت طريق مصالحهما المشتركة، بعد الاعتراف الفرنسي الرسمي بسيادة المغرب على صحرائه.

علاقة دول وليست علاقة أشخاص

وفي هذا الصدد يقول أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة عبد المالك السعدي محمد العمراني بوخبزة، إن “تلك الاتفاقيات وما تم التوافق حوله ما بين المغرب وفرنسا، خلال الزيارة الأخيرة لماكرون للمغرب، هو علاقة ما بين الدول وليست علاقة ما بين أشخاص، وبالتالي لا تتأثر بالتغيرات التي تقع داخل مؤسسات الدولة”، موضحا أن الأمر يتعلق بالتزامات الدولة “وليس التزامات أشخاص أو بين طرف سياسي وطرف سياسي آخر”.

ويضيف الأستاذ الجامعي أن العلاقات الخارجية تعتبر مجالا محفوظا لرئيس الجمهورية، ولا علاقة لها بالسلطات الأخرى سواء تعلق الأمر بالحكومة أو بالبرلمان.

“البرلمان فعلا له دور على مستوى تلك الاتفاقيات التي لها تكلفة مالية تناقش ويتم اعتمادها والمصادقة عليها من قبل البرلمان، ولكن على مستوى التخطيط وعلى مستوى وضع الاستراتيجيات المتعلقة بالمجال الخارجي تبقى من المجال المحفوظ للرئيس” يقول محمد العمراني بوخبزة.

وبغض النظر عن الرئيس أو من يقود البلاد، تحكم الدول ثوابت تعتمدها في علاقاتها الخارجية ومع شركائها التقليديين أو الموثوق بهم، بحكم القضايا المشتركة والمصالح المتبادلة، “ولذلك ما يقع من تغييرات على مستوى قيادة الدولة وطبيعة التحالفات التي قد تقع، فذلك يبقى محدودا جدا ولا يؤثر كثيرا على ثبات تلك العلاقات”.

ماكرون يدبر المستحيل

وفي ما يتعلق يالسيناريوهات المطروحة أمام الرئيس ماكرون، لتجاوز الأزمة السياسية لفرنسا عقب سقوط حكومة ميشيل بارنييه، استعرض أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية العمراني بوخبزة الخيارات “الضيقة” التي سيعتمدها رئيس الجمهورية الفرنسية لتدبير ما وصفه بـ “المستحيل”.

وقال المتحدث ذاته، “إن الخيارات الآن تبقى محدودة بيد الرئيس”، مشيرا إلى أن الخيار الأول هو أن يقدّم الرئيس ماكرون استقالته والدعوة لانتخابات رئاسية جديدة، “وهذا أمر مستبعد كما صرح هو شخصيا بذلك”.

وفي هذا السياق، طلبت رئيسة مجموعة حزب فرنسا الأبية في الجمعية الوطنية ماتيلد بانو من “إيمانويل ماكرون الرحيل”، داعية إلى “انتخابات رئاسية مبكرة”، إلا أن مصير ماكرون الذي تستمر ولايته حتى 2027، غير مرتبط دستوريا بحجب الثقة عن حكومة رئيس الوزراء ميشال بارنييه.

أما الخيار الثاني وهو “أن يعيد ماكرون الثقة لنفس الوزير الأول، وهنا يتوجب عليه البحث عن تشكيلة حكومية، يمكن أن تكون فيها مشاركة لأطياف سياسية مختلفة وهو ما يفرض عليه إجراء تفاوض مع هذه الأطراف”.

فيما يبقى الخيار الثالث وهو أن “يتم اختيار شخصية أخرى ربما تكون مطالبة بتقديم تنازلات كبيرة جدا لباقي الفرقاء السياسيين، وهو أمر صعب للغاية بحكم ما تطالب به كل هيئة سياسية من تنازلات”.

وخلص المحلل السياسي إلى أن الوضعية جد ضبابية، لم يسبق لفرنسا أن مرت بها منذ سنة 1962، بحكم عدم قدرة أي أسرة سياسية على الحصول على الأغلبية المطلقة، “وهو ما يمكن معه القول إن ماكرون من الناحية السياسية يدبر المستحيل”.

سبب الأزمة

وعرفت فرنسا خلال الثلاثة أشهر الأخيرة التي تلت تنصيب الحكومة الحالية بقيادة ميشيل بارنييه اضطرابات سياسية، أججتها المعارضة، على خلفية رفضها “تدابير التقشف” في ميزانية 2025، وذلك بعدما تشبث بارنييه بقرار استدعاء المادة 49.3 من الدستور الفرنسي، متجاوزا التصويت البرلماني من أجل إقرار ميزانية السنة المقبلة.

هذه الخطوة أدت إلى توحيد صفوف المعارضة من أجل التصويت على إسقاط الحكومة، بعد المصادقة على مذكرة حجب الثقة التي تقدم بها تحالف “الجبهة الشعبية الجديدة” اليساري.

وفي ذات السياق، نقلت وكالة رويترز أن ماكرون يعتزم تعيين وزيرا أولا “بسرعة” وحتى قبل الاحتفال بإعادة افتتاح كاتدرائية نوتردام السبت المقبل، مشيرة إلى أنه لا يمكن إجراء انتخابات برلمانية أخرى قبل يوليوز المقبل.

ويبقى الخيار الآخر لماكرون هو أن يطلب من بارنييه وحكومته البقاء بصلاحيات تصريف الأعمال ليتيح لنفسه وقتا لاختيار وزير أول قادر على كسب دعم كاف من أغلب الأحزاب لإقرار التشريعات.

وينتظر أن يوجه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خطابا إلى الشعب الفرنسي عبر التلفزيون مساء اليوم الخميس وفق ما نقله قصر الإليزيه الرئاسي.