story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
أمن وعدالة |

بسبب منع الجمعيات من ملاحقة المختلسين.. حقوقيون يرفعون شكاية للملك ضد وزير العدل

ص ص

وجهت المنظمة المغربية لحقوق الإنسان ومحاربة الفساد شكاية لدى الملك محمد السادس ضد وزير العدل عبد اللطيف وهبي، بعد تعديلات قانون المسطرة الجنائية التي صادق عليها المجلس الحكومي الخميس الماضي، وتضمن مادة تستثني جمعيات المجتمع المدني من ملاحقة ناهبي المال العام.

وجاء في شكاية المنظمة، الموجهة للملك والتي اطلعت صحيفة “صوت المغرب” على نسخة منها، “تضع الأمانة العامة للمنظمة المغربية لحقوق الإنسان ومحاربة الفساد شكايتها بين أياديكم الشريفة والعادلة، ضد السيد وزير العدل الذي أعلن عن سعيه لتعديل مجموعة من التصورات في القانون الجنائي، بهدف منع جمعيات حماية المال العام من مقاضاة رؤساء الجماعات، وتفريغ مفهوم الحكامة الجيدة من مضامينها الحقيقية التي تربط المسؤولية بالمحاسبة”.

وأثار التعديل الجديد قانون المسطرة الجنائية، الخميس 29 غشت 2024، نقاشاً بشأن مضمونها خاصة في ما يتعلق بالمادة الثالثة من القانون، التي تنص على أنه ”لا يمكن إجراء الأبحاث وإقامة الدعوى العمومية في شأن الجرائم الماسة بالمال العام، إلا بطلب من الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض بصفته رئيساً للنيابة العامة بناء على إحالة من المجلس الأعلى للحسابات، أو بناء على طلب مشفوع بتقرير من المفتشية العامة للمالية والمفتشية العامة للإدارة الترابية أو المتفشيات العامة للوزارات أو من الإدارات المعنية، أو بناء على إحالة من الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها أو كل هيئة يمنحها القانون صراحة ذلك”.

واعتبرت الجمعية المغربية لحماية المال العام التعديل تجريداً للمجتمع أفراداً وجماعات من كل الأدوات والإمكانيات القانونية والمسطرية والحقوقية للتصدي للفساد وللصوص المال العام، والمطالبة بربط المسؤولية بالمحاسبة “بعدما اتضح للمستفيدين من واقع الفساد أن الظرفية الحالية تسمح بتمرير هكذا قوانين تشكل في عمقها ردة حقوقية ودستورية”.

وقال محمد الغلوسي رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، في حديث مع صحيفة “صوت المغرب”، بوقت سابق إن المادة المذكورة “تترجم الإرادة الواضحة للتوجه المستفيد من الإثراء غير المشروع، وواقع الريع والفساد واستغلال مواقع المسؤولية العمومية”، والهادفة إلى إغلاق الحقل الحقوقي والمدني “وإفراغه من محتواه لإنهاء أي ازعاج أو تهديد أو تشويش على مصالح شبكات ومافيات الفساد والريع”.

وأورد الحقوقي والمحامي بهيئة مراكش محمد الغلوسي أنه من شأن هذه المادة تقويض الدستور المغربي واتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد التي صادق عليها المغرب، والقانون رقم 10-37 الخاص بحماية المبلغين عن جرائم الفساد، فضلاً عن كونها “تقيد مهام ودور النيابات العامة والشرطة القضائية فيما يتعلق بالتصدي لمخالفات القانون الجنائي كما هو وارد في المسطرة الجنائية المعمول بها حالياً”.

من جهتها، اعتبرت فيدرالية اليسار الديمقراطي “منع المجتمع المدني من محاربة الفساد” بواسطة قانون المسطرة الجنائية الجديد “خرقاً للدستور وإجراءاً احترازياً” يهدف إلى حماية الفاسدين، مشيرة إلى أن ذلك بسبب وجود سياسيين متورطين في مراكمة الثروات ونهب المال العام و الرشوة والتهرب الضريبي.

وعدّ البدالي صافي الدين عضو المكتب السياسي للحزب، مصادقة الحكومة على هذا القانون تنفيذاً لتهديدات وزير العدل عبد اللطيف وهبي لجمعيات حماية المال العام منذ توليه مهام الوزارة في حكومة أخنوش، “مدعياً أن ليس لها الحق أن تتقدم إلى الوكيل العام بشكايات تتعلق بالفساد المالي، لأن ذلك موكول إلى الدولة، ولأن المستشارين ضاقوا من عمل هذه الجمعيات مما سيؤثر على العملية الانتخابية مستقبلاً”.

وتساءل البدالي وهو رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام بمراكش، في تقرير نشره الموقع الرسمي للفيدرالية، “لماذا تعديل المسطرة الجنائية في هذا الظرف؟” الذي أصبح فيه “عدد البرلمانيين والمستشارين الجماعيين المتابعين في قضايا الفساد ونهب المال العام والرشوة والتزوير يشكل نسبة مقلقة لدى الرأي العام الوطني والدولي”، ويجيب في الوقت نفسه إنه “إجراء وقائي” للحكومة ضد تدخل جمعيات حماية المال العام للحد من المتابعات، “خاصة وأن أغلب المتابعين هم من الأغلبية الحكومية”.

وكان وزير العدل عبد اللطيف وهبي قد عبر في أكثر من مناسبة أمام البرلمان عن رفضه لقيام جمعيات حماية المال العام بوضع شكايات أمام النيابة العامة ضد منتخبين وشخصيات في قضايا اختلاس المال العام، معبراًعن انزعاجه مما وصفه بالتوظيف السيء لهذه الشكايات واستعمالها في تصفية الحسابات السياسية.

واتهم الجمعيات بممارسة الابتزاز ضد المنتخبين، وهو ما أثار حينها غضباً واسعاً في صفوف جمعيات حماية المال العام التي لم يعزز اتهاماته لها بوقائع ملموسة، في الوقت الذي تمت فيه متابعة عدد من المنتخبين قضائياً وإدانتهم بناء على شكايات حول الفساد ونهب المال العام وضعتها هذه الجمعيات.