“بسبب عدم التجاوب معهم”.. الأطباء يصعدون في وجه الحكومة ويواصلون الإضراب
ما زال قطاع الصحة والحماية الاجتماعية يشهد احتقانا متزايدًا وسلسلة من الإضرابات المتواصلة، التي يذكيها، حسب الشغيلة الصحية، “عدم تفاعل الوزير مع مطالبهم”، ما دفعهم إلى الإعلان عن “مخطط نضالي يمتد لثلاثة أسابيع”، يتضمن إضرابا لمدة ثلاثة أيام اعتبارًا من يوم غد الثلاثاء 24 ديسمبر 2024.
وفي هذا الصدد، قال الكاتب الوطني للنقابة المستقلة لأطباء القطاع العام المنتظر العلوي، إن “طموحنا كنقابات هو الحوار، ولم نمارس أبدًا العكس الذي يتمثل في سياسة الكرسي الفارغ”، مشيرا إلى أن “طلبهم لعقد لقاء مستعجل مع وزير الصحة والحماية الاجتماعية لم يجد أي تفاعل باستثناء اللقاء البروتوكولي الأول الذي عُقد في نونبر الماضي”.
وأكد العلوي، في حديثه مع صحيفة “صوت المغرب”، أنه “لم يفتح أي حوار جاد حتى الآن”، موضحًا أنه “عندما نقوم بتشخيص المشاكل ونشير إلى الاختلالات، فإننا نوفر أيضًا الأفكار والحلول المقترحة”، لافتا في ذات السياق إلى أنه “لتحقيق حلول عملية ومناقشتها حول مائدة مستديرة في إطار حوار جاد ومسؤول، لم نجد حتى اللحظة أي تجاوب أو مبادرة حقيقية من طرف وزارة الصحة والحماية الاجتماعية”.
وأضاف المتحدث ذاته “نعتقد أن الحل يجب أن يتجه في مسار معين، ولهذا نحن ملتزمون بتنفيذ المخطط النضالي الذي حددناه في المجلس الوطني الأخير، والبلاغ الصادر عن المجلس كان واضحًا وشمل خطوات عملية تمتد لثلاثة أسابيع من النضال المتواصل، استمرارًا لما بدأناه منذ فصل الصيف دون أي توقف”.
وأشار النقابي إلى أن الأسبوع الحالي يمثل الأسبوع الثالث من النضال، مؤكدا أن “النقابة ملتزمة بتنفيذ جميع القرارات التي تم الإعلان عنها في البلاغ الأخير، حيث قال: “إذا ظهرت أي بوادر إيجابية أو تجاوب من الطرف الآخر، ربما كنا سنشهد انفراجًا في هذا الوضع، لكن للأسف، لم ترد أي بادرة حتى الآن، وإذا ظهرت فنحن مستعدون لاستقبالها”.
واستطرد العلوي، “نحن لا نسعى إلى الاحتقان من أجل الاحتقان، بل نحاول إيجاد حلول تُرضي جميع الأطراف وتحقق العدالة للشغيلة الصحية، لكن للأسف، المسببات التي دفعتنا إلى إعلان هذا الاحتقان ما زالت قائمة دون أي تغيير يُذكر، وبوادر التواصل أو الانفراج ما زالت غائبة”.
واستمرارا لمسلسل الاحتقان الذي يعرفه قطاع الصحة والحماية الاجتماعية، أعلنت النقابة المستقلة لأطباء القطاع العام عن خوضها إضرابا وطنيا آخر، أيام الثلاثاء الأربعاء والخميس 24 و 25 و 26 دجنبر 2024، بكل المؤسسات الصحية باستثناء أقسام المستعجلات والإنعاش، احتجاجا على “عدم تفاعل الحكومة مع مطالبهم، وعدم عقد أي اجتماع معهم لنزع فتيل الاحتقان، وخفض مستويات التذمر لديهم”.
وإضافة إلى ذلك، أعلنت النقابة في بلاغ لها، عن تنظيمها لوقفات احتجاجية جهويا وإقليميا من 30 دجنبر 2024 إلى 05 يناير 2025، وتوقيف جميع الفحوصات الطبية بمراكز التشخيص من 30 دجنبر 2024 إلى 03 يناير 2025، وإضراب الخواتم الطبية طيلة “أسبوع الغضب”، والمشاركة في المسيرة الوطنية بالرباط ضد قانوني الإضراب والتقاعد يوم الأحد 29 دجنبر 2024.
وكانت النقابة قد خاضت إضرابا وطنيا يومي الثلاثاء والأربعاء 17 و 18 دجنبر 2024 بكل المؤسسات الصحية باستثناء أقسام المستعجلات والإنعاش، وهو الأمر الذي استمرت في نهجه منذ صيف هذه السنة.
“تراجع الحكومة”
وسجلت النقابة في بلاغ لها، “تكريس استهداف حقوق الشغيلة الصحية” عبر غياب ضمانات حقيقية للحفاظ على صفة “موظف عمومي كامل الحقوق” ومركزية الأجور ومناصب مالية مركزية والأجور من الميزانية العامة “ضمن فصل نفقات الموظفين”، مبرزة “حرمان الأطباء من الزيادة في الأجر دونا عن كل الموظفين بالقطاع العام”.
وأشارت الهيئة النقابية في بلاغ توصلت صحيفة “صوت المغرب” بنسخة منه، إلى “التجاهل الكلي لكل النقاط الخاصة بالمطالب ذات الأثر المادي، والأخرى التي تخص ضمانات الوضعية الاعتبارية”، بالإضافة إلى ملاحظات بخصوص النقاط المطلبية التي بقيت عالقة، مبدية “تشبثها بمطالبها على رأسها درجتين فوق خارج الإطار و التي اتفق بخصوصها منذ 2011.”
واستنكر المصدر ذاته، “عدم الالتزام الحكومي و التراجع المستمر عن كل ما اتفق عليه والذي تم توقيع محضر اتفاق عام بشأنه يوم 29 دجنبر 2023، و بالمحضر الخاص بين نقابتنا و وزارة الصحة نهاية يناير 2024”.
وأشارت النقابة إلى عدم كفاية التعديل الذي طرأ على مشروع قانون المالية لسنة 2025، معتبرة أنه “لم يحمل حلا نهائيا لحذف المناصب المالية المركزية، بل أحال هاته التفاصيل على المجهول بتأجيلها إلى حين صدور نص تنظيمي”.
ووقفت النقابة على ما أسمته “فضيحة مشروع النظام الأساسي النموذجي” الذي يحمل في طياته فصولا “ملغومة تخص الممارسة اليومية بالمؤسسات الصحية و تضرب في العمق مجموعة من الحقوق الأساسية و المكتسبات المكفولة في النظام الأساسي للوظيفة العمومية”.
وأضافت الهيئة النقابية أن هذا المشروع “يعطي للمدير العام صلاحيات للعزل، الطرد التعسفي، والشطط في استعمال السلطة واليد الطولى بالاستفراد في ما يخص التقرير في مجموعة من النقاط” التي تهم مباشرة الحياة المهنية للشغيلة الصحية عامة، ودون الرجوع في كثير من الأحيان إلى الهيئات الدفاعية من ممثلين ولجان ثنائية.
إيقاف إصدار الشواهد الطبية
وقالت الهيئة ذاتها إنها ستمتنع عن تسليم شواهد رخص السياقة وعن منح جميع أنواع الشواهد الطبية باستثناء شواهد الرخص المرضية المصاحبة للعلاج، وستعمم فرض الشروط العلمية للممارسة الطبية و شروط التعقيم داخل كل مصالح المؤسسات الصحية و المركبات الجراحية مع استثناء الحالات المستعجلة فقط.
وأعلنت بذلك، عن مقاطعتها لبرنامج اوزيكس و كل البرامج المشابهة له، ومقاطعة حملة الصحة المدرسية لغياب الحد الأدنى للمعايير الطبية و الإدارية، ومقاطعة الحملات الجراحية “العشوائية” التي لا تحترم المعايير الطبية و شروط السلامة للمريض المتعارف عليها والقوافل الطبية وجميع الأعمال الإدارية غير الطبية والتقارير الدورية وسجلات المرتفقين.
وأفصحت النقابة أيضا عن مقاطعة تغطية التظاهرات التي لا تستجيب للشروط الواردة في الدورية الوزارية المنظمة لعملية التغطية الطبية للتظاهرات، والإحصائيات باستثناء الإخطار بالأمراض الإجبارية التصريح، والشواهد الإدارية باستثناء شواهد الولادة و الوفاة، والاجتماعات الإدارية و التكوينية.
مركزية الأجور
وأكدت النقابة المستقلة لأطباء القطاع العام تشبثها بالمناصب المالية المركزية و بأجور من فصل نفقات الموظفين للميزانية العامة و بصفة موظف عمومي كامل الحقوق مع القيام بأي تعديلات ضرورية للقانونين 08.22 و 09.22.
وطالب المصدر ذاته الحكومة المغربية باحترام التزاماتها و التراجع عن مشاريع القوانين وكذا القرارات التي حملها قانون المالية.
ودعا وزارة الصحة والحماية الاجتماعية، ومن خلالها الحكومة المغربية إلى الاستجابة العاجلة للملف المطلبي الوطني للنقابة المستقلة لأطباء القطاع العام بكامل نقاطه وعلى رأسها درجتين فوق خارج الإطار و الزيادة في الأجور