story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
سياسة |

بثينة قروري تكتب: نجاحات خارجية ومآزق داخلية

ص ص

على الصعيد الدبلوماسي سجل المغرب خلال هذه السنة مجموعة من الخطوات النوعية على مستوى قضية الوحدة الترابية للمملكة، ويمكن أن نسجل بكل بإيجابية مواقف عدد من الدول بخصوص القضية الوطنية من قبيل فرنسا وإسبانيا وبريطانيا وعدد من الدول الأخرى التي طورت موقفها اتجاه القضية الوطنية..

هذه النجاحات الدبلوماسية ينبغي أن توازيها نجاحات على المستوى القانوني في أفق الحسم النهائي لهذه القضية.

على الصعيد الداخلي:

يبدو الحدث الأبرز خلال هذه السنة هو تسارع وثيرة الأشغال المرتبطة بالاستحقاقات تنظيم كأس العالم من طرف كل من المغرب وإسبانيا والبرتغال بشكل مشترك سنة 2030 بحول الله، وهو ما يتوقع معه تغير ملموس في وجه المدن “المونديالية” من الناحية العمرانية وتحديث البنية التحتية، بالموازاة مع هذا التطور الإيجابي تبرز تحديات أخرى من الناحية الاجتماعية والإنسانية خصوصا بالنسبة للكلفة الإنسانية لتغيير تصاميم التهيئة ونزع الملكية وما يترتب عنه من ترحيل لعدد من السكان من أحيائها السكنية، وهو ما يستلزم تعبيد الطريق نحو المونديال بدون مآسي إنسانية، أما التحدي الثاني فهو تعمق الهوة المجالية بين المدن المونديالية وعددا من مناطق المغرب، وهو ما يستلزم بلورة رؤية للتأهيل العمراني وتطوير البنى التحتية لباقي المناطق في المستقبل، والاشتغال على موضوع العدالة المجالية.

موضوع مدونة الأسرة

خلال السنة التي ودعناها احتدم النقاش في الفضاء العام حول التعديلات المنتظرة على مدونة الأسرة، مبادرة التعديل التي جاءت في الخطاب العرش لسنة 2022، توجت بإصدار بلاغ للديوان الملكي أحال فيه الملك باعتباره أمير المؤمنين مخرجات الهيئة المكلفة بمدونة الأسرة، المتعلقة بالجوانب الشرعية، على المجلس العلمي الأعلى لإبداء الرأي الشرعي فيها، كما قام الملك بصفته أمير المؤمنين بالتحكيم بالنسبة للقضايا التي اقترحت فيها الهيئة أكثر من رأي.

الوظيفة الدينية للملك ستبرز مرة أخرى هذه السنة من خلال دعوة المغاربة إلى عدم القيام بشعيرة أضحية العيد هذه السنة، بالنظر للتراجع الحاد في نسبة القطيع وتخفيفا عن الناس من الغلاء المتوقع للأسعار، وهو ما لقي استحسانا من طرف الكثيرين لهذه الخطوة، مع تحميل الحكومة مسؤولية الإخفاق في سياستها الفلاحية التي فشلت في توفير القطيع رغم حجم الدعم المقدم للمستوردين والتسهيلات الجمركية المقدمة من أجل الاستيراد.

الحضور الملكي رغم الوضع الصحي

تسجل المؤسسة الملكية حضورها في الحياة السياسية المغربية رغم الوضع الصحي للملك، فعملية صنع القرار لا زالت تتسم بهيمنة المؤسسة الملكية في صيغتها التنفيذية، ولازالت الإصلاحات الكبرى تنطلق من الأعلى، وذلك من خلال تدشين عدد من المشاريع المتعلقة بالسياسات العمومية كإعطاء الانطلاقة لإحداث منصة المخزون والاحتياطات الأولية لجهة الرباط سلا القنيطرة، أو إعطاء انطلاق أشغال الخط السككي الفائق السرعة القنيطرة ومراكش، أو من خلال الخطب المنتظمة خلال المناسبات الوطنية.

تحديات خطيرة تواجه المغرب

إن بنية المجتمع المغربي تتجه بسرعة مهولة للشيخوخة بحيث وصلنا إلى أدنى نسبة من تجدد الأجيال، وتتوقع المندوبية السامية للتخطيط ارتفاع عدد الأشخاص المسنين من 4 إلى 10 ملايين نسمة في عام 2050، مما يشكل تحديا ديموغرافيا كبيرا.

كما أن نسبة البطالة وصلت في المعدل الوطني إلى 13 ٪ ، وتصل في العالم الحضري إلى 16٪، مع غياب دعم مادي قار للأشخاص الذين لم يتمكنوا من ولوج سوق الشغل أصلا، وانسداد آفاق الاندماج الاقتصادي والاجتماعي أمامهم،

وتشير الأرقام أن من بين 5,9 ملايين شاب تتراوح أعمارهم ما بين 15 و24 سنة، نجد أن 15,4% يزاولون شغلاً، فيما 7,4% يبحثون عن شغل، في المقابل نجد أن 77,2% هم خارج سوق العمل، وهم بالأساس من الطلبة والتلاميذ وربات البيوت.

كما تكشف الأرقام أن أكثر من شاب من بين أربعة تتراوح أعمارهم ما بين 15 و24 سنة يصنفون ضمن فئة من”لا يشتغلون، وليسوا بالمدرسة ولا يتابعون أي تكوين”، وتمثل النساء من هذه الفئة 72 في المائة، 40,6% منهن متزوجات، و68,2% يتوفرن على شهادة، وهو ما يمثل قنبلة اجتماعية موقوتة ينبغي للسياسات العمومية أن تتعامل معها بالجدية اللازمة.

ملف الحماية الاجتماعية

ملف الحماية الاجتماعية من الملفات التي يمكن أن تساهم في تخفيف الضغط الاقتصادي على الفئات الفقيرة، خصوصا إذا تم تعميم نظام التغطية الصحية بشكل فعال، لكن، بالإضافة إلى الإشكالات المتعلقة بحرمان ملايين المواطنين من الاستفادة، فإن هناك مؤشرات مقلقة مرتبطة بالتوازنات المالية لمختلف أنظمة الحماية الاجتماعية، بحيث تشير الأرقام إلى أن نفقاتها تتطور بوتيرة أسرع من مواردها، وهو ما يؤثر سلبا على الاستدامة المالية، مما يشكل تحديا كبيرا، خاصة إذا ما استحضرنا ارتكاز برامج الحماية الاجتماعية بشكل كبير على الديون الخارجية وهو ما من شأنه أن يرهن برامج التنمية في السنوات المقبلة و يرهن أجيال المقبلة في سداد الدين الخارجي، مما يدعو إلى مراجعة المنهجية التي يتم بها تدبير ملف الحماية الاجتماعية برمته.

*أستاذة جامعية وفاعلة مدنية نسائية