باحث: انقلابات الساحل تفرض على الدول المغاربية التغلب على مشاكلها
يرى عبد الواحد أولاد مولود، الباحث في العلاقات الدولية متخصص في الشأن الأمني لشمال إفريقيا، أنه على الدول المغاربية أن تتغلب على كل مشاكلها وأزماتها وتنحو منحى التنسيق وتركز على المشترك لمحاربة التهديدات التي تمثلها ظاهرة الانقلابات العسكرية في دول الساحل الإفريقية، والتي تؤكد كل المؤشرات أنها تهديدات تتصاعد، لتنضاف إلى تهديدات من الجيل الحديث، مثل تنامي الإرهاب والهجرة غير النظامية.
وقال الباحث، في ورقة قدمها خلال اللقاء الدولي حول “المشروع المغاربي : الواقع والآفاق” الذي نظم نهاية هذا الأسبوع بطنجة، تحمل عنوان “ظاهرة الانقلابات العسكرية في دول الساحل الإفريقي”، إن الانقلابات في منطقة الساحل من التهديدات الأمنية التي ترخي بثقلها على المنظومة المغاربية، على الرغم من أنها ظاهرة ليست وليدة اليوم، وتضرب في عمق التاريخ، وتصنف ضمن “التهديدات الكلاسيكية”.
تاريخ من الانقلاباب
ويقول أولاد مولود، إن إشكالية الموضوع تتمثل في انعكاساته على المنطقة المغاربية، خصوصا أن القارة عرفت أكثر من 190 انقلابا ناجحا منذ الاستقلال حصة الأسد منها نالتها دول الساحل، وفي السنوات الأخيرة فقط، عرفت عدد دول من الساحل انقلابات وهي بوركينا فاسو والغابون والنيجر ومالي.
ويضيف أولاد مولود أن الانقلابات الإفريقية تسفر دائما عن نتائج مباشرة منها اندلاع الحروب والصراعات الإثنية والقتلى والجرحى يمتد أثرها إلى الفضاء المغاربي، أما غير المباشرة، فتتجه بشكل أو بآخر لتتحول إلى أزمة، وهي أزمة الدولة وغياب فلسفتها في منطقة الساحل.
صدى الانقلابات في الدول المغاربية
ويؤكد الباحث على أن الانقلابات في الساحل أثرت على منظومة الدول المغاربية، مثل الانقلاب ما قبل الأخير في مالي الذي خلق أزمة في ليبيا، وأسفر عن تنامي الإرهاب في المنطقة، ليصبح الإرهاب من التحديات الكبيرة المطروحة في المنطقة إلى جانب الهجرة واللجوء والأزمات الاقتصادية وغياب الانتقال الديمقراطي.
تأثر المنطقة المغاربية بانقلابات الساحل، يأتي بفعل التقارب الجغرافي بالدرجة الأولى، حيث أن هناك خط تماس يربطها بمنطقة الساحل، خاصة موريتانيا الجزائر وليبيا مع النيجر ومالي.
ويتفاقم تأثير الانقلابات في الساحل على الفضاء المغاربي، بفعل التدخل الخارجي في المنطقة، ويذكر أولاد مولود في هذا السياق التدخل الفرنسي في دول الانقلابات، ما يقرأه على أنه “استعمار جديد”، يضع ثقله على الدول المغاربية.
تعاطي مغاربي انفرادي
بعد التشخيص الذي يثبت الترابط بين الانقلابات في دول الساحل الإفريقي ووضعية الدول المغاربية، يقف الباحث على إشكالية غياب مقاربة مغاربية موحدة لمحاصرة نتائج الانقلابات في المنطقة.
ويقول أولاد مولود في هذا الصدد إنه “إذا ما قمنا بتمحيص، يظهر لنا أنه ليس هناك أي نتسيق أو تعاون مغاربي للتغلب على التهديدات”، ما يضع المنطقة أمام إشكالية غياب التنسيق المغاربي بما يفتح الباب للتدخل الأجنبي في المنطقة، ويؤكد أن الدول المغاربية تتعاطى بشكل انفرادي، حيث أن “كل واحدة من الدول المغاربية تأخذ بعين الاعتبار مقارباتها الانفرادية حسب أجندتها”.