الوضعية المائية في المغرب: استقرار في نسبة ملء السدود واستمرار للأزمة

رغم التساقطات المطرية والثلجية التي شهدتها مناطق واسعة من المغرب مؤخراً، لا تزال وضعية السدود تسجل نسب ملء منخفضة، إذ بلغت نسبة الملء الإجمالية 28%، وفق آخر البيانات الرسمية الصادرة عن وزارة التجهيز والماء.
استقرار في نسب ملء السدود
أظهرت بيانات المديرية العامة لهندسة المياه، التي تم تحديثها اليوم الأحد، أن نسبة ملء السدود بلغت 27.63%، وهو ما يمثل انخفاضاً طفيفاً بنسبة 0.04% مقارنة باليوم السابق، رغم ارتفاعها مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، عندما كانت النسبة 22.85%.
وأوضحت البيانات أن الحقينة الإجمالية للسدود بلغت 4.65 مليارات متر مكعب، مقارنة بـ3.68 مليارات متر مكعب خلال نفس الفترة من السنة الماضية، وهو ما يعكس زيادة سنوية ملحوظة، لكنها لا تزال دون المستوى المطلوب لتجاوز أزمة الموارد المائية التي تواجهها البلاد.
وضع حرج في بعض المناطق
أظهرت أرقام “بوابة مغرب السدود” تبايناً في نسب الملء بين مختلف الأحواض المائية، حيث سجل بعضها ارتفاعاً ملحوظاً، بينما لا يزال البعض الآخر في وضع “حرج”. ويبرز حوض “زيز-كير-غريس” كأكثر الأحواض امتلاءً بنسبة 50%، يليه حوض تانسيفت بـ45.57%، ثم حوض اللوكوس بنسبة 45.09%.
في المقابل، لا تزال بعض الأحواض تعاني من تدني مستوى الملء، أبرزها حوض أم الربيع الذي سجل 4.98% فقط، وحوض سوس-ماسة الذي بقي دون 17%، مما يعكس استمرار العجز المائي في هذه المناطق، على الرغم من التساقطات الأخيرة.
تراجع منحنى ملء السدود
على الرغم من تسجيل تحسن طفيف في نسبة ملء السدود خلال أشهر الخريف الماضي، فإن المنحنى العام يشير إلى تراجع مستمر، حيث أوضحت البيانات أن نسب الملء، التي تحسنت مع نهاية 2024، بدأت في الانخفاض مجدداً خلال الأسابيع الماضية.
وأكدت المديرية العامة للأرصاد الجوية أن الأجواء ستظل مستقرة مع درجات حرارة “عادية” خلال هذه الفترة من السنة، مما يعني غياب أي تغيرات جوهرية قد تساهم في تحسين الوضعية المائية على المدى القريب.
تحسن طفيف في الفرشات المائية
من جهة أخرى، سجلت وزارة التجهيز والماء تحسناً طفيفاً في بعض الفرشات المائية بفعل التساقطات المطرية والثلجية الأخيرة. ورغم أهمية هذه الأمطار في إعادة تغذية المياه الجوفية، أكدت الوزارة على ضرورة ترشيد استغلال الموارد المائية لضمان استدامتها.
وأبرزت المعطيات الرسمية أن بعض الفرشات المائية سجلت ارتفاعاً طفيفاً في منسوب المياه الجوفية، إذ ارتفع مستوى المياه في “فرشة الرمل” بـ0.28 متراً، و”فرشة بوحمد” بـ2.08 متر، فيما سجلت “فرشة الغرب” و”فرشة المناصرة” زيادة بـ0.60 متر لكل منهما.
أما الفرشة المائية “سايس” فقد ارتفع منسوبها بـ0.30 متر، بينما سجلت “فرشة كلميمة” زيادة تقدر بـ0.58 متر. وفي المقابل، لم تشهد بعض الفرشات سوى ارتفاعات طفيفة، مثل “فرشة أنكاد” في الشرق، التي سجلت زيادة بـ0.13 متر فقط.
تحديات مستمرة
رغم التحسن الطفيف الذي عرفته بعض الموارد المائية، لا تزال التحديات قائمة، خصوصاً مع استمرار الضغط على الموارد الجوفية وانخفاض معدلات ملء السدود في بعض الأحواض الحيوية.
وأوضحت وزارة التجهيز والماء أن الحلول المستدامة لمواجهة أزمة المياه في المغرب تستدعي تبني سياسات رشيدة في تدبير الموارد، وتعزيز مشاريع تحلية المياه، وتحسين آليات تخزين مياه الأمطار، إضافة إلى ترشيد استهلاك المياه الجوفية لضمان استدامتها على المدى الطويل.
يأتي هذا الوضع في وقت يترقب فيه الفاعلون في القطاع الفلاحي مدى تأثير نقص الموارد المائية على الموسم الزراعي. ويعتمد المزارعون في العديد من المناطق على المياه الجوفية والري من السدود، مما يجعل استقرار الموارد المائية أمراً حاسماً في ضمان الإنتاج الزراعي واستدامة الأمن الغذائي.
وفي ظل استمرار التغيرات المناخية وتراجع التساقطات، يبقى التحدي الأكبر هو كيفية تدبير الموارد المائية بشكل يوازن بين الحاجيات الفلاحية والاستهلاك المنزلي، مع الحفاظ على الاحتياطي الاستراتيجي للمياه.