story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
دولي |

تفاقم مشاعر القلق واستعمال الأدوية والكحول ومغادرة البلاد وسط إسرائيل بسبب انتظار الرد الايراني

ص ص

كشفت صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية، في تقرير لها أول أمس السبت، عن تزايد استعدادات الإسرائيليين لرد إيراني على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” الشهيد إسماعيل هنية في طهران، بما يشمل تخزين المعلبات وشراء مستلزمات البقاء في الملاجئ لفترة طويلة.

يأتي ذلك، وفق الصحيفة، وسط تفاقم مشاعر القلق بأوساط المجتمع الإسرائيلي، التي انعكست في تزايد الإقبال على تعاطي الكحول والمهدئات، وطلب الاستشارات النفسية، إضافة إلى زيادة في معدل مغادرة البلاد.

وتتزايد المخاوف من اندلاع حرب إقليمية شاملة بالمنطقة بعد اغتيال إسرائيل للقيادي العسكري البارز بـ”حزب الله” فؤاد شكر، عبر غارة جوية على بيروت، في 30 يوليوز المنصرم واغتيال الشهيد إسماعيل هنية في اليوم التالي، بغارة إسرائيلية استهدفت مقر إقامته في العاصمة الإيرانية طهران، حسبما أكدته حركة حماس.

وتعهدت كل من إيران و”حزب الله” برد “قوي وفعال” على اغتيال شكر وهنية، فيما تتواصل الاتصالات والتحركات الإقليمية للتهدئة ومنع تفاقم الوضع بالمنطقة.

الجميع يريد الهرب

وبحسب الصحيفة العبرية، بينما كان الجميع يتحدث الأسبوع الماضي عن الإسرائيليين العالقين في الخارج دون أن يتمكنوا من العودة إلى إسرائيل بسبب إلغاء ما يزيد عن 20 شركة طيران أجنبية الرحلات الجوية إليها، برزت ظاهرة مفاجئة ومعاكسة في سوق الطيران.

وأوضحت أن الإسرائيليين “يريدون فقط الهروب من هنا، ويقومون بحجز الرحلات الجوية طوال الوقت”.

​​​​​​​يقول أورين كوهين مغوري، وهو نائب مدير التسويق والمبيعات بشركة “هشاطيح همعوفف” للسياحة في إسرائيل: “نحن في بداية شهر أغسطس/ آب، وهو أحد أكثر الشهور ازدحاما بالسياحة في العام. نشهد زيادة في الطلب على الشركات التي لم تلغ رحلاتها إلى إسرائيل، مثل شركة كورندون أوروب، التي لم تتوقف للحظة، وتسيّر لنا رحلات إلى لارنكا والجبل الأسود ورودس وكريت”.

وأكد مغوري أن “الأهم بالنسبة للإسرائيليين أن يضمنوا لأنفسهم السفر للخارج”.

تفاقم المشاكل النفسية

تقول “يديعوت أحرونوت” إنه من ضمن المجالات الأخرى التي تظهر زيادة كبيرة في إقبال الإسرائيليين عليها خلال هذه الأيام، هي العلاجات النفسية.

وتتابع: “من الصعب العثور على مواعيد في الأيام القليلة الماضية مع أطباء الأمراض النفسية، ومتوسط السعر هو 450 شيكل (122.5 دولار) للساعة”.

يقول “ع” وهو أخصائي نفسي من منطقة وسط إسرائيل للصحيفة: “الطلب على الخدمة جنوني، والناس قلقون ويجب عليهم التحدث (..) أحاول أن أكون متفهما وأعمل لساعات أطول”.

في هذا الصدد، تؤكد ميخال ياناي، وهي صاحبة أحد التطبيقات المتخصصة في الصفاء الذهني والاسترخاء، عن زيادة كبيرة في الاستخدام.

وبحسب يديعوت أحرونوت: “منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على غزة (في 7 أكتوبر 2023)، تقدم ياناي محتوى للتكيف مع الوضع، يشمل تمارين خاصة للآباء الذين يخدم أبناؤهم في الجيش، وتمارين تأمل لزوجات جنود الاحتياط، وتمارين خاصة لتقليل القلق والتوتر أثناء الإقامة في الملاجئ”.

كذلك، قفز إقبال الإسرائيليين على شراء الأدوية المنومة والمهدئة التي تحد من التوتر وتبعث على الاسترخاء بنسبة 30 بالمئة، وفق الصحيفة.

ارتفاع استهلاك المخدرات

ارتفع استهلاك المخدرات وازداد السلوك الإدماني في إسرائيل بشكل حاد بعد اندلاع الحرب على قطاع غزة الفلسطيني، حسب العاملين في مجال الصحة بالدولة العبرية.

وقال الطبيب النفسي شاؤول ليف-ران، مؤسس المركز الإسرائيلي للإدمان والصحة النفسية في نتانيا، لوكالة فرانس برس: “في رد فعل طبيعي على الضغط النفسي وبحثا عن الراحة، نشهد ارتفاعا كبيرا في تناول مختلف المواد المهدئة المسببة للإدمان، سواء كانت أدوية عبر وصفة طبية أو مخدرات غير مشروعة أو الكحول، وأحيانا في السلوك الإدماني مثل لعب القمار”.

ولتأكيد هذا الاستنتاج، أجرى فريقه دراسة شملت حوالي ألف شخص يمثلون مختلف شرائح سكان إسرائيل، كشفت عن “وجود صلة بين الحرب وبين ارتفاع استهلاك المواد المسببة للإدمان”، بنسبة 25 في المائة تقريبا.

وزاد واحد من كل أربعة إسرائيليين من استهلاكه للمنتجات المسببة للإدمان؛ بينما كان في 2022 واحد فقط من كل سبعة إسرائيليين يعاني من اضطرابات مرتبطة بتعاطي المخدرات.

الهروب من الواقع

عقب الحرب على قطاع غزة، زاد نصف الناجين من عملية طوفان الأقصى، في 7 أكتوبر الماضي، من تعاطي العقاقير المسببة للإدمان، وبلغت النسبة لدى النازحين 33 في المائة، حسب الدراسة التي أجريت في نونبر ودجنبر.

وفي إسرائيل، ارتفع تناول الحبوب المنومة والمسكنات بنسبة 180 في المائة و70 في المائة؛ على التوالي.

وقال الطبيب النفسي شاؤول ليف-ران إن مرضاه طلبوا منه “شيئا”، وبرروا ذلك القول: “ابني يقاتل في غزة، يجب أن أنام، وإلا فلن أتمكن من الذهاب إلى العمل”.

قام يوني (اسم مستعار)، الذي استدعاه الجيش العبري، بتأجيل خدمته العسكرية لأنه كان على وشك البدء بالعلاج من أجل التخلص من إدمانه للمخدرات.

وقال الشاب البالغ 19 عاما: “بدأت بتعاطي المخدرات خلال جائحة ‘كوفيد-19’، ومع الحرب ازداد الأمر سوء (…). إنها وسيلة للهروب من الواقع”.

وفي هجوم السابع من أكتوبر، فقد يوني صديقه نيك بيزر (19 عاما) الذي ووري في المقبرة العسكرية في بئر السبع، على بعد حوالي مائة متر من الحديقة التي التقى فيها فريق وكالة فرانس برس؛ وقد بدا ضائعا.

وللتغلب على “الملل والخوف”، ارتاد مع أصدقائه حفلات موسيقى التكنو على غرار “نوفا”، المهرجان الموسيقي الذي حضره آلاف الشباب على أطراف قطاع غزة، حيث قُتل 364 شخصا.

على أعتاب وباء

في الأشهر الأولى، تناول يوني مجموعة “مخدرات للترفيه عن النفس مثل حبوب الإكستاسي، وعقار إم دي إم أيه وعقار إل إس دي” التي كان الحصول عليها “سهلا”، ثم أصبح يتعاطاها “وحده في المنزل”.

ويورد هذا الشاب الذي لم يكمل عقده الثاني: “أعرف أنني مدمن، والآن أعلم أن عليّ الذهاب إلى مركز إعادة التأهيل للاعتناء بنفسي”.

وينوي المتحدث أداء الخدمة العسكرية بعد تلقيه العلاج، “لكي يثبت لنفسه ولعائلته أنه قادر على المساهمة في المجتمع”، وفق تعبيره.

وأشار ماتان، وهو جندي في القوات المنتشرة في قطاع غزة، التقاه فريق الوكالة في إحدى الحانات بمدينة القدس المحتلة، إلى أن “المخدرات تسمح له بالنسيان”.

وأضاف في التصريح نفسه: “أعلم أن الحرب غير مجدية؛ ولكن علينا أن نشارك فيها”، على حد قوله.

وخلص الطبيب ليف-ران إلى أنه، بالاستناد إلى الدراسة، “من الواضح، بالفعل، أننا على أعتاب وباء يظهر أن شرائح واسعة من السكان ستجنح إلى الاعتماد على مواد مسببة للإدمان”.

إقبال أكبر على الكحول

رون إليميليخ، أحد مالكي حانة “فيني كولتورا” بمدينة ريشون لتسيون (وسط)، يلفت النظر إلى ظاهرة أخرى مثيرة للاهتمام.

يقول إليميليخ إن الزبائن الذين ما زالوا يأتون إليه في المساء “يتعاطون الكحول أكثر بكثير من ذي قبل”.

ويضيف: “مع تزايد التهديدات لإسرائيل، يزيد جمهورنا من معدل استهلاكهم للخمور. أتحدث مع الزبائن طوال الوقت وأسمع أنهم يبحثون حقًا عن متنفس للقلق وملجأ لمخاوفهم”.

وهذا ما أكده يوضح “يسرائيل غاباي”، الرئيس التنفيذي لشركة “بانكو”، وهي أكبر متجر لبيع الكحول في إسرائيل.

يقول غاباي: “الأمر يذكرنا كثيرا بفترة كورونا، فالناس متوترون، ولا يغادرون المنزل في المساء، والكحول يوفر لهم مهربا”.

عزوف عن المقاهي والمطاعم

وفي مؤشر آخر على القلق، تراجع بقاء الإسرائيليين خارج منازلهم خلال الأيام الأخيرة، بما في ذلك في المقاهي والمطاعم.

وعن ذلك، يقول أفيعاد بيليد، أحد أصحاب مطعم “بيريه” الشهير في شارع نحلات بنيامين في تل أبيب: “شهدنا انخفاضا بنسبة 50 بالمئة في نهاية الأسبوع الماضي في عدد رواد المطعم”.

ويضيف: “منذ اغتيال هنية شهدنا انخفاضا في الإيرادات بنسبة تتراوح بين 30 و50 بالمئة”.

من جانبه، يقول حين ريختر، وهو أحد مالكي سلسلة “بابا جونز” لتوصيل البيتزا بإسرائيل: “بعد ليلة الاغتيالات في بيروت وطهران رصدنا زيادة بنسبة 27 بالمئة في المبيعات بفروعنا في شمال البلاد، وخاصة في مدينة حيفا، حيث سجلنا هناك زيادة تجاوزت 30 بالمئة. وكان لدينا زيادة كبيرة بشكل خاص في نهاية هذا الأسبوع بأكثر من 40 بالمئة”.

ويفسر ذلك بقوله: “الناس يخافون حقا من مغادرة المنزل ليلا، ويفضلون طلب البيتزا في المنزل”.

تخزين للأغذية

من جانبه، سجلت شركة “ولت” لتوزيع الأغذية بإسرائيل زيادة بنسبة 260 بالمئة في طلبات الآيس كريم منذ اغتيال هنية.

وتقول الشركة إن الإسرائيليين في هذه الأيام يغادرون المنزل بشكل أقل، ويريدون تناول شيء مريح أمام التلفاز.

وبعد الآيس كريم، قفزت معدلات شراء المعلبات من أجل التخزين بنسبة 140بالمئة، وفي مقدمتها التونة بالزيت والذرة والمخللات.

ومنذ اغتيال هنية، وبحسب معطيات الشركة ذاتها، زادت طلبات الإسرائيليين على المياه المعدنية وورق التواليت بنسبة 50 بالمئة مقارنة بالأيام العادية، وهما من بين المنتجات الأساسية التي من المهم وجودها في المنزل في حالات الطوارئ.

يقول يوسي إردمان، نائب رئيس التسويق في شركة والت: “هناك أيضا زيادة عامة في متوسط حجم سلة الطلبات، وليس فقط في منتجات محددة. وهذا يدل على أن العملاء يستعدون ويتجهزون لسيناريو البقاء طويلا في الملاجئ”.

ويوضح أن هناك منتجات في المقابل شهدت تراجعا في الطلب عليها، ومن بينها واقيات الشمس (تراجع الطلب عليه 50 بالمئة) ووسائل منع الحمل (تراجع الطلب عليها بنسبة 24 بالمئة) مقارنة بالأيام العادية.

مصففو الشعر

وفي ظل التحضيرات للبقاء لفترة طويلة في الملاجئ، أفادت صحيفة “يديعوت أحرونوت”، في تقريرها، إلى تزايد التكدس في صالونات تصفيف الشعر في جميع أنحاء إسرائيل.

ونقلت عن إيلان مارغاليت، وهي صاحبة صالون لتصفيف الشهر بمدينة “غفعتاييم” (وسط): “نعمل لساعات إضافية في الوقت الراهن بسبب الوضع الأمني”.

وأوضحت: “نواجه زيادة حادة في طلبات المواعيد؛ فالعديد من النساء يخشين من عدم تمكنهن من الحصول على قصة شعر لفترة طويلة، ويرغبن في تبكير المواعيد”.

وأضافت: “هناك عدم يقين وخوف من أنه إذا حدث شيء ما، فسيتم إغلاق صالونات تصفيف الشعر”.

ومضت بقولها: “نشعر بالضغط في كل مكان، وتزداد طوابير الانتظار، ونضطر إلى العمل لساعات طويلة. بالإضافة إلى ذلك، نفتح الصالون مبكرًا ونغلق في وقت متأخر من الليل، ونعمل في عطلات نهاية الأسبوع أيضا”.

من جانبها، تقول كينريك أبراموف، وهي أخصائية تجميل الأظافر والباديكير (العناية بالأقدام) بمنطقة رامات هاشارون في تل أبيب: “يذكرني الجنون المحيط بطوابير الانتظار بفيروس كورونا. لا يتوفر لك وقت حتى لتناول القهوة لأن جميع الزبونات يردن العناية بأظافرهن هنا والآن”.

وتتابع: “تأخذ زبوناتي في الاعتبار سيناريو بقائهن لفترة طويلة في الملاجئ، ومن المهم بالنسبة لهن أن يكن مستعدات”.