الهروب الثالث من نوعه إلى المغرب منذ 2020.. انشقاقات متواصلة في صفوف “البوليساريو”

تعيش جبهة البوليساريو على وقع تصدعات متزايدة منذ إعلانها، في نونبر 2020، انسحابها من اتفاق وقف إطلاق النار الموقع مع المغرب سنة 1991، ما كشف عن هشاشة بنيتها الداخلية وتصاعد وتيرة الانشقاقات في صفوفها.
في أحدث هذه التطورات، كشف منتدى دعم مؤيدي الحكم الذاتي بتندوف، المعروف باسم “فورساتن”، عن عملية فرار جديدة نفذها ثلاثة عناصر مسلحين من البوليساريو. وتمكن الفارّون من الوصول إلى منطقة أم دريكة داخل التراب المغربي، وهم يرتدون الزي العسكري للجبهة، ورافعين شارة الاستسلام.
العملية النوعية، التي وصفها المنتدى بالناجحة والدقيقة، خطط لها المنشقون منذ أشهر، وتمكنوا خلالها من اجتياز مناطق صحراوية شاسعة تحت ظروف أمنية معقدة ومراقبة مشددة من طرف عناصر البوليساريو والأمن الجزائري.
وتُعد هذه العملية الحالة الثالثة الموثقة لانشقاقات من داخل جبهة البوليساريو منذ إعلان الجبهة الانسحاب من وقف إطلاق النار. حيث تعكس هذه الحالات اتجاهًا واضحاً نحو التمرد والانفلات من قبضة قيادة الجبهة، خاصة في ظل حالة التذمر العام من الأوضاع في المخيمات.
سُجلت الحالة الأولى مطلع سنة 2021، حين قام عنصر من البوليساريو بتسليم نفسه للسلطات المغربية على مستوى الجدار الأمني، في خطوة مفاجئة آنذاك.
أما الحالة الثانية، فقد حدثت بعدها بفترة وجيزة، وشهدت انشقاق ثلاثة عناصر آخرين، تمكنوا من عبور المنطقة العازلة ودخول التراب المغربي، وهم كذلك يرتدون الزي العسكري، وقد تم استقبالهم والتحقيق معهم وفق الإجراءات المعمول بها.
المنشقون الثلاثة في العملية الأخيرة أكدوا، وفق بيان منتدى “فورساتن”، أنهم على تواصل مع المئات من المجندين داخل المخيمات الذين أعربوا عن استعدادهم للفرار الجماعي، في حال توفر الظروف المناسبة لذلك، ما يشكل تهديداً مباشراً لهيكل الجبهة العسكري.
ويرى المنتدى أن هذه الانشقاقات المتوالية تكشف هشاشة المشروع الانفصالي، الذي يقوم، حسب ذات المصادر، على “الخوف، والقهر، والدعاية المضللة”، أكثر من كونه مشروعاً سياسياَ متماسكاً تدعمه إرادة شعبية حقيقية.
ويؤكد منتدى “فورساتن” أن البلاغات “العسكرية” اليومية التي تصدرها الجبهة لا علاقة لها بالواقع الميداني، بل تسعى إلى إيهام ساكنة المخيمات والمجتمع الدولي بأنها تخوض حرباً “مفتوحة”، في حين أن الوقائع على الأرض تشي بانهيار داخلي ورفض متزايد في صفوف المقاتلين.
ويُبرز المنتدى أن الشباب الذين تم تجنيدهم قسراً في صفوف الجبهة “لا يجمعهم بالمشروع الانفصالي إلا الإكراه، والخوف من بطش السلطات الجزائرية، بينما قلوبهم متعلقة بالعودة إلى وطنهم الأم، المغرب، في ظل الاستقرار والتنمية التي تشهدها الأقاليم الجنوبية”.
وخلص البيان إلى أن عملية الانشقاق الأخيرة تمثل “رسالة سياسية قوية تكشف عمق أزمة الثقة داخل الجبهة”، وتؤكد على أن “عدداً كبيراً من شباب المخيمات لم يعد يجد في قيادة البوليساريو من يمثله، ولا في أطروحتها مستقبلاً مقبولاً”.