المراري.. محامي مغربي رفع 1500 دليل على الإبادة في غزة للجنائية الدولية: “توقيف المطلوبين ليس مستحيلا”
يتحدث عبد المجيد المراري، المحامي المغربي في هيئة باريس بتفاؤل عن مستقبل مسار متابعة مجرمي الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة بعد مذكرة المحكمة الجنائية الدولية لاعتقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير حربه السابق يوآف غالانت، إذ يرى المراري أن جزءا من مشروع اشتغل عليه قبل أزيد من 15 سنة، يتحقق بعدما تفاءل في وقت يقول إن الآخرين يئسوا.
حمل عبد المجيد المراري، المحامي المغربي بفرنسا، ملفات الانتهاكات الإسرائيلية في فلسطين منذ سنة 2009، وإلى جانب فريق من المحامين، حوّلها إلى ملفات قانونية، موثقة، نقلها إلى المحكمة الجنائية الدولية، مع كل قصف إسرائيلي ومع كل مجزرة في فلسطين ومع كل انتهاك تنقله وسائل الإعلام.
في تنقل دائم بين باريس ولاهاي، على مدى 15 سنة متواصلة، وفي تحرك دائم وسط المحكمة الجنائية الدولية واجتماعات متواصلة مع مكتب المدعي العام، يرى المراري أن 21 نونبر 2024، يوم سيبقى تاريخيا في مسار متابعة الواقفين وراء الجرائم الإسرائيلية ومسار متابعتهم قضائيا.
ويرى أن توقيف نتنياهو ووزيره السابق ليست مهمة مستحيلة، كما كان يرى إمكانية إصدار مذكرة توقيف في حقهم قبل 15 سنة مهمة ممكنة عندما لم يؤمن أحد بذلك، ويقول في حديثه إلى صحيفة “صوت المغرب” إن “توقيف المطلوبين ليس مهمة مستحيلة، وكنت أرى منذ أزيد من 15 سنة أنها مسألة وقت فقط عندما يئس الآخرون”.
مسار طويل
في الحديث عن مسار عمله على إعداد الملفات والدلائل التي تدين إسرائيل بارتكاب جرائم في حق الشعب الفلسطيني، يحكي المراري في حديثه تفاصيل 15 سنة وراء سعيه نحو هذا الحلم الذي وضعه هدفا أمام عينيه وآمن به وبإمكانية تحقيقه.
يقول المحامي المغربي المقيم في فرنسا، إن سعيه رفقة عدد من المحامين لاستصدار قرار من المحكمة الجنائية الدولية لإدانة إسرائيل بدأ سنة 2009، لكنه للأسف في ذلك الوقت، اصطدم بالوضع القانوني لدولة فلسطين، حيث لم تكن تتمتع حينها بالعضوية في المحكمة الجنائية الدولية.
غير أن استمرار المحامي في التوثيق وتقديم الشكايات وتجميع وتقديم الملفات التي تدين الإجرام الإسرائيلي إلى الجنائية الدولية، رافقه تغير في الوضع القانوني لفلسطين، حيث انتقلت إلى وضعية مراقب في الأمم المتحدة، ومن تم انضمت إلى نظام روما ومن ثم أصبحت طرفا في المحكمة الجنائية الدولية سنة 2015، ما أعطى المشروعية للشكايات التي قدمها المحامون خلال السنوات التي سبقت، حول الانتهاكات الإسرائيلية في فلسطين، مع تمتع الجنائية الدولية بالولاية القانونية على الأراضي الفلسطينية، في الضفة والقطاع.
1500 دليل على الإبادة
المحامي الذي خبِر طريق لاهاي على مدى 15 سنة عبر تقديم الشكايات والملفات والانتهاكات، يقول إن ما قدمه من شكايات ضد إسرائيل بسبب انتهاكاتها في حق الفلسطينيين أصعب من أن يحصى، حيث كان يقدم شكاية مع كل انتهاك إسرائيلي، ومع كل مجزرة وثقتها عدسات كاميرات وسائل الإعلام، وآخرها كانت قبل أيام فقط من أحداث السابع من أكتوبر 2023.
ومع الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة، يقول المراري إن قرائن ظهرت، تفيد بارتكاب إسرائيل لجرائم في غزة، ترقى إلى مستوى جرائم الإبادة، ليقدم رفقة فريق مكون من 360 محامي شكاية في 9 من نونبر 2023، تتهم إسرائيل باتكاب جرائم إبادة جماعية في القطاع المحاصر.
لم يتوقف الأمر عند شكاية، بل يقول المحامي إنه تم تقديم أزيد من 1500 دليل لتورط إسرائيل في جرائم الإباد، مع المطالبة باعتقال المتورطين فيها، في قائمة طويلة من المسؤولين الإسرائيليين، على رأسهم نتنياهو وغالانت.
هذا المسار، بدأت أولى نتائجه في 20 ماي 2024، عندما طلب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان، بإصدار مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت لمسؤوليتهما عن “جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية” ارتكبها الجيش الإسرائيلي بغزة منذ 7 أكتوبر 2023.
مسار إصدار مذكرة الاعتقال في حق المسؤولين الإسرائيليين يقول المحامي المغربي إنه لم يكن سهلا، حيث كانت هناك تهديدات، ولكن في 21 نونبر2024 صدر ما وصفه بـ”القرار التاريخي” بمصادقة الغرفة التمهيدية للمحكمة على مذكرة التوقيف.
قبل 7 أكتوبر
من بين آخر الملفات التي رفعها المراري للجنائية الدولية للمطالبة بالحق الفلسطيني أمام الانتهاكات الإسرائيلية، مطالبته في اجتماعات بالجنائية الدولية بتفعيل الصندوق الائتماني للمحكمة، والمخصص لجبر الأضرار، من أجل تعويض أهل غزة على الحصار المفروض عليهم منذ سنوات، وذلك قبل أيام قليلة من أحداث 07 أكتوبر 2023.
إنجاز تاريخي
بالنسبة لمحامي كرس جزء غير يسير من حياته للترافع من أجل الحق الفلسطيني داخل المحكمة الجنائية الدولية، يرى المراري أن مذكرة اعتقال نتنياهو وغالانت “انتصار تاريخي” ويقول إن “العشرات من الشكايات والاجتماعات والملفات أفرزت هذا الإنجاز التاريخي والانتصار في المعركة القضائية”.
ويرى المتحدث ذاته، أن مستقبل ملاحقة المسؤولين الإسرائيليين على جرائمهم في حق الشعب الفلسطيني أمام المحاكم الدولية “واضحا”، ويقول إنه بعد مذكرة الاعتقال من الجنائية الدولية، سيتوجه نحو القضاء الأوروبي، في حظوظ نجاح يرى أنها كبيرة، في ظل تزايد تعبير الدول الأوروبية عن احترامها واستعدادها للتجاوب مع قرار المحكمة الجنائية الدولية.
وبخلاف ما يراه الآخرون مستحيلا، يرى المراري أن توقيف نتنياهو وغالانت وكل المتورطين في إبادة الفلسطينيين “ليس مستحيلا”، مشددا على أنه ليس أمامهم إلا الاعتقال أو تسليم نفسيهما، خصوصا أنه لا حق لهما في الطعن إلا بالمثول أمام المحكمة الجنائية الدولية أولا.