story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
حقوق وحريات |

الموت يخطف محمد السكتاوي المدير العام لمنظمة العفو الدولية -فرع المغرب

ص ص

توفي، صبيحة اليوم السبت 4 يناير 2025، محمد السكتاوي الحقوقي والمدير العام لمنظمة العفو الدولية -فرع المغرب بعد معاناة مع المرض عن عمر يناهز 73 سنة.

ظل الراحل طوال حياته مناضلا ومدافعا عن حقوق الانسان، حيث ناضل سياسيا ونقابيا في الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، ثم الاتحاد الاشتراكي فحزب الطليعة وفي النقابة الوطنية للتعليم.

رأى الراحل النور بمدينة القصر الكبير يوم 7 مارس 1952، وظل وفيا لرسالته الحقوقية، من خلال مساهماته البحثية الأكاديمية وحضوره الميداني في كل الأنشطة المدافعة عن حقوق الإنسان، حتى آخر لحظات حياته.

وكان من بين الأنشطة التي شارك فيها السكتاوي في الفترة الأخيرة، ندوة حول موضوع “أسئلة حرية التعبير في مغرب اليوم”، التي نظمها حزب التقدم والاشتراكية، يوم 10 دجنبر 2024، حيت بعث كلمته مكتوبة بعدما تعذر عليه الحضور، والتي اعتبر من خلالها أن قانون الصحافة المغربي “معيب ولا يتوافق مع المعايير الدولية لحماية الصحافيين وتوفير البيئة المناسبة لهم لممارسة مهامهم بدون ضغوط”.

وفي ما يلي كلمة الراحل محمد السكتاوي خلال الندوة المذكورة، ننشرها كاملة:

الصديقات والأصدقاء
الرفيقات والرفاق في التقدم والاشتراكية
أحيي قيادتكم المناضلة والحكيمة
وتاريخ نضالكم المجيد

أشكركم بداية على هذه الدعوة الكريمة للمشاركة في هذه الندوة الهامة لراهنيتها
ولفتحها نقاشا ينبغي أن نضعه على أولوية جدول أعمال الحكومة والأحزاب السياسية
والمجتمع المدني والهيآت الحقوقية.

سأبدأ موضوعي بتقديم صورة تؤطّر كل الأسئلة التي يمكن أن نطرحها حول واقع حرية التعبير في مغرب الآن
الصورة:

الإثنين 10 أبريل 2023، وقفت الصحفية حنان باكور الموجودة معنا في هذه الجلسة على المنصة، أمام المحكمة الابتدائية بسلا.

أمنيستي وضعت عنوانا للحالة قد تصف بشكل مكثف وضع حرية التعبير في مغرب اليوم وهو “عدم التسامح مع الأصوات المنتقدة”، وكما تعلمون أن المتابعة كانت على خلفية شكوى قدمها حزب التجمع الوطني للأحرار .

والتهمة “بث وتوزيع ادعاءات ووقائع كاذبة باستعمال الأنظمة المعلوماتية بقصد المساس بالحياة الخاصة للأشخاص أو التشهير بهم”.

إنه من الصادم والعبثي أن تواجه صحفية أو غيرها من النشطاء، وهي حالات كثيرة مجموعة من التهم جراء تدوينة تنتقد حزبا في السلطة.

كم من خطوة أنجزت على أرض حقوق الإنسان في بلادنا؟ هنا ونحن في بيت الحزب الشيوعي المغربي العتيد حزب التقدم والاشتراكية الذي لم يسلم في سنوات الرصاص من أشكال متنوعة من القمع والخنق والتضييق، سأستعمل عبارة لينينية شهيرة :” خطوة إلى الأمام خطوتان إلى الوراء”.

وذلك بمعنى أنك إذا اتخذت خطوة إلى الأمام وخطوتين للخلف، فإنك تحقق تقدما، ولكن بعد ذلك تواجه أوضاعا تجعلك تتخلف أكثر عن التقدم الذي كنت قد أحرزته.

ربما واقع المنجز الحقوقي في المغرب هو كذلك.
ما العمل إذن؟

يجب تغيير ترتيب الخطوات في المغرب على صعيد حقوق الإنسان، فمن غير المعقول

أن يظهر المغرب بشكل متزايد عدم تسامحه مع “انتقاد السلطة السياسية”.
اخترت هذا المدخل لأنه كما قلت يختزل كل الصورة، ويحدد الأسئلة المطروحة على واقع حرية الصحافة والتعبير في مغرب اليوم، وما تبقى في نظري لا يعدو أن يكون سوى تفرعات لهذه الأسئلة.

كما من زاوية النظر هذه لا ينبغي أن نذهب بعيدا لتفسير المضايقات التي أصبح يتعرض لها الصحافيون والمدونون والمدافعون عن حرية التعبير والنشطاء الذين يعبرون سلميا في الفضاء العام عن احتجاجاتهم الاجتماعية والسياسية.
يعرف المغرب تضييقا على حرية التعبير والصحافة:

  • الصحافة المستقلة تختفي تحت الضغوط المالية؛
  • صحافيون ومدونون يعتقلون بتهم مصنوعة وملفقة لتكميم أفواههم ويحاكمون بالقانون الجنائي ويعتقلون.

على ضوء هذه الإشكالية تطرح الأسئلة التالية:

  • أي طريق لقانون الصحافة في المغرب، خال من العيوب الاختلالات؟
    ⁃ كيف نضمن توافق هذا القانون مع المعايير الدولية ذات الصلة؟
  • كيف يجب تعزيز ضمانات الحماية للصحافيين؟
  • ماذا يجب أن يغير في قانون الصحافة لتحرير الصحافة والصحافيين من القيود المعلنة والضمنية؟

قد لا نختلف كثيرا في تشخيص وضع حرية الصحافة وحرية التعبير بشكل عام في المغرب:
المَلْمَح البارز: التضييق على حرية التعبير والصحافة

  • الصحافة المستقلة تختفي تحت الضغوط المالية
    -صحافيون ومدونون يعتقلون بتهم مصنوعة وملفقة لتكميم أفواههم ويحاكمون بالقانون الجنائي ويعتقلون.

الإشكالية أن السلطات تهدم فضاء الحريات العامة، وقانون الصحافة معيب ولا يتوافق مع المعايير الدولية لحماية الصحافيين وتوفير البيئة المناسبة لهم لممارسة مهامهم بدون ضغوط، وبدل أن يكون قانون الصحافة هو الإطار الذي ينظم عمل الصحافي ويحدد أخلاقيات المهنة وممارستها تحت سقف حرية الرأي والتعبير، نجد أن السلطة تلجأ ضربا لكل الضمانات إلى القانون الجنائي الذي تجعله سيفا مسلطا على الصحافيين.

جوابا على هذه الأسئلة سأركز على الجانب المتعلق بقانون الصحافة المغربي: العيوب والاختلالات.
رغم الإصلاحات التي عرفها قانون الصحافة والنشر المغربي (القانون 88.13) عام 2016، ما زال يعاني من اختلالات جوهرية تجعله غير ملائم لحماية حرية التعبير والصحافة:
1- الغموض في الصياغة القانونية:

  • العديد من المواد تحمل عبارات فضفاضة مثل “المس بالأمن العام” أو “التحريض”، مما يفتح المجال لتأويلها بشكل يخدم التضييق على حرية الصحافة.
  • غياب تعريف دقيق للحدود بين ممارسة حرية التعبير وما يعتبر مخالفة، وهو ما يؤدي إلى استهداف الصحافيين.

2- الإحالة على القانون الجنائي:
بدلاً من الاقتصار على قانون الصحافة لمعالجة القضايا المتعلقة بالصحافيين، يتم إحالتهم بشكل متكرر إلى القانون الجنائي. هذا يشمل جرائم مثل التشهير أو “نشر أخبار زائفة”، التي يُعاقب عليها بعقوبات سجنية، وهو ما يعاكس الاتجاه الدولي الرامي إلى إلغاء العقوبات السجنية في قضايا النشر.

3- غياب الحماية من الضغوط المالية والسياسية:

  • الصحافة المستقلة تتعرض لضغوط مالية كبيرة بسبب غياب الدعم الفعّال والشفافية في توزيع الإعلانات العمومية. هذه الضغوط تجعل العديد من المنابر الإعلامية عرضة للإغلاق أو التبعية لجهات سياسية.

4- قيود على الوصول إلى المعلومة:

  • رغم وجود قانون للحصول على المعلومات (القانون 31.13)، فإن تطبيقه يعاني من عراقيل إدارية وعدم التزام الجهات المعنية، مما يضعف قدرة الصحافيين على أداء دورهم الرقابي.

كيف يرانا الآخرون ونحن على هذه الصورة؟
زاوية الرؤية:

يشمل الحق في حرية التعبير، الآراء التي قد تكون مزعجة أو مسيئة أو صادمة للسلطات، ونشر الرسوم الكاريكاتورية والتدوينات مكفول بموجب هذا الحق. ولا ينبغي لأحد أن يخشى العنف أو المضايقة بسبب إعادة إنتاج أو نشر مثل هذه الصور.

القاعدة الذهبية:
العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (العهد الدولي)، والمغرب طرف فيه، يحمي الحق في حرية الرأي والتعبير، وتكوين الجمعيات أو الانضمام إليها، والتجمع السلمي. المغرب ملزَم أيضًا بموجب العهد الدولي والميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب باحترام الحق في المحاكمة العادلة.

وعليه يحتاج المغرب إلى قوانين تحمي الأشخاص الذين يفضحون الفساد والشطط في استعمال السلطة بدلا من معاقبتهم.
يتعيّن مراجعةً قانون الصحافة ليكون متماشيا مع القانون الدولي وأن يمنح الأولوية لعدم تجريم انتقادات السلطات لإلغاء تجريم القدف والسب والإهانة.

إن خطاب الحكومة المغربية بشأن حرية التعبير لا يكفي لإخفاء نفاقها. إن حرية التعبير لا معنى لها إلا إذا كانت تنطبق على الجميع. وينبغي ألا تستخدم حملة الحكومة من أجل حماية حرية التعبير للتستّر على الإجراءات التي تعرض الناس لخطر انتهاكات حقوق الإنسان مثل ممارسات السلطات القمعية أو الفساد .

هاهي صورتنا بعيون الآخرين، لا يجب أن نغضب أو نقول بلغة الخشب إننا مستهدفون:

  • في 19 يناير2023، اعتمد البرلمان الأوروبي بالأغلبية نصًا يمس المغرب سلبيًا للمرة الأولى. دعا هذا النص إلى احترام حرية التعبير وحرية الإعلام واستنكر مصير الصحفيين المسجونين. ركز القرار بشكل خاص على قضايا العديد من الصحفيين المغاربة وحث الرباط على الوفاء بالتزاماتها الدولية في مجال حقوق الإنسان بما يتماشى مع اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي والمغرب.
  • -في 27 مارس 2023، نشرت منظمة العفو الدولية تقريرها 23/2022: وضعية حقوق الإنسان في العالم. ويدين هذا التقرير السلطات المغربية من أجل “التحقيق والمحاكمة والسجن في حق سبعة صحفيين ونشطاء لانتقادهم الحكومة، فضلاً عن الأشخاص الذين شاركوا منشورات عن الدين عبر الانترنت أو أعربوا عن تضامنهم مع النشطاء” خلال سنة 2022،
    وقبل ذلك سنة 2017 وجهت مذكرة لرئيس الحكومة.
  • -وقالت أمنيستي في رسالتها إلى رئيس الحكومة في ماي 2017:
    “رغم أن الدستور كفل حرية التعبير والفكر والإبداع والنشر بنص صريح، وألزم السلطات في الفصل 28 منه على ضمان تنظيم قطاع الصحافة بكيفية مستقلة وعلى أسس ديمقراطية، فإن السلطات لم تتوقف عن ملاحقة الصحفيين ومنتقدي السلطات والمعارضين السلميين والحكم عليهم بدفع غرامات باهظة، والسجن مع وقف التنفيذ، وحبسهم في بعض الأحيان”.
    وطالبت بإلغاء مواد القانون الجنائي التي تجرم التعبير السلمي عن الرأي وتلك التي يمكن أن تستخدم لتجريم أنشطة تتعلق بالممارسة السلمية لحرية التعبير وتكوين الجمعيات والانضمام إليها والتجمع السلمي، والسماح فقط بتلك القيود الضرورية لغرض مشروع وبصورة متناسبة، وفق ما أقره القانون الدولي لحقوق الإنسان، ووضع حد لاستخدام القانون الجنائي فيما يتعلق بالقذف وحماية سمعة الشخصيات العامة والأفراد العاديين.ووقف ملاحقة الصحفيين بموجب أحكام القانون الجنائي لمجرد ممارستهم السلمية للحق في حرية التعبير عن الرأي.
  • -ملاءمة قوانين الصحافة والنشر مع الصكوك الدولية لحقوق الإنسان، وذلك بحذف الـمقتضيات القانونية الواردة في القانون رقم 73.15 القاضي بتغيير وتتميم بعض أحكام مجموعة القانون الجنائي، التي تسمح بمتابعة الصحافيين في قضايا النشر، والاستناد فقط على الـمقتضيات الواردة في القانون رقم 88.13 الـمتعلق بالصحافة والنشر، من منطلق أن ثـمة جرائم نشر عديدة في القانون الجنائي لا تتم إلا عن طريق النشر، وبالتالي يجب نقلها إلى مدونة الصحافة والنشر، كما يتعين تضمين قانون الصحافة والنشر كل الجنح التي لا ترتكب إلا عن طريق النشر، حتى لا تتم متابعة المتهمين في حالة اعتقال.
  • -وبحسب المعايير الدولية، فإن أي قيد يُفرض على حرية التعبير يجب أن ينص عليه قانون واضح ودقيق، وأن يكون ضروريًا ومتناسبًا لحماية هدف مشروع، مثل حماية الأمن الوطني، أو النظام العام، أو الصحة العامة أو الأخلاق العامة. وإن القيود الفضفاضة وذات الصياغات المبهمة التي تُفرض على حرية التعبير مثل “الوقائع الكاذبة” لا تلبي المعايير. فهي تقيد وأحيانًا تُجرّم الأشكال المشروعة للتعبير التي يحميها القانون الوطني والدولي لحقوق الإنسان.
    ويُشكّل تكميم الأفواه فيما يخص التعبير على الإنترنت وخارجه جزءًا من حملة قمع متواصلة للآراء المنتقدة في المغرب؛ ففي عام 2022 وحده، حققت السلطات المغربية مع ما لا يقل عن سبعة صحفيين وناشطين، بسبب انتقادهم للحكومة، علاوة على أشخاص تحدثوا على الإنترنت عن الدين أو عبّروا عن تضامنهم مع النشطاء، وقاضتهم، وسجنتهم.
  • على السلطات المغربية وضع حد لإساءة استخدام القوانين الجنائية أو اللوائح الإدارية المتعلقة بتلقي تمويل أجنبي كوسيلة لاستهداف جمعيات حقوق الإنسان المستقلة أو الصحفيين المستقلين، وضمان إمكانية عمل منظمات المجتمع المدني في بيئة آمنة ومناسبة“.

-في 20 مارس، أصدرت وزارة الخارجية الأمريكية تقريرها السنوي حول ممارسات حقوق الإنسان والذي شمل المغرب. وقد عبر تقرير 2022 عن مخاوف كبيرة بشأن القيود المفروضة على حرية التعبير والتجمع في المغرب.
يشير هذا التقرير إلى أن الحكومة المغربية “قامت بمتابعة 631 شخصًا في المحاكم الجنائية بسبب تصريحات أدلوا بها أو نشروها، بما في ذلك 32 قضية جنائية ضد صحفيين. وذكرت الحكومة أيضًا أنها أوقفت خلال العام ستة جرائد إلكترونية بسبب ما قالت إنه عدم امتثال لقانون الصحافة والنشر”.

تشكل حرية الصحافة والتعبير ركيزة أساسية للديمقراطية، فهي تعكس مدى احترام الدول لحقوق الإنسان.
في المغرب، رغم دستور 2011 الذي جعل حقوق الإنسان مرجعا أساسيا وما تلاه من خطوات تشريعية إيجابية، لا تزال الانتهاكات الموجهة للصحفيين والمدونين وأصحاب الرأي المعارض مستمرة.

وفي الغالب بات القانون الجنائي أداة ردع تستخدم لتقييد الحريات، في تعارض مع مقاصد الدستور وروحه والتزامات المغرب الدولية.

انطلاقا من هذه الخلفية سأسعى إلى تقديم مقاربة تقوم على ثلات مسارات:
1- تحليل التحديات الراهنة لحرية الصحافة،
2- استعراض مدى توافق القوانين الوطنية مع المعايير الدولية،
3- اقتراح إصلاحات لضمان استقلالية الإعلام واحترام حرية التعبير.

الإطار القانوني لحرية الصحافة في المغرب
1- قانون الصحافة والنشر:
قانون الصحافة المغربي (رقم 88.13) ألغى العقوبات السالبة للحرية، لكنه يحتفظ بثغرات مثل:

  • الإحالة إلى القانون الجنائي في جرائم التعبير، مما يجعل الصحفيين عرضة للسجن.
  • غياب تعريف واضح لمصطلحات مثل “المساس بالنظام العام” و”نشر الأخبار الكاذبة”، ما يتعارض مع مبدأ “الوضوح والدقة” الذي أكدته المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في قضية Sunday Times v. the United Kingdom (1979)..
    2- المجلس الوطني للصحافة:
    يُفترض أن يكون المجلس هيئة مستقلة، لكنه يعاني من تدخلات سياسية وضعف في حماية الصحفيين من الانتهاكات، ما يحد من دوره كضامن للحق في التعبير.

3- القانون الجنائي كأداة قمعية:

  • تستخدم مواد القانون الجنائي، مثل الفصل 263 (إهانة موظف عمومي) والفصل 267 (المس بالمقدسات)، لتجريم النقد السلمي للسلطات.
  • هذا يشكل انتهاكًا لمبدأ “الضرورة والتناسب” المنصوص عليه في المادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، التي تحظر القيود المفرطة على حرية التعبير.

المعايير الدولية ذات الصلة:
1- العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (ICCPR):
المادة 19 تكفل حرية التعبير مع السماح بقيود فقط إذا كانت ضرورية ومتناسبة لحماية أمن الدولة أو النظام العام. المغرب، كدولة طرف، ملزم بالالتزام بهذه المعايير.

2- الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان (ECHR):
المادة 10 تضمن حرية التعبير، وأكدت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان مرارًا على أهمية حماية الصحفيين، كما في قضية Lingens v. Austria (1986)، التي قضت بأن النقد الموجه للمسؤولين الحكوميين يجب أن يتمتع بحماية أكبر، لأنهم يجب أن يتحملوا الرقابة العامة بشكل أوسع.

3- إعلان الأمم المتحدة لحماية المدافعين عن حقوق الإنسان (1998:
يدعو الدول إلى توفير بيئة آمنة للصحفيين والنشطاء لحمايتهم من الانتقام أو الاعتقال التعسفي.

أمثلة من المحاكم الدولية:
. Case of Handyside v. the United Kingdom (1976)1-
أكدت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان أن حرية التعبير تشمل الآراء التي قد تكون “صادمة أو مزعجة” للسلطات.
يتعارض هذا المبدأ مع الممارسات المغربية، حيث تُقمع الأصوات الناقدة بذريعة حماية النظام العام.
Case of Castells v. Spain 19922-
اعتبرت المحكمة أن محاكمة نائب برلماني بسبب انتقاده للحكومة تنتهك حرية التعبير، مما يبرز أهمية حماية الخطاب السياسي الناقد لكل الجهات.

Case of Morice v. France (2015)3-
أكدت المحكمة أن انتقاد القضاة والمؤسسات القضائية يُعد من صميم حرية الصحافة، وهو ما يتناقض مع متابعة الصحفيين المغاربة بتهم “إهانة مؤسسات الدولة”.

ستستمر الضغوط الدولية

  • في يناير 2023، دعا البرلمان الأوروبي المغرب إلى احترام حرية التعبير، مشيرًا إلى “الانتهاكات الجسيمة” ضد الصحفيين.
  • تقارير وزارة الخارجية الأمريكية ومنظمة “هيومن رايتس ووتش” أكدت القلق بشأن القيود المفروضة على الصحافة والتعبير.

التوصيات والإصلاحات المقترحة:

1- إلغاء الإحالة إلى القانون الجنائي

  • نقل جميع الجرائم المتعلقة بالنشر إلى قانون الصحافة لضمان المحاكمات العادلة. يجب أن تصبح جميع الجرائم المتعلقة بالنشر (مثل القذف والتشهير) جزءًا من قانون الصحافة فقط، بحيث يتم استبعاد العقوبات السالبة للحرية نهائيًا.
    • تعديل المواد الجنائية المتعلقة بالقذف والتشهير بما يتماشى مع قرارات المحكمة الأوروبية، مثل قضية Karácsony and Others v. Hungary (2016)، التي اعتبرت العقوبات المالية الكبيرة تقييدًا غير متناسب لحرية التعبير.

2- تعزيز استقلالية المجلس الوطني للصحافة

  • تعديل صلاحياته ليشمل التحقيق في انتهاكات حقوق الصحفيين ومتابعتها قضائيًا.
    • اعتماد معايير شفافة في تعيين أعضائه لضمان استقلاله عن النفوذ السياسي.

3- توفير حماية قانونية للصحفيين

  • سن قانون خاص بحماية الصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان، يتضمن آليات للتبليغ عن الانتهاكات وضمان محاسبة المتورطين فيها.
    • تطبيق مبادئ إعلان ويندهوك (1991) حول استقلالية الإعلام وحرية الصحافة.

4-ضمان الوصول إلى المعلومات
– تفعيل قانون الحق في الحصول على المعلومات (31.13) بشكل فعال، مع إزالة العراقيل الإدارية والقانونية.

4- تعزيز الشراكات الدولية

  • التعاون مع المنظمات الدولية لتقديم الدعم الفني والتدريب للصحفيين حول المعايير الدولية.
    -إنشاء لجان مشتركة مع خبراء دوليين لتقييم القوانين الوطنية وتقديم توصيات ملائمة.

إطار الجواب:
تمثل حرية الصحافة في المغرب معركة مستمرة بين الطموحات الديمقراطية والإكراهات السياسية. تتطلب حماية هذا الحق التزامًا سياسيًا واضحًا بإصلاح القوانين، وضمان استقلالية المؤسسات الإعلامية، ومواءمة التشريعات الوطنية مع المعايير الدولية. ستظل الضغوط الدولية والمجتمع المدني العامل الحاسم في تحقيق إعلام حر ومستقل في المغرب.
ويمكن أن نستعجل ونحن على أبواب تغيير المنظومة الجنائية.

  • المبرر: يتماشى هذا مع المادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ومع قرارات المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان مثل Lingens v. Austria التي اعتبرت أن التشهير بالشخصيات العامة لا يبرر فرض عقوبات جنائية قاسية.

تحديد واضح للمصطلحات الفضفاضة:
مثل “الإخلال بالنظام العام” و”نشر الأخبار الكاذبة”، حيث يجب أن تكون المصطلحات دقيقة لتجنب التأويلات التعسفية.

  • المبرر: المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان شددت في قضية Sunday Times v. the UK على ضرورة أن تكون القوانين “واضحة ويمكن التنبؤ بها”.

تعديل مواد القانون الجنائي ذات الصلة بحرية التعبير:

  • إلغاء العقوبات السالبة للحرية:
    إلغاء الفصول الجنائية التي تُجرّم التعبير السلمي عن الرأي، مثل الفصل 263 (إهانة موظف عمومي) والفصل 267 (المس بالمقدسات).
  • المبرر: القيود المفروضة على حرية التعبير يجب أن تكون متناسبة مع الهدف المشروع، وفقًا للمادة 10 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان.

• استثناء الصحفيين من القوانين الجنائية المتعلقة بالأمن القومي:
حصر تطبيق قوانين الأمن القومي في حالات واضحة من التهديد الحقيقي، مع حماية الصحفيين عند قيامهم بعملهم.

  • المبرر: تطبيق مبدأ الضرورة والتناسب الوارد في المادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
    وعلى مستوى آخر: إصلاح المجلس الوطني للصحافة
  • تعزيز استقلالية المجلس:
    تعديل أسلوب اختيار أعضائه ليكون أكثر شفافية واستقلالية بعيدًا عن النفوذ السياسي، بحيث يُعبر عن جميع مكونات الجسم الصحفي.
    • المبرر: ضرورة وجود هيئة مستقلة قادرة على الدفاع عن حقوق الصحفيين ومحاسبة المعتدين عليهم.
  • توسيع صلاحيات المجلس:
    منحه سلطة مراقبة الانتهاكات ضد الصحفيين، مع إمكانية إحالة القضايا للقضاء أو إصدار قرارات ملزمة.

حماية الصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان
إقرار قانون خاص بحماية الصحفيين:
يتضمن:

  • توفير آليات لحمايتهم من الاعتداءات الجسدية والمعنوية.
  • حظر ممارسات الرقابة والملاحقة القضائية التعسفية.
  • إنشاء صندوق لدعم الصحفيين الذين يواجهون دعاوى قضائية.
  • حماية المبلغين عن الفساد:
  • وضع إطار قانوني يحمي الأشخاص الذين يكشفون قضايا فساد أو انتهاكات حقوق الإنسان من الانتقام أو الملاحقة القانونية.
  • المبرر: تماشيًا مع المعايير الدولية مثل اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد.

تفعيل قانون الحق في الحصول على المعلومات (قانون 31.13)

  • تبسيط الإجراءات الإدارية:
  • إزالة القيود البيروقراطية التي تعيق الوصول إلى المعلومات.
  • المبرر: تحقيق الشفافية وتعزيز الثقة بين الصحافة والسلطات.
  • التدريب والتوعية:
  • تدريب المسؤولين الحكوميين على أهمية الحق في المعلومات وكيفية تطبيق القانون.

تعزيز استقلال القضاء وضمان المحاكمات العادلة

  • إبعاد القضاء عن الصراعات السياسية:
  • ضمان استقلال القضاء عن السلطة التنفيذية في القضايا المتعلقة بحرية التعبير.
  • المبرر: تماشيًا مع المادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. تخصيص قضاة متخصصين في قضايا الصحافة:
    إنشاء دوائر قضائية متخصصة لفهم طبيعة العمل الصحفي وقضايا حرية التعبير.

إنشاء آليات مراقبة دولية ووطنية

  • دعوة الخبراء الدوليين:
    التعاون مع خبراء من الأمم المتحدة أو مجلس أوروبا لمراجعة القوانين والإجراءات المغربية المتعلقة بحرية التعبير.

إنشاء مرصد وطني لحماية الصحافة:
يضم ممثلين عن المجتمع المدني والنقابات الصحفية لمراقبة الانتهاكات والتدخل السريع.

تعزيز ثقافة حقوق الإنسان وحرية التعبير

  • إطلاق حملات توعية:حول أهمية حرية الصحافة بالنسبة للديمقراطية والتنمية.
  • المبرر: خلق وعي شعبي يدافع عن حرية الإعلام كحق جماعي.
  • إدماج حرية الصحافة في المناهج التعليمية:
    لتعزيز قيم حرية التعبير لدى الأجيال الصاعدة.

مراجعة شاملة لقانون الصحافة والنشر:

  • ضمان توافقه مع المعايير الدولية، وإلغاء أي مواد تسمح بإحالة الصحافيين إلى القانون الجنائي.
  • تحقيق التوازن بين حرية التعبير والمسؤولية:
    • وضع ضوابط واضحة للممارسات الصحافية، دون أن تُستخدم كذريعة لتقييد الحريات.

تعزيز استقلالية الصحافة:

  • توفير دعم مالي شفاف للصحافة المستقلة، مع وضع آليات تمنع التبعية السياسية أو الاقتصادية.

إصلاحات مؤسسية:

  • إنشاء مجلس وطني فعّال للصحافة، يتمتع بصلاحيات حقيقية للدفاع عن حرية الصحافة.

تعزيز التدريب والتأهيل:

  • دعم الصحافيين بالبرامج التدريبية لتطوير أدائهم المهني، مع الالتزام بأخلاقيات المهنة.

خاتمة:
إن وضع الصحافة في المغرب يتطلب معالجة جذرية تتجاوز التعديلات الجزئية لتصل إلى تبني إصلاحات هيكلية تحترم المعايير الدولية لحرية الصحافة. حرية التعبير ليست ترفاً، بل ركيزة أساسية للديمقراطية وحقوق الإنسان.