المواسم الشعبية.. تقاليد عريقة تخدش صورتها ظواهر منحرفة

أعادت جريمة الاغتصاب الجماعي لطفل، لايتجاوز عمره 14 سنة، خلال فعاليات موسم مولاي عبد الله أمغار بإقليم الجديدة، الجدل من جديد حول انتشار بعض الظواهر المنحرفة والسلوكات الشادة التي تخدش صورة المواسم الشعبية، وما تطرحه من إشكالات أمنية واجتماعية وحقوقية عميقة.
ولا تعتبر الحادثة، التي هزت الرأي العام الوطني الأسبوع الماضي، الأولى من نوعها، إذ تتكرر سنويا ممارسات مشابهة في فضاءات المواسم الشعبية، التي تجمع عشرات الآلاف من المواطنين، خاصة تلك التي تعرف عشوائية في التنظيم وتضعف فيها المراقبة الأمنية ويكون البعد الوقائي غائبا.
وفي هذا الصدد، يرى المحامي و الفاعل الحقوقي والسياسي، فاروق المهداوي، أن حادث الاغتصاب الجماعي لطفل في موسم مولاي عبد الله أمغار، “جريمة شنيعة تستوجب تكثيف البحث والتحقيق إلى حين اعتقال كل الفاعلين وإنزال أشد العقوبات بحقهم”.
وأضاف أن مثل هذه السلوكات تسيئ للمواسم الشعبية المغربية، التي تعتبر جزءا هاما من التراث المادي واللامادي بالمغرب، كونها تمثل تجمعات احتفالية مرتبطة بالتقاليد والعادات المحلية الضاربة جذورها في التاريخ.
وأكد فاروق المهداوي أن معالجة مثل هذه الظاهرة في المغرب “لا تزال تختزل في الجانب الزجري فقط من خلال معاقبة المغتصب”، مطالبا بالنعاطي مع معالجة الظاهرة من زاوية اجتماعية وحقوقية، “عبر التوعية والتحسيس، من أجل حماية الأطفال والمجتمع ككل”.
ومن جانب آخر، أوضح الفاعل الحقوقي أن “ظاهرة الاغتصاب لا يمكن اختزالها في المواسم الشعبية التي تقام سنويا، إذ أصبحت ظاهرة متفشية في المجتمع المغربي، وفي بعض الأحيان حتى داخل الأسر، خصوصا في حالات الاعتداء على القاصرين”.
وعزا المتحدث أسباب هذه الظاهرة إلى “ضعف التنشئة الاجتماعية، وضعف التكوين، وغياب الثقافة الجنسية، وقلة الوعي، وهي كلها عوامل تؤدي إلى تفاقم مثل الظاهرة”.
ومن جهته، اعتبر رئيس العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، عادل تشيكيطو، أن جريمة مولاي عبد الله أمغار، “لا يمكن اعتبارها حادثا عرضيا”، كونها تكشف عن قصور السياسات العمومية في مجال حماية الطفولة، “خصوصا وأن المغرب صادق على اتفاقية حقوق الطفل التي تلزم الدولة بضمان الحماية من جميع أشكال الاستغلال والعنف”.
ومن جانب آخر، عبر المتحدث عن أسفه لما تتسبب فيه مثل هذه السلوكات الشاذة من أضرار على صورة هذا الجزء من الموروث الثقافي المغربي الممتد لقرون من الزمن.
وأضاف تشيكيطو أن المسؤولية في مثل هذه الحالات، يمكن النظر إليها من ثلاثة أبعاد، “مسؤولية جنائية تستوجب متابعة الجناة بأقصى العقوبات، ومسؤولية وقائية تتطلب آليات لحماية الأطفال في الفضاءات العمومية والمواسم الشعبية عبر المراقبة الأمنية وحملات التوعية، ثم مسؤولية مجتمعية تقوم على إشراك الجمعيات والمجتمع المدني في نشر ثقافة حماية الطفولة والتبليغ عن أي ممارسات مشبوهة”.
وحذر رئيس العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان من أن استمرار هذه الجرائم “يشكل تهديدا مباشرا للسلم الاجتماعي، ويضع المغرب أمام مساءلة داخلية ودولية بخصوص التزاماته في مجال حقوق الطفل”.
ودعا إلى “ضرورة تحويل هذه الحادثة المأساوية إلى ناقوس خطر حقيقي” يدفع نحو تعزيز التشريعات، وتفعيل دور النيابة العامة في حماية القاصرين، والحرص على ألا يفلت أي مجرم من العقاب”.
وبينما يواصل المجتمع المغربي التعبير عن غضبه وقلقه من تكرار هذه الجرائم، يضيف المصدر، “يبقى لزاما أن تتحول هذه الجريمة إلى محطة مفصلية تدفع الدولة والمجتمع إلى تحمل مسؤولياتهما في حماية الطفولة وصون كرامتها، و كذا تفعيل لجان حماية الطفولة بشكل جدي و مسؤول”.
أكرم القصطلني.. صحافي متدرب