story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
سياسة |

المغرب ينظر إلى علاقاته من خلال صحرائه وباريس تتردد في الرضوخ لشرط الرباط

ص ص

بعد أزمة دبلوماسية عمرت لأزيد من سنتين بين الرباط وباريس، بدأت في الشهور الأخيرة بوادر انفراج تطل برأسها في العلاقات الثنائية بين البلدين، كان آخرها الزيارة التي قام بها وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنييه إلى الرباط، ولقائه بنظيره المغربي ناصر بوريطة، وبالموازاة تحدثت وسائل إعلامية عن زيارة محتملة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى المغرب في غضون الأشهر القليلة المقبلة.

وكانت آخر إشارات الانفراج في العلاقات المغربية الفرنسية، يوم أمس الجمعة 01 مارس 2024، حيت نشرة السفارة الفرنسية بالرباط صورا لوزير الفلاحة الفرنسي مارك فيسنو، رفقة نظيره المغربي محمد صديقي، بالمعرض الدولي للفلاحة بباريس، وهما يقفان جنبا إلى جنب لالتقاط الصور أمام الخريطة الكاملة للمملكة المغربية في قلب العاصمة الفرنسية.

وعلى الرغم من كون زيارة وزير الخارجية الفرنسي إلى المغرب لم تسفر عن تقدم كبير في الموقف الفرنسي المحتشم اتجاه قضية الصحراء المغربية، التي جعلت منها المملكة المغربية النظارة التي ترى بها العالم، إلا أن ظهور مسؤولين فرنسيين جنبا إلى جنب مع مسؤولين مغاربة أمام الخريطة الكاملة للمملكة المغربية، بالتزامن مع استقبال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لسفيرة المغرب في باريس، سميرة سيطايل، يوم الخميس 29 فبراير 2024، بقصر الإيليزيه لتقديم أوراق اعتمادها، كلها أمور تؤشر على أن الأزمة الديبلوماسية بين البلدين، باتت تعد أيامها الأخيرة.

وفي هذا الباب يقول عمر المرابط، محلل سياسي مختص في الشأن الفرنسي، “إن الدعم الذي جدده وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه خلال زيارته إلى المغرب، فهو يظل غير كاف”، مبرزا أن “هنالك مواقف أقوى أبدتها دول أخرى، كالولايات المتحدة الأمريكية وإسبانيا، وعلى فرنسا تجديد دعمها بخطوات إجرائية”.

ولا شك أن زيارة “تذويب الجليد” التي قام بها سيجورنيه إلى المغرب، سبقتها بوادر انفراج عديدة، قبل ذلك، بدءا بتصريح وزيرة الشؤون الخارجية الفرنسية السابقة، كاثرين كولونا، الذي أدلت به في شتنبر الماضي، حيث أعلنت فيه عن زيارة عمل قريبة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى المغرب، مرورا بلقاءات ثنائية لوزراء ومسؤولين من الجانبين والاعلان عن توقيع اتفاقيات استثمارية، وصولا إلى استقبال زوجة الرئيس الفرنسي بريجيت ماكرون للأميرات المغربيات الثلاث؛ للا مريم وللا أسماء وللا حسناء، بقصر الإليزيه خلال الأسبوع الماضي.

ويأتي هذا التقارب السياسي الجديد بين الحليفين التقليديين، في ظل الانحسار الذي تعرفها فرنسا بإفريقيا خاصة على مستوى منطقة الساحل، حيث أتت تدخلاتها العسكرية في العديد من الدول الافريقية بنتائج عكسية، جعلتها خارج المنطقة، وذلك منذ سنة 2020، عندما بدأت الانقلابات تطيح بالقادة الأفارقة الموالين لفرنسا، بدءا بمالي، ثم بوركينا فاسو، وختاما بالنيجر.

وتعليقا على ذلك يقول عمر المرابط، إن “استراتجية الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في التعامل مع الدول الإفريقية، أثبتت أن اختياراته السياسية سلبية، سيما بعد اختياره التقرب من الجزائر، خاصة في ظل الحرب الأوكرانية، التي أعطت للغاز الجزائري قيمة دولية، والتي لم تعد الآن كما السابق، وهو ما يفسر تغير الموقف الفرنسي، الذي لم يفز بعلاقات جيدة مع الجزائر وكاد أن يخسر المغرب بنهجه سياسة اللعب على الحبلين”.

وفي الوقت الذي انطفأت فيه أضواء باريس في الساحل، أنار فيه مصباح الرباط دولها، الأمر الذي وجد تأكيده في تصريح سفير فرنسا بالمغرب كريستوف لوكورتييه، قبيل أيام على زيارة سيجورنيه، في لقاء حول العلاقات الفرنسية – المغربية بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بعين الشق ( الدار البيضاء )، الذي أشاد فيه بـ”العلاقات المميزة” التي تمكن المغرب من إقامتها مع البلدان الإفريقية، معتبرا أن للمملكة وفرنسا “أشياء كثيرة يمكنهما القيام بها معا” على مستوى هذه القارة”.

ويؤكد المحلل السياسي عمر المرابط، أن “خروج فرنسا الاضطراري من منطقة الساحل، يتزامن مع ظروف غير مواتية لها على الإطلاق، لأن هذا الانحسار السياسي يتبعه انحسار اقتصادي واستراتيجي كبير” موضحا أن “دولة النيجر كانت تزود فرنسا بمادة الأورانيوم الذي يستخدم في إنتاج الأسلحة النووية، الأمر الذي لم يعد ممكنا الآن، إضافة إلى أن هذه المنطقة عرفت بسيادتها التاريخية لفرنسا”.

وخلص المتحدث عينه، إلى أن “فرنسا تعتقد أن مصالحتها مع المغرب سيسمح لها بنوع من التعاقد الاستراتيجي السياسي، للعودة إلى منطقة الساحل، خاصة بعد إعلان المغرب عن المبادرة الملكية الرامية لولوج دول الساحل إلى الأطلسي”، مبرزا أن “زيارة سيجورنيه إلى الرباط، قد تكون تحضيرية لزيارة ثانية سيقوم بها الرئيس الفرنسي إمانويل ماكرون إلى المغرب في المستقبل القريب”.