المغرب يفتح حملة اعتقالات مسؤولين لإيقاف نزيف الفساد
تعيش الساحة السياسية بالمغرب في الأشهر الأخيرة على وقع حملة اعتقالات ومتابعات قضائية في حق مسؤولين عموميين بتهم تنوعت بين التزوير والفساد واستغلال النفوذ والمتاجرة في المخدرات وغيرها.
وكانت آخر تطورات هذه المتابعات، تجريد المحكمة الدستورية، يوم أمس، لنائبين برلمانيين من عضويتهما بالبرلمان على خلفية متابعتهما في قضايا فساد.
وتروم هذه الحملة إيقاف نزيف الفساد الذي ينخر جسد وطن يبقى ترتيبه متوسطا في مؤشر مدركات الفساد، بسبب التأخر المتراكم في إخراج القوانين وتنفيذ مشاريع التي تروم محاربة هذه الآفة.
القانون لا يكفي
وقال أستاذ القانون الدستوري بجامعة الحسن الأول بسطات عبدالحفيظ اليونسي، “إن الترسانة القانونية هي فقط آلية مهمة من بين الآليات الأخرى، لكنها غير كافية لوحدها، ولهذا نحتاج إلى ثقافة مؤسساتية يمكنها أن تعمل القانون بطريقة موضوعية وليست بطريقة انتقائية أو حسب سياقات سياسية معينة”.
وأضاف اليونسي، أنه “في كل الحالات ورغم أن المغرب من بين الدول الأوائل التي صادقت على الاتفاقية الدولية لمحاربة الفساد سنة 2003 ورغم وجود مجموعة من المقتضيات في المسطرة الجنائية ومجموعة من المعطيات المسطرية، إلا أنها تبقى غير كافية نظرا لوجود ثغرات قانونية يمكن استخدامها لإطالة أمد المتابعات أو التهرب من مبدإ ربط المسؤولية بالمحاسبة”.
نخب سياسية وإدارية فاسدة
وكشفت محطات كثيرة، حجم الفساد واستغلال النفوذ على مستوى تدبير الشأن العام بالمغرب، بدءا بضعف معدلات التنمية على امتداد المدن والقرى المغربية، ومرورا بالتقارير الدولية، التي غالبا ما تضع المغرب في مراتب متدنية، فيما يتعلق بمحاربة الفساد، وانتهاء بكارثة زلزال الأطلس الكبير، الذي عرى واقعا تنمويا مترديا، بسبب نخب سياسية وإدارية فاسدة، تمتلك سلطة القرار وتوظفه من أجل مراكمة الثروة، وخدمة مصالحها الخاصة على حساب المصلحة العامة.
وفي هذا الباب أوضح اليونسي، أن “هذه المتابعات تعطي مؤشرات على أن المغرب، بصدد فتح صفحة جديدة في متابعة هذا النوع من الجرائم في أي مستوى تدبيري كان، سواء أكان معينا أو كان منتخبا”.
وأردف المتحدث قائلا، “إن المؤشرات الماثلة بين أيدينا والمعطيات التي ظهرت وبناء على المتابعات القضائية، يمكن أن نقول إننا بصدد تراكم في أسلوب ممارسة الدولة لصلاحياتها في حماية المال العام، وحماية مشروعيتها وشرعيتها التي يمكن أن يخدشها هذا الفساد”.
ويبقى فتح باب المتابعات القضائية في وجه مسؤولين عموميين، على خلفية ارتكابهم لأفعال يجرمها القانون، نقطة ضوء في مسار محاربة الفساد بالمغرب، لكن ضعف الترسانة القانونية، ووجود ثغرات قد تطيل أمد المتابعات، يبقى عائقا أمام الحد من ظاهرة الفساد، مما يستوجب وضع استراتيجية قانونية واضحة للوقاية من هذه الآفة، مع تعزيز البناء المؤسساتي بصلاحية الممارسة الاستباقية لمواجهة هذا النوع من الجرائم.