story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
مجتمع |

خطر انتشار الجراد الصحراوي.. خبير يوصي بسرعة الاستجابة لمواجهة أي هجوم محتمل

ص ص

يتأهب المغرب لمواجهة خطر محتمل جراء رصد أسراب من الجراد الصحراوي في مناطق مختلفة من الجنوب الشرقي للمملكة، حيث تم تسجيل أعداد محدودة من الجراد في بعض المناطق الحدودية المغربية، مثل طاطا وبوعرفة، بالإضافة إلى أجزاء من الراشيدية وتنغير، وذلك بعد الانتشار الواسع لهذه الحشرة في ليبيا وتونس والجزائر خلال الأيام الماضية.

وفي هذا الإطار، أرسل المركز الوطني لمكافحة الجراد فرقا ميدانية من المهندسين إلى المناطق المتاخمة للحدود الجزائرية، خاصة في طاطا وأقاليم الجنوب الشرقي، لإجراء مراقبة دقيقة للوضع واتخاذ الإجراءات الوقائية اللازمة لمواجهة أي هجوم محتمل.

ووفقًا لمنظمة الأغذية والزراعة (الفاو)، يتميز الجراد الصحراوي بقدرته التدميرية الكبيرة، إذ يمكنه استهلاك ما يعادل وزنه من الغذاء يوميًا، كما أشارت إلى أن أسراب الجراد قد تضم حتى 80 مليون جرادة في الكيلومتر المربع الواحد، وهو عدد قادر على استهلاك كمية غذائية تكفي لإطعام 35 ألف شخص.

وفي الوضع الطبيعي، يظل الجراد الصحراوي ضمن المناطق القاحلة الممتدة من المغرب إلى باقي بلدان المغرب العربي وشبه الجزيرة العربية وجنوب غرب آسيا، حيث يتنقل موسميًا بين مناطق تكاثره، لكن في فترات الانتشار الكثيف، قد يتجاوز هذه المناطق ليصل إلى أراضٍ أكثر خصوبة، بل وحتى إلى شمال البحر الأبيض المتوسط.

وبالإضافة إلى ذلك، لعبت الظروف المناخية دورًا أساسيًا في ظهور هذه الأسراب، حيث ساهمت الأمطار الغزيرة التي شهدتها المناطق الصحراوية مؤخراً في نمو الأعشاب والمحاصيل التي تُعتبر الغذاء المفضل للجراد، وهو ما حفّز تكاثره، كما أن الرياح والتيارات الهوائية تساعد الجراد على التنقل لمسافات طويلة، مما يزيد من احتمالية وصوله إلى مناطق جديدة.

وتشير تقارير “الفاو” الأخيرة إلى أن المنطقة الغربية، التي تشمل المغرب ومنطقة الساحل، مصنفة ضمن مستوى الحذر (اللون الأصفر)، والذي يستدعي القيام بعمليات مراقبة ومكافحة استباقية.

وفيما يخص المغرب، تم تسجيل 12 موقعًا لانتشار الجراد البالغ خلال شهر فبراير، مع رصد 54 موقعًا آخر خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة في مناطق تشمل وادي درعة، أوسرد، السمارة، وآسا، إلا أنه بالرغم من هذه المؤشرات، فإن غالبية الجراد المكتشف ما زال في حالة انعزال، حيث تم رصد أعداد متفرقة من الجراد الناضج في وادي درعة، شرق فم الحصن، وجنوب غرب أرفود، دون ظهور أسراب كبيرة حتى الآن، كما أن التوقعات تشير إلى استمرار الجراد المنفرد خلال الشهر المقبل مع احتمال محدود للتكاثر الربيعي في بعض المناطق.

وفي مواجهة هذا الوضع، قال فؤاد الزهراني، الخبير في علوم البيئة والتنمية، إن “الإجراءات الاستباقية ضرورية لتفادي تأثير الجراد على المحاصيل الزراعية”، مشيرًا إلى أهمية تعزيز أنظمة الإنذار المبكر لمتابعة تحركات الأسراب والتنبؤ بمساراتها المحتملة، حيث أوضح أن عمليات الرصد والمراقبة المستمرة تتيح للسلطات اتخاذ تدابير وقائية في الوقت المناسب، بما يقلل من فرص وصول الجراد إلى المناطق الزراعية الخصبة وإلحاق أضرار جسيمة بالمحاصيل.

وأضاف الخبير، أن التدخل السريع ضروري عبر استخدام الطائرات المروحية لرش المبيدات على المساحات المتضررة، مع التأكيد على ضرورة استخدام مبيدات آمنة بيئيًا لتفادي أي تأثير سلبي على البيئة والصحة العامة، كما شدد على أن “سرعة الاستجابة تلعب دورًا حاسمًا في تقليل انتشار الجراد، إذ أن التأخير في اتخاذ التدابير المناسبة قد يؤدي إلى تفاقم الأوضاع وخروجها عن السيطرة”.

كما شدد الزهراني على أهمية التنسيق الإقليمي والدولي في جهود مكافحة الجراد، مشيرًا إلى أن تعزيز التعاون مع الدول المجاورة والمنظمات الدولية، مثل منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو)، يساهم في تبادل المعلومات والبيانات حول تحركات الجراد، كما دعا إلى توعية الفلاحين والساكنة المحلية حول كيفية التعامل مع الجراد وطرق حماية محاصيلهم، وذلك من خلال تنظيم حملات إرشادية تهدف إلى نشر الوعي بأساليب الوقاية والمكافحة.

من ناحية أخرى، تواجه دول أخرى وضعًا أكثر تعقيدًا، حيث غزت أسراب الجراد العديد من الحقول الزراعية في ليبيا، ما دفع السلطات إلى التحذير من صعوبة احتواء الظاهرة، وتشير التقارير إلى تسجيل 38 موقعًا إيجابيًا لوجود الجراد، منها ثلاثة مواقع تضم تجمعات كثيفة على مقربة من الحدود التونسية والجزائرية.

أما فيما يتعلق بالجزائر، تم توثيق انتشار الجراد في عدة مناطق جنوبية، خاصة في الولايات الحدودية مثل ورقلة، الوادي، الأغواط وتبسة، حيث أكد المعهد الجزائري لحماية النباتات أن الرياح الجنوبية الشرقية قد تساهم في نقل أسراب الجراد إلى مناطق أخرى، مما يستوجب إجراءات سريعة لاحتواء الوضع قبل تفاقمه، لا سيما في ظل وجود 234 موقعًا تم تأكيد إصابتها بالجراد خلال الأسابيع الماضية.

وبالنسبة لتونس، فرغم تسجيل حالات لوجود الجراد في بعض المناطق الجنوبية، إلا أن السلطات تؤكد أن الوضع ما زال تحت السيطرة، مع استبعاد أي تأثير مباشر على الموسم الزراعي الحالي في المناطق الشمالية.

ووفقًا لتوقعات الفاو، من المحتمل استمرار تواجد مجموعات الجراد في جنوب الجزائر، وسط وجنوب ليبيا، وأجزاء من شمال غرب النيجر، شمال شرق مالي، وشمال تشاد خلال الشهر المقبل، ومع ارتفاع درجات الحرارة في الصحراء، يُتوقع تزايد أعداد الجراد بسبب التكاثر الربيعي.