المغرب- سوريا.. خطوة جديدة لطي سنوات القطيعة مع النظام السابق
بعد انهيار نظام الأسد الذي حكم سوريا والسوريين لعقود طويلة بالحديد والنار، شرعت المملكة المغربية في فتح صفحات جديدة مع القيادة السورية، بزعامة القائد العام للإدارة الجديدة أحمد الشرع، كان آخرها الاتصال الهاتفي الذي جمع بين وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج ناصر بوريطة، ونظيره السوري أسعد الشيباني يوم أمس.
وفي هذا السياق، قال الخبير في العلاقات الدولية خالد الشيات، في حديث مع صحيفة “صوت المغرب”، إن هذه الخطوة “تأتي في إطار المسارات التي شهدتها العلاقات مع المعارضة السورية، خاصة عبر المبادرات التي أطلقها الملك محمد السادس، من إقامة مستشفيات ميدانية إلى إرسال مساعدات إنسانية”، بالإضافة إلى “الدعم الدبلوماسي المباشر للشعب السوري، ورفض المسارات التي كان يتبعها النظام السياسي السابق، سواء للانخراط في جامعة الدول العربية أو غيرها من المنتديات التي عبر فيها المغرب عن دعمه الكامل واللامشروط للشعب السوري”.
ويرى الشيات، أستاذ القانون الدولي والعلاقات الدولية في جامعة محمد الأول بوجدة، أن العلاقات المغربية السورية في مرحلة ما بعد الإطاحة بنظام الأسد “تتطلب من الدبلوماسية المغربية أكثر من مجرد اتصال بين وزراء الخارجية”.
وأوضح أنه توجد على مستوى العمل الدبلوماسي اليوم قنوات عديدة “للتواصل مع المعارضة التي أصبحت جزءاً من النظام السياسي في سوريا”، مشيراً إلى أن من بينها “التواصل عبر مكالمة هاتفية، لكن لا بد من الحضور الفعلي أيضاً والاستفادة من الموقع المتقدم للمغرب في علاقته السابقة مع الشعب السوري”.
وحذر الشيات من أن الدولة السورية “كانت لعقود دولة معادية للوحدة الترابية للمغرب ومصالحه”، لافتاً الانتباه إلى “وجود منظومة داخلية يجب على المغرب العمل على تحييدها عن أي أنساق جديدة للعلاقات بين المغرب وسوريا”، وهو ما يتطلب، وفقاً للمتحدث، تكثيف التواصل والعمل الدبلوماسي مع الإدارة الجديدة عبر مختلف القنوات المتاحة، ومنها زيارة دمشق.
كما شدد على ضرورة تثمين هذا الوضع حالياً ومستقبلاً في العلاقات المغربية السورية “حتى تعود إلى طبيعتها وإلى مستوى المصالح المشتركة التي تجمع البلدين”.
وتعليقاً على سقوط نظام بشار الأسد، كان وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج ناصر بوريطة قد قال، يوم 9 دجنبر 2024 إن “المملكة المغربية تتابع عن كثب التطورات المتسارعة والمهمة التي تشهدها سوريا، وتأمل أن تسهم في تحقيق آمال الشعب السوري في الاستقرار والتنمية”.
وأوضح بوريطة، خلال لقاء صحافي بالعاصمة الرباط حينها، أن الموقف المغربي ظل دائماً واضحاً ويرتكز على الحفاظ على الوحدة الترابية وعلى السيادة الوطنية وعلى وحدة الشعب السوري، مشيراً إلى أن “هذا الموقف كان ويظل ثابتاً للمملكة التي تتمنى أن تجلب هذه التطورات لسوريا الاستقرار، وللشعب السوري ما يحقق تطلعاته إلى التنمية وإلى تحقيق مستقبل أفضل”.
وشدد على أن “المغرب، بقدر ما يقف إلى جانب سوريا، منادياً بالحفاظ على سيادتها وبعدم التدخل في شؤونها، فهو يدفع دائماً نحو ما فيه مصلحة واستقرار وسيادة ووحدة سوريا وما يحقق تطلعات شعبها الشقيق”.
وفي سياق ذلك، أعلنت الإدارة السورية الجديدة، مساء أمي الإثنين، عن أول تواصل دبلوماسي مع المغرب منذ سقوط نظام بشار الأسد، وذلك عبر اتصال هاتفي جمع بين وزير الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج ناصر بوريطة، ونظيره السوري أسعد الشيباني.
وأفادت وزارة الخارجية والمغتربين في سوريا بأن وزير الخارجية، أسعد الشيباني، “تلقى اتصالاً هاتفياً من معالي وزير الخارجية المغربي، السيد ناصر بوريطة”.
وأوضحت الوزارة ذاته أن وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج ناصر بوريطة أكد خلال الاتصال الهاتفي “دعم المغرب للشعب السوري، ودعمه لسيادة سوريا ووحدة أراضيها والقواسم المشتركة بين البلدين”.
كما شدد بوريطة على “ضرورة تعزيز العلاقات الدبلوماسية بما يخدم المصالح المشتركة”.
ويذكر أن العلاقات الدبلوماسية بين الرباط والنظام السابق في سوريا انقطعت رسمياً بعد عام من بداية الثورة السورية وذلك خلال يوليوز 2012، عندما أعلمت وزارة الخارجية المغربية السفير السوري في المغرب آنذاك نبيه إسماعيل، أنّه “غير مرغوب فيه” في الرباط، وبالمقابل غادرت البعثة الدبلوماسية المغربية من العاصمة دمشق بعد تبليغها ذلك رسمياً.