المعتضد: الأمم المتحدة أصبحت تقارب ملف الصحراء المغربية بمنطق الواقعية السياسية
اعتبر الخبير في الشؤون السياسية هشام المعتضد أن دعوة الأمين العام للأمم المتحدة جبهة البوليساريو إلى الالتزام بقرارات الشرعية الدولية والانخراط بجدية في مسار المفاوضات تمثل “تحوّلاً نوعياً” في مقاربة المنظمة الأممية لملف الصحراء المغربية، مؤكدا أن المنظمة بدأت اليوم تتحدث بلغة “الواقعية السياسية”.
وكان الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، قد بعث رسالة رسمية إلى زعيم جبهة “البوليساريو” إبراهيم غالي، أكد فيها ضرورة الالتزام بالمسار السياسي الواقعي والعملي الذي ترعاه المنظمة الأممية، بما يضمن تهيئة الظروف الملائمة لاستئناف العملية السياسية تحت إشراف مبعوثه الشخصي ستافان دي ميستورا.
في هذا السياق، أوضح المعتضد في تصريح لصحيفة “صوت المغرب” أن “الأمم المتحدة، التي كانت لعقود تسعى إلى التوازن في خطابها، بدأت اليوم تتحدث بلغة الواقعية السياسية، بعدما أدركت أن استمرار الجمود سببه رفض الطرف الانفصالي الانخراط في مقاربة بنّاءة”.
وأكد أن “هذا التحول لا يمكن قراءته إلا في سياق المكانة الجديدة للمغرب داخل المنظومة الأممية”، مبرزا أن قرار مجلس الأمن الأخير “لم يكرّس فقط مركزية مبادرة الحكم الذاتي، بل ثبّت المغرب كطرف موثوق دولياً وقادر على تقديم حل سياسي واقعي يحظى بتأييد واسع”،
كما أوضح أن دعوة غوتيريش تمثل “تأكيد ضمني على أن المغرب أصبح يمثل المرجعية الأساسية لأي تسوية مستقبلية، وأن على البوليساريو أن تتكيف مع هذا الواقع الجديد أو تبقى خارج السياق الدولي”.
واعتبر المتحدث ذاته أن دعوة الأمين العام تضع جبهة البوليساريو أمام “أزمة شرعية مزدوجة”، حيث يتعلق أولها بـ”أزمة تجاه المجتمع الدولي الذي لم يعد يقبل بخطابها المتجاوز”، فيما ترتبط الأزمة الثانية بالسكان المحتجزين في تندوف “الذين باتوا يدركون أن استمرار الجمود يخدم مصالح فئة ضيقة مرتبطة بجهات إقليمية، وذلك في الوقت الذي يظهر فيه المغرب كفاعل مسؤول، يمد اليد للحوار ويقدّم مشروعاً ملموساً ومتكاملاً في إطار الحكم الذاتي”.
و أضاف المتحدث أن “هذا الموقف الأممي الأخير يعكس أيضاً تحولاً في منطق إدارة النزاعات داخل الأمم المتحدة نفسها، التي باتت تميز بين من يسعى إلى الحل ومن يقتات على استمرار الأزمة”، موضحا أن غوتيريش، “بلغة الأمين العام لا الدبلوماسي، أعاد التذكير بأن الشرعية الأممية ليست مفهوماً نسبياً، بل التزاماً قانونياً وأخلاقياً يقتضي احترام مسارات التفاوض التي ترعاها الأمم المتحدة”.
وتابع أنه “في عمق هذه الرسالة، نلمس اعترافاً ضمنياً بفشل الرهان على الحلول المتطرفة أو الانفصالية، وتأكيداً على أن الواقعية السياسية هي المسار الوحيد القابل للحياة”، مضيفا أن هذا الأمر “يتقاطع تماماً مع الرؤية الملكية التي طرحت منذ 2007 مبادرة الحكم الذاتي كخيار استراتيجي واقعي، يضمن السيادة المغربية ويصون كرامة جميع الأطراف”.
وشدد المعتضد أن مطالبة غوتيريش للجبهة بالانخراط في المسار الأممي “ليست مجرد توصية إجرائية، بل اعتراف استراتيجي بانتقال مركز الثقل في هذا الملف نحو المغرب”. مضيفا أن المغرب “لم يعد يفاوض من موقع الدفاع، بل من موقع الفعل السيادي، وأن الأمم المتحدة لم تعد وسيطاً بين طرفين متكافئين، بل راعية لمسار دولي تبلور حول رؤية مغربية أثبتت نجاعتها وواقعيتها في بناء الاستقرار بالمنطقة”.