story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
سياسة |

“المعارضة الرقمية تفرض نفسها”.. وأكاديميون: الأحزاب مطالبة بتجديد أدواتها

ص ص

قال الوزير السابق والأستاذ بالمعهد العالي للإعلام والاتصال، مصطفى الخلفي، إن “الفاعلين السياسيين لم يعد بإمكانهم الاكتفاء بالقوالب التقليدية، في التواصل مع المواطنين والدفاع عن أفكارهم وبرامجهم، في ظل التطور التكنولوجي الذي يعرفه العالم، لأن “الطبيعة لا تحب الفراغ”، موضحا أن “الأحزاب والمؤسسات إذا لم تنفتح على الفضاء الرقمي، فإن فاعلين آخرين، سواء من المعارضة الرسمية أو غير الرسمية، سيملؤون هذا الفراغ من خلال استخدامهم الفضاءات الرقمية”.

وأوضح الخلفي، خلال ندوة علمية نظمتها مؤسسة الفقيه التطواني حول موضوع “المعارضة الشعبية الرقمية”، السبت 22 مارس 2025، أن هذه الأخيرة أصبحت مؤثرة، مستفيدة من أدوات التكنولوجيا الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي ووسائل التفاعل المباشر التي توفرها الشبكات الاجتماعية، والتي تتيح لها قدرة كبيرة على الانتشار والتعبئة، موردا أن أكثر من 27% من الشباب اليوم منخرطون في منصات مثل فيسبوك، ما يجعلها فضاءً رئيسيًا للتأثير على المواقف والآراء.

وفي هذا السياق، أوضح الخلفي، العضو بالأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، أن هذه المعارضة تمكنت من تحقيق نتائج ملموسة في عدد من القضايا، مشيرًا إلى “حملات المقاطعة ضد بعض المنتجات سنة 2018، والتي ساهمت فيها التعبئة الرقمية في تغيير سلوك المستهلكين وإحداث تأثير اقتصادي واضح”، كما أشار إلى دورها خلال أحداث زلزال الحوز، حيث تم استثمار الفضاء الرقمي لتنسيق جهود المساعدات وتعزيز الاستجابة السريعة.

واستدرك المتحدث قائلاً إن “المعارضة الرقمية، رغم قوتها، لا يمكن أن تكون بديلاً عن المعارضة الميدانية”، موضحًا أن بعض القضايا لم يكن فيها الفضاء الرقمي هو العامل الحاسم، وذكر على سبيل المثال احتجاجات طلبة الطب و”الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد”، إذ أنه “بالرغم من التفاعل الرقمي حولها، لم تعتمد هذه الاحتجاجات على وسائل التواصل الاجتماعي فقط، بل كانت التعبئة الميدانية والتواجد الفعلي على الأرض هما العنصر الأساسي في استمرارها وتحقيق مطالبها”.

ومن جهته، حذر محمد الخمسي، خبير استشاري وأستاذ جامعي، من أن “تراجع دور مؤسسات الإعلام الكلاسيكي والمؤسسات السياسية الرسمية، ساهم في خلق فراغ ملأه الفاعلون الرقميون، وهو ما جعل المشهد أكثر تعقيدًا وصعوبة في التوقع”.

وأوضح الخمسي أن “الخوارزميات أصبحت تشكل تحديًا جوهريًا، إذ لم تعد تقتصر على تنظيم المحتوى، بل تجاوزت ذلك إلى اتخاذ القرارات واقتراح الأفكار وحتى التأثير على المشاعر”، مضيفا أن “هذه التحولات أفرزت تحديات أخرى، مثل تصاعد الفردانية، وانتشار التفتيت المعرفي، وتنامي ظاهرة التجهيل، بحيث أصبح التضليل وصناعة الشكوك أدوات مؤثرة في تشكيل الرأي العام”.

واستطرد المتحدث قائلاً إن “أحد الإشكالات الكبرى التي تواجهنا تتمثل في كوننا دول مصب، لا ننتج هذه التكنولوجيا ولا نتحكم في خوارزمياتها أو قيمها، بل نتحمل فقط آثارها”، مشيرا إلى أن هذه التبعية الرقمية قد تخلق مجتمعًا منقطعًا عن واقعه، يتأثر بالتوجهات التي تفرضها المنصات الرقمية دون امتلاك القدرة على التحكم فيها أو مواجهتها بوعي نقدي.

ومن ناحية أخرى، انتقد الخمسي النظام التعليمي بالمغرب، مشيرا إلى أن “التضييق على الفلسفة والفكر النقدي أضعف مناعة المجتمع أمام هذه التحولات، ما جعل المعارضة الرقمية أكثر صعوبة في التوقع أو التحكم في مساراتها”، مضيفا أن “غياب الوعي النقدي أدى إلى تسارع المطالب الإصلاحية، بحيث أصبحت بعض الفئات تتوقع نتائج فورية دون إدراك تعقيدات الزمن السياسي والتنموي”.

وختم الخمسي حديثه بالتأكيد على أهمية فتح القنوات الطبيعية للحوار، مثل الأحزاب والنقابات والمجتمع المدني، باعتبارها “الوسيط بين المجتمع والدولة”، مشددا على أن “إغلاق هذه القنوات قد يؤدي إلى احتقان يصعب التنبؤ بعواقبه، ما يتطلب ضرورة إعادة ترتيب استراتيجيات إصلاح التعليم، وإفساح المجال أمام الفكر النقدي والفلسفي، لضمان قدرة المجتمع على التعامل الواعي مع التحديات الرقمية الراهنة”.