story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
سياسة |

المصطفى براهمة.. اليساري الذي عاش مدافعا عن الكادحين والمهمشين

ص ص

انتقل إلى دار البقاء اليوم المهندس والسياسي المغربي المصطفى براهمة، عن عمر ناهز السبعين عاماً، بعد مسيرة نضالية طويلة أرخته كأحد أبرز قيادات اليسار في المغرب.

وُلد براهمة سنة 1955 في دوار الجوالا في ولاد حريز قرب مدينة برشيد، وهو شقيق سعاد براهمة رئيسة الجمعية المغربية لحقوق الإنسان. انخرط منذ شبابه في العمل السياسي والنضالي، مسجلاً حضوراً بارزاً في صفوف منظمة “إلى الأمام” الماركسية اللينينية السرية.

التحق براهمة بالمدرسة المحمدية للمهندسين، حيث شكلت هذه المرحلة منعطفاً أساسياً في حياته، إذ تعرف على الفكر الماركسي اللينيني وبدأ نشاطه السياسي الذي دفع السلطات إلى اعتقاله في عام 1985، ليصدر ضده حكما بالسجن لمدة 20 عاماً بتهمة “المؤامرة ضد النظام”.

وأُفرِج عنه بعفو ملكي العام سنة 1994 بعدما قضى عشر سنوات خلف القضبان.

بعد خروجه من السجن، أسهم براهمة مع رفاقه في تأسيس حزب “النهج الديمقراطي العمالي”، ليقود الحزب كأمين عام لولايتين متتاليتين بين 2012 و2022، محافظاً على التوجه الماركسي للحزب، ومتمسكاً بمقاطعة الانتخابات التي اعتبرها “مسلسلاً مغشوشاً لا تخدم مصالح الشعب”.

وعُرف الراحل بكونه “الرجل الذي عاش واقفا” – كما وصفه رفيقه في الحزب عزيز غالي في بلاغ نعيه – إذ ظل وفياً لقضايا الشعب المغربي، ومدافعاً عن قضاياه بما فيها الفئوية، إلى جانب القضية الفلسطينية. كما لعب دوراً قيادياً في الكونفدرالية الديمقراطية للشغل.

وكان للبراهمة حضور مهم في الفترة التي عرفت نسج توافقات بين تيارات سياسية مختلفة، بما في ذلك محطات الحوار والنضال المشترك بين حزبه اليساري وجماعة العدل والإحسان الإسلامية.

اضطر البراهمة لترك مهامه القيادية والنضالية سنة 2022، جراء استفحال المرض الذي ألزمه الخضوع لبرنامج طبي صارم ومكثف، قبل أن يختطفه الموت صباح يوم الإثنين 13 أكتوبر 2025.

وفي نعيه له، قال الحقوقي عزيز غالي إن المصطفى براهمة “عاش نبيلاً وصلباً في المبدأ، وإنساناً في جوهره، وثائراً في كل تفاصيله”.

وأشار إلى أنه كان مناضلاً “لم يساوم يوماً، ولم يبدّل موقعه مهما اشتدت العواصف”، إذ أنه ظلّ وفيّاً لقضايا الشعب المغربي، مدافعاً شرساً عن الكادحين والمهمشين، “مؤمناً بأن الحرية لا تُوهب، بل تُنتزع انتزاعاً”.

كان المصطفى براهمة “ضميراً يسارياً حياً، وصوتاً للمقهورين، ووجهاً من وجوه الصدق النادر في زمن الانحناء”، يضيف غالي، مبرزاً أنه “اختار صفّ النضال عن وعيٍ ومسؤولية، وترك دروساً في الثبات، والنزاهة، والإخلاص للفكر والمبدأ والقضية”.

ويعتبر غالي أن اليسار المغربي فقد برحيله أحد أنبل رجالاته، كما فقدت الحركة الديمقراطية “أحد أكثر مناضليها نقاءً وصلابةً وإيماناً بقدرة هذا الشعب على التحرر والعدالة”.