story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
برلمان |

المحكمة الدستورية تقضي بعدم دستورية بعض مواد قانون المسطرة المدنية

ص ص

قضت المحكمة الدستورية بعدم مطابقة عدد من مواد القانون رقم 23.02 المتعلق بالمسطرة المدنية، للدستور، وذلك في قرارها رقم 255/25، الصادر يوم الإثنين 04 غشت 2025، بعد إحالة القانون في صيغته النهائية من طرف رئيس مجلس النواب، في رسالته المسجلة بالأمانة العامة للمحكمة في 9 يوليوز 2025، من أجل البت في مطابقته للدستور.

وجاء في نص القرار أن، المواد 17 (الفقرة الأولى) و84 فيما نص عليه المقطع الأخير من الفقرة الرابعة من أنه: “أو يصرح بذلك، أو أنه من الساكنين معه من الأزواج أو الأقارب أو الأصهار ممن يدل ظاهرهم على أنهم بلغوا سن السادسة عشر، على أن لا تكون مصلحة المعني في التبليغ متعارضة مع مصلحتهم”، و90 (الفقرة الأخيرة) و107 (الفقرة الأخيرة) و364 (الفقرة الأخيرة) و288 و339 (الفقرة الثانية) و408 و410 في الفقرتين الأوليين منهما فيما خولتا للوزير المكلف بالعدل من تقديم طلب الإحالة من أجل الاشتباه في تجاوز القضاة لسلطاتهم أو من أجل التشكك المشروع و624 (الفقرة الثانية) والمادة 628 (الفقرتان الثالثة والأخيرة)، غير مطابقة للدستور.

وأضاف أن المقتضيات التي أحالت على المقطع الأخير من الفقرة الرابعة من المادة 84، في المواد 97 و101 و103 و105 و123 في فقراتها الأخيرة و127 و173 و196 في فقراتها الأولى و204 في فقرتها الثالثة و229 في فقرتها الأولى و323 و334 و352 و355 و357 في فقراتها الأخيرة و361 في فقرتها الأولى و386 في فقرتها الأخيرة و500 في فقرتها الأولى، و115 و138 و185 و201 و312 و439، غير مطابقة للدستور.

وأمرت المحكمة بتبليغ نسخة من قرارها هذا إلى كل من رئيس الحكومة، ورئيس مجلس النواب، ورئيس مجلس المستشارين، وبنشره في الجريدة الرسمية.

وكان مجلس النواب قد صادق يوم الثلاثاء 22 يوليوز 2025، بالأغلبية، على مشروع قانون المسطرة الجنائية، في إطار قراءة ثانية، وذلك بموافقة 47 نائبا ومعارضة 15 نائبا، من بين 395 نائبا عدد أعضاء المجلس، دون تسجيل أي امتناع عن التصويت.

وكان رئيس المجلس، راشيد الطالبي العلمي قد كشف، في غشت من السنة الماضية، عن اتخاذه قرار إحالة مشروع قانون المسطرة المدنية على المحكمة الدستورية في التصويت النهائي، بالموازاة مع الأزمة التي عرفتها محاكم المملكة جراء الإضرابات التي خاضها المحامون احتجاجا على نص القانون المذكور.

ووجهت فرق المعارضة، أثناء مناقشة القانون على مستوى البرلمان، انتقادات شديدة اللهجة لمضامينه في صيغته النهائية التي صوت عليها مجلس النواب، معتبرة أنه يمس بالحق في التقاضي ويقوض دور الدفاع، مستغربة ما وصفته باستعجال وزارة العدل في إخراج هذا النص التشريعي.

ورأى برلمانيون من المعارضة من بينهم فاطمة التامني النائبة البرلمانية عن فيدرالية اليسار الديمقراطي أن مشروع قانون المسطرة المدنية، جاء بمنحى تراجعي و”فيه تقويض مؤسف ويضيق على حق الدفاع عبر تقليص مجال تدخل المحامي في ظل ارتفاع نسبة الأمية والفقر وبالتالي هو تضييق للولوج للعدالة في آخر معاقلها”، فيما ذهبت النائبة البرلمانية عن حزب الاشتراكي الموحد، نبيلة منيب، حد اعتباره نصا يضرب الحق في المحاكمة العادلة.

ومن جهته، عبّر المحامي بهيئة الدار البيضاء ورئيس الفضاء المغربي لحقوق الإنسان، محمد النويني، عن تحفظه على عدد من البنود الواردة في النص، محذّرًا من أن المشروع “يمثل انتهاكًا صارخًا للحقوق الدستورية، ويمس بمبادئ العدالة المتعارف عليها، كما يهدد الأمن القضائي للمغاربة”.

وشدد النويني في تصريح سابق لصحيفة “صوت المغرب”، على أن المؤسسات التشريعية والسياسية مدعوة لتحمّل مسؤولياتها في تصحيح القانون، والعمل على ملاءمته مع مقتضيات دستور 2011، والعهود والمواثيق الدولية المصادق عليها من طرف المغرب، خاصة تلك المتعلقة بالحق في التقاضي وضمانات المحاكمة العادلة.

وطالب المتحدث بضرورة التناغم بين مشروع قانون المسطرة المدنية وباقي القوانين المنظمة لمنظومة العدالة، من قبيل النظام الأساسي للقضاة، وقانون المحاماة والمساعدة القضائية، والتنظيم القضائي، ومشروع رقمنة الإجراءات القضائية.

وأوضح رئيس الفضاء المغربي لحقوق الإنسان أن من أبرز الملاحظات المسجلة على المشروع، ما تضمنته المادة 375 التي “تحرم المتقاضي المتضرر من الطعن بالنقض ضد المقررات القضائية التي لا تتجاوز قيمتها 30 ألف درهم، وكذا في قضايا الكراء ومراجعة الوجيبة الكرائية”، إلى جانب المادة 30 التي تحضر الطعن بالاستئناف في القضايا التي لا تتعدى قيمتها 10 ألف درهم، معتبراً أن هذه المقتضيات “تتناقض بوضوح مع الحق في الولوج إلى العدالة، وتفرغ مبدأ المحاكمة العادلة من مضمونه”.

وفي غضون ذلك، استند النويني إلى المادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية التي تنص على أن “الناس جميعاً سواسيةأمام القضاء”، وإلى المادة 6 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، وكذا الفصل 118 من دستور 2011، الذي يقر بأن “حق التقاضي مضمون لكل شخص”.

وأشار المتحدث ذاته إلى أن النسخة الحالية من المشروع خفضت سقف الطعون مقارنة بالمسودة الأولى، حيث تم النزول من 80 ألف درهم إلى 30 ألف درهم بالنسبة لمحكمة النقض، ومن 40 ألف درهم إلى 10 ألف درهم بالنسبة لمحكمة الاستئناف، ما يكرس وفق تعبيره “تضييقاً على حق التقاضي”.

واعتبر النويني أن “من أخطر المقتضيات الواردة في المشروع ما تضمنته المادة 502″، التي تمنع الحجز على أموال وممتلكات الدولة والجماعات الترابية ومجموعاتها، ما يشكل في نظره “تعطيلاً واضحاً لمقتضيات الفصل 126 من الدستور الذي ينص على إلزامية تنفيذ الأحكام القضائية”.

ورأى في هذا التوجه “تمييزاً تحكمياً لفائدة أشخاص القانون العام، ومساساً بمبدأ المساواة أمام القانون، وضرباً لثقة المستثمرين الوطنيين والأجانب في عدالة واستقرار مناخ الأعمال”.

وانتقد المحامي محمد النويني كذلك تجاهل المشروع للمقترحات التعديلية التي تقدم بها المجلس الوطني لحقوق الإنسان وعدد من المتدخلين في مجال العدالة، والتي تروم ضمان انسجام النص مع المعايير الدولية ذات الصلة باستقلال القضاء وحقوق المتقاضين، وتكريس الحق الفعلي في الولوج إلى العدالة، لاسيما بالنسبة للفئات الهشة.