“المجلس الاقتصادي”: 36% من الأشخاص المٌؤمَّنِين يتخلون عن تلقي العلاج لضعف التعويضات
أفاد فؤاد ابن الصديق، الخبير في الحماية الاجتماعية وعضو المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، أن 36 بالمائة من الأشخاص المشمولين بنظام التأمين يتخلون عن تلقي العلاج نظرًا لضعف التعويضات المالية المتأتية عن طريق أنظمة التغطية الصحية، مما يجعلهم مضطرين لتحمل نفقات إضافية من جيوبهم.
وأوضح فؤاد ابن الصديق خلال عرضه لنتائج استطلاع أُنجز في إطار رأي المجلس حول “الحصيلة المرحلية لتعميم التأمين الصحي الأساسي على المرض” اليوم الأربعاء 20 نونبر 2024، أن 60% من السكان غير المشمولين بالتأمين اليوم يتخلون عن تلقي العلاج بسبب العوائق المالية، فيما يصل الرقم إلى 36% بالنسبة للأشخاص المشمولين بالتأمين.
وفي ظل هذا الوضع، كشف ذات الاستطلاع أن 52 بالمائة من غير المؤمّنين ليسوا مستعدين للانضمام إلى نظام التغطية الصحية، نظرًا لضعف التغطية الصحية، وهو ما يشير إلى إمكانية اعتبار هؤلاء للاشتراك في التأمين الصحي الإجباري بمثابة عبء مالي إضافي.
في ذات السياق، أشار الاستطلاع أيضًا إلى مشكل يتعلق بكلفة العلاجات المتخصصة والتأخر في تعويضها، حيث يتوجب على المرضى دفع مبالغ كبيرة مسبقًا والانتظار لاستردادها، مما يشكل عبئًا ماليًا كبيرًا، خاصة على الأسر ذات الدخل المحدود، وهو ما يتعارض مع مبدأ نظام التأمين الصحي الإجباري.
كما أظهر ذات المصدر أن المبالغ المعوضة تغطي جزءًا بسيطًا فقط (أقل من ثلث التكاليف الفعلية). حيث ما زالت الأسر تتحمل جزءًا كبيرًا من التكاليف من ميزانيتها، خصوصًا عند الحاجة إلى علاجات متخصصة، مشيرًا إلى أن الأسر ذات الدخل المنخفض تواجه صعوبات مالية حتى مع وجود تغطية، حيث يمكن أن تمثل التكاليف غير المعوضة جزءًا كبيرًا من مواردها المتاحة.
وحول تفسيره لهذه الأرقام، أوضح ابن الصديق، عضو المجلس ومقرر الموضوع، أنه بالنظر إلى المستوى المحدود للتسعيرة الوطنية المرجعية، وأيضًا بالنظر إلى الواقع المتعلق بالتكاليف في العيادات، فإن الناس يجدون أنفسهم مضطرين لتحمل نفقات إضافية من جيوبهم الشخصية، والتي قد تصل أحيانًا إلى 60% أو أكثر، وهي نسبة تبقى مرتفعة مقارنة مع سقف 25 في المائة الذي توصي به منظمة الصحة العالمية والبنك الدولي، وهو ما يدفع بعض المؤمنين أحيانا إلى العدول عن طلب العلاجات الأساسية لأسباب مالية.
وسلط المتحدث الضوء على مشكل آخر يتعلق بارتباط التعويض بالوصفة الطبية، مبرزًا أنه “عند زيارة الطبيب، إذا خرجت من الاستشارة دون وصفة طبية، لن تحصل على تعويض”. مبرزًا أن هذا الوضع يعكس وجود مشكلة في مفهوم الرعاية الصحية ذاته.
وتابع أن مفهوم الرعاية أصبح مرتبطًا بشكل منهجي بالحصول على وصفة طبية، بينما تتجه التوجهات الحديثة إلى فك الارتباط بين الرعاية الصحية واستهلاك الأدوية، مبرزًا أنه في المقابل إذا تم التركيز على تعزيز الزيارات الطبية والاستشارات، فسيؤدي ذلك إلى تعزيز الوقاية.
وبخصوص المشاكل الأخرى التي كشف عنها الاستطلاع، تتعلق بالفوارق في الولوجية وجودة الرعاية الصحية بين المناطق والقطاعين العام والخاص، حيث تقدم المؤسسات الصحية في المناطق الحضرية والمدن الكبرى خدمات أفضل، وهو ما يظهر أن الرعاية الصحية ليست متساوية في كل مكان، حيث توجد فروقات كبيرة بين المناطق الحضرية والريفية.
وأشار ذات الاستطلاع إلى اختلاف في جودة الخدمات بين القطاعين العام والخاص، حيث يُنظر إلى القطاع الخاص على أنه يقدم خدمات بجودة أفضل، لكنه أكثر تكلفة، مما يخلق عدم مساواة في الوصول إلى الرعاية، مضيفًا أن الرعاية في العيادات الخاصة أفضل، لكنها ليست متاحة للجميع بسبب تكلفتها العالية.