المجلس الاقتصادي: كلفة الكوارث الطبيعية بالمغرب تصل إلى 8 مليارات سنويا
أفاد تقرير حديث للمجلس الاجتماعي والاقتصادي والبيئي أن معدل كلفة الأضرار الناجمة عن الكوارث الطبيعية بالمغرب تصل إلى 8 مليارات درهم سنويًا، وهو ما يمثل 0.8 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي، مسجلًا عددًا من مواطن القصور التي تحد من دور الفاعلين في تنزيل منظومة تدبير المخاطر المرتبطة بالكوارث الطبيعية خصوصًا فيما يتعلق بضعف الثقافة حول المخاطر الطبيعية، بالإضافة إلى ضعف قدرة البنيات التحتية الأساسية.
وأوضح المجلس في رأيه المعنون بـ”من أجل تدبير ناجع واستباقي لمخاطر الكوارث الطبيعية: أدوار وقدرات الفاعلين الترابيين”، أن كلفة الفيضانات السنوية تصل إلى 4 مليارات درهم في المتوسط سنويًا، بينما يصل متوسط الخسائر السنوية للمحاصيل الزراعية إلى حوالي 3 مليارات درهم، مبرزًا أن الخسائر الاقتصادية الناجمة عن ظواهر طبيعية نادرة الحدوث كموجات التسونامي التي قد تصل إلى 58 مليار درهم، حسب تقديرات البنك الدولي.
وأبرز المجلس في رأيه أن تدبير المخاطر الطبيعية تؤطره العديد من القوانين والنصوص التنظيمية، مبرزًا أن تحليل الإطار القانوني كشف عددًا من أوجه القصور مما يستدعي ضرورة مراجعته، مشددًا على أنها ضرورة تُملِيها الصعوبات المرتبطة بمدى قابليته للتطبيق على الشكل الأمثل، وعدم مراعاته لجوانب أساسية تتعلق بتقييم المخاطر في التخطيط وتهيئة التراب الوطني، علاوة على نقص في برامج التربية والتحسيس والوقاية من المخاطر.
وبخصوص الموارد المالية المخصصة لهذا الجانب، أوضح المجلس أنه بالنظر لحجم وتعقيد مخاطر الكوارث الطبيعية، فإن الموارد البشرية والمالية غالبًا غير كافية، مسلطًا الضوء على الأهمية القصوى التي يكتسيها التعاون الدولي في تبادل المعلومات وتقديم المساعدة الإنسانية وتنسيق جهود الإغاثة وتعزيز قدرات تدبير المخاطر على نطاق عالمي.
في ذات السياق، انتقد المجلس أيضًا غياب الإطار القانوني الذي يحدد بشكل واضح أدوار ومسؤوليات المجتمع المدني في حال واقعة كارثية، مبرزًا أن الوضع يحد من نجاعة عمل الجمعيات عند وقوع أزمات مرتبطة بالكوارث الطبيعية.
وتابع في ذات السياق أن ثقافة العمل التطوعي في المغرب تظل غير متطورة بالقدر الكافي ولا تحظى بالمكانة التي تستحقها داخل المجتمع، ولا ترافقها مواكبة وتأطير من طرف المنظمات غير الحكومية، مضيفًا أيضًا عدم إشراك الجمعيات المحلية، بكيفية منتظمة، في تدابير الوقاية والتأطير وتتبّع وتقييم الأزمات المرتبطة بالكوارث الطبيعية.
وبناء على تشخيصه لأوجه القصور، قدم المجلس عددًا من التوصيات من بينها وضع قانون-إطار متعلق بالكوارث الطبيعية، يعطي تعريفًا للكوارث الطبيعية ويحدد معايير تصنيفها وتكييفها، ويبلور التوجهات العامة الكبرى للدولة في مجال تدبير الكوارث الطبيعية حسب كل مرحلة من مراحلها (الوقاية، التدخل، وإعادة البناء)، ويحدد أدوار ومسؤوليات الفاعلين المعنيين.
كما دعا إلى إعادة تأهيل البنيات التحتية والتجهيزات العمومية مع سن إلزامية احترام ضوابط البناء المقاوم للزلازل في تشييد المباني والمرافق العمومية والخاصة التي تستقبل المرتفقين، وكذا العمل على أن يتضمن تصميم التهيئة ووثائق التعمير والتصاميم الجهوية لإعداد التراب، بشكل إلزامي، خرائط حول المخاطر ذات الصلة بالكوارث الطبيعية.
وشملت التوصيات أيضًا استخدام الرقميات في الوقاية من المخاطر الطبيعية عن طريق تطوير أنظمة المعلومات الجغرافية والذكاء الاصطناعي بغية استشعار الكوارث المحتملة وإخطار الساكنة حول السلوكات الواجب اعتمادها، مبرزًا أنه يمكن استعمال هذه التكنولوجيات بعد حدوث كارثة ما في مجال تيسير عمليات الإنقاذ وإعادة البناء.
وأوصى أيضًا باستكشاف أدوات مالية مبتكرة على غرار التأمينات ضد المخاطر الطبيعية، وذلك بهدف مواصلة تعزيز وتنويع مصادر التمويل لضمان استجابة أكثر نجاعة لمخاطر الكوارث الطبيعية.