story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
افتتاحية رياضية |

المال لا يصنع الكرة!

ص ص

أمس الثلاثاء كان جمهور كرة القدم عبر العالم على موعد مع مبارتين متتابعتين في التوقيت، جمعت الأولى ناديي النصر والإتحاد برسم ” كلاسيكو ” الدوري السعودي، و الثانية بين ناديي مانشستر يونايتد و أسطون فيلا في إطار جولات الدوري الإنجليزي الممتاز.
تتابع المبارتين في التوقيت والإنتقال السريع من مشاهدة مباراة لأخرى كشف لدى المتفرج الكثير من الفوارق التي لازالت تفصل بين بطولة أُريدَ لها فجأة، و بالمال فقط، أن تجلب أنظار العالم وتتفوق تقنيا وإعلاميا على كل البطولات الأوروبية في إطار مشروع سياسي كبير، وبين بطولة عريقة تراكم أزيد من قرن من الوجود و التطور، ومبنية على سياسةِ احتراف متينة في التسيير والتكوين والتسويق الإقتصادي.

مباراة الإتحاد والنصر في مدينة جدة السعودية، كانت فيها كل شروط قمة كروية عالمية، حضور نجوم كبار استُقدموا بملايير الدولارات، وملعب من الطراز الحديث وحضور جماهيري كبير وتغطية إعلامية من كل القارات.

لكن عندما تفصل دقائق المباراة عن “هيلالة” الأجواء وأسماء النجوم لتُخضعها للمجهر التقني والتكتيكي الدقيق، تجدها فقط عبارة عن الكثير من الحماس في هزم الغريم، والإحتجاج على التحكيم، والحدة في اللعب، وغياب الإنضباط التكتيكي، وسهولة الوصول إلى المرمى، وضعف اللياقة البدنية لجل اللاعبين، خصوصا الذين هم على مشارف التقاعد الرياضي.

عند الإنتقال للمبارة الثانية بين مانشستر يونايتد وأسطون فيلا على ملعب أولد ترافورد الشهير بلقب “مسرح الأحلام”، يمكن لأي متفرج أن يلمس فرق السماء و الأرض في مستوى اللعب بمجرد أن يعطي الحكم ضربة الإنطلاقة.. إيقاع عال جدا وانضباط تكتيكي في كل الخطوط، وقوة ذهنية في التركيز على العمليات، ولياقة بدنية هائلة للاعبين وانصياع مثالي لقرارات الحكام. هذا بالإضافة إلى “الغرينتا” التي مكنت فريقا منهزما بهدفين لصفر، من العودة في النتيجة والتفوق في آخر المباراة بثلاثة أهداف لإثنين.

قبل انطلاق هذا الموسم وقف العالم يتفرج مذهولا على أموال المملكة العربية السعودية وهي تتدفق على خزائن الأندية الأوربية العريقة لتنتزع منها أبرز نجومها بمبالغ يسيل لها اللعاب وتزرعهم في بطولتها الموعودة، حتى اعتقد الكثيرون أن كرة القدم الحقيقية ستنتقل بكل إبهارها وجلبها للأضواء من القارة العجوز إلى الخليج العربي.

لكن واقع الحال وكرونولوجيا التاريخ الكروي علمنا أن المال وحده لا يصنع التفوق الرياضي، وأن جلب النجوم والكفاءات وإغذاق المنح والرواتب السمينة لا يقيم الفوارق التقنية بين عشية و ضحاها.

نعم قد “تسرق” بطولة روشن السعودية بعضا من جمهور كرة القدم عبر العالم بالنظر لوجود نجوم تركوا صداهم الكبير عبر مسيرتهم الكروية في الأندية العريقة، وقد تأخذ حيزها في الإهتمام الإعلامي وفي حصص النقل التلفزيوني لأبرز القنوات العالمية، ولكن التوفر على كرة قدم حقيقية تتفوق على أوروبا في مستواها التقني وفي المتعة التي تمنحها للمشاهدين، يتطلب عقودا من العمل القاعدي المتين ومن التخطيط المعقلن ومن الحكامة في توزيع هذه الأموال الطائلة على المخططات المدروسة باحترافية عالية.

ما يصنعون حاليا في دوري “روشن” السعودي هو فقط عملية سقي للشجرة من رأسها.