المؤتمر التاسع للعدالة والتنمية.. أول مراجعة شاملة للحزب منذ 20 سنة

قال مصطفى الخلفي، القيادي في حزب العدالة والتنمية، إن ورقة البرنامج العام، المقرر عرضها خلال المؤتمر الوطني التاسع، تُعد أول مراجعة شاملة وعميقة للحزب منذ عشرين سنة.
وأوضح الخلفي، خلال ندوة صحافية نظمتها اللجنة التحضيرية للمؤتمر، يوم الأربعاء 16 أبريل 2025، أن هذه الورقة تمثل مراجعة تحليلية لمسار الحزب، انطلاقًا من الوثيقة التي قدمها الراحل عبد الكريم الخطيب إلى الملك الحسن الثاني سنة 1972، مرورًا بوثيقة “مبادئ واختيارات” سنة 1996، ثم الورقة المذهبية سنة 2004، وانتهاءً بمراجعة سنة 2008.
وفي معرض حديثه عن ورقتين تصوريتين تتعلق الأولى بالبرنامج العام، بينما الثانية عبارة عن ورقة سياسية شاملة جديدة تتناول توجهات المرحلة المقبلة، أشار الخلفي، وهو رئيس اللجنة السياسية في التحضير للمؤتمر، إلى أن البرنامج العام للحزب يرتكز على ثلاثة محاور رئيسية: تاريخ الحزب ومساره النضالي، الممارسة السياسية خلال العقود الثلاثة الأخيرة سواء في المعارضة أو الحكومة، بالإضافة إلى استيعاب التحولات الدولية والإقليمية.
توجهات الحزب
وعدّد الخلفي أربعة توجهات للحزب في هذا السياق، أولها الإصلاح الدستوري والسياسي والبناء الديمقراطي، من خلال التأكيد على “الحاجة إلى مرحلة جديدة من التصحيح والمبادرات الدستورية لتعزيز هذا البناء، بما يشمل احترام الدستور، والتعاون مع قوى الإصلاح، ومحاربة الفساد، والنهوض بالحقوق والحريات، وتوسيع المشاركة الشعبية”.
أما التوجه الثاني، فيتعلق بالقضايا المجتمعية، التي لخصها الخلفي في قضيتين رئيسيتين: الأسرة والتعليم، مع التأكيد على إعادة الاعتبار للغة العربية كلغة للتدريس، معتبراً أن هذين المجالين “يشكلان مدخلين أساسيين لأي إصلاح شامل”.
وفي ما يخص التوجه الثالث، المرتبط بالقضايا التنموية والاقتصادية والاجتماعية، أشار الخلفي إلى أن “الوضع الحالي يعرف إفراغًا لمفهوم الدولة الاجتماعية من مضامينه”، ما يفرض -بحسبه- الانخراط في مشروع وطني لتصحيح مسار بناء الدولة الاجتماعية. وأكد أن المرحلة شهدت تزاوجًا متناميًا بين الثروة والسلطة، ما انعكس سلباً على شروط المنافسة الشريفة والتنمية الحقيقية والشاملة، داعيًا إلى تصحيح مسار النموذج التنموي.
وتحدث الخلفي أيضًا عن السياسة الخارجية للحزب، مؤكدًا أنها “ترتكز على دعم الوحدة الترابية للمملكة، في ما يخص الصحراء المغربية، وسبتة ومليلية، والجزر الجعفرية المحتلة”، إضافة إلى تأكيد دعم الحزب للمقاومة الفلسطينية والقضايا العادلة للأمة.
وفي ما يتعلق بالورقة السياسية للحزب، الخاصة بالمرحلة المقبلة، والتي تمتد على مدى أربع سنوات، أوضح الخلفي أن هذه الورقة ترتكز على ثلاثة محاور أساسية: استيعاب السياق العام الذي يتسم بتحولات إقليمية ودولية، تطور المسار السياسي والتنظيمي للحزب، والاستجابة للتحديات السياسية والاقتصادية والقيمية المستجدة.
وأشار إلى أن هذه التحديات تفرز عدة مخاطر، أهمها “بروز مظاهر المساس بالاختيار الديمقراطي، خاصة في ظل التجاوزات التي شهدتها انتخابات 2021، والتي أضعفت من مصداقية المؤسسات المنتخبة”، بالإضافة إلى “نهج ليبرالي متطرف، مدعوم بإمكانات مالية وإعلامية ورقمية كبيرة”، مما أدى إلى تغول اقتصاد الريع وانتشار الاحتكار والفساد، في ظل انسجام مع السياق العالمي.
كما نبه المسؤول الحزبي إلى ما سماه بـ”تفريغ مشروع الدولة الاجتماعية من مضمونه”، وظهور سياسات تمس البعد الحضاري والإسلامي للمغرب، وتضرب في العمق النسيج الوطني والإنساني، إلى جانب “التواطؤ الأمريكي والغربي مع الكيان الصهيوني” على المستوى الدولي.
وخلص الوزير السابق إلى أن التوجهات السياسية الجديدة للحزب تقوم على النضال من أجل “تكريس المرجعية الإسلامية، وصيانة السيادة الوطنية وتعزيز الترافع والدفاع عن مغربية الصحراء، واستعادة مصداقية الخيار الديمقراطي، من خلال القطع مع التلاعب بالإرادة الشعبية، واحترام الدستور، وتعزيز الحقوق والحريات، ومحاربة الفساد”، فضلاً عن تصحيح مسار النموذج التنموي بإطلاق تنمية حقيقية، شاملة، عادلة ومنصفة، وصيانة استقلالية القرار الحزبي، وتوسيع دائرة التعاون والشراكات على المستويين الوطني والدولي.
تعديلات وآليات للانتخاب
وفي إطار التحضيرات الجارية للمؤتمر الوطني التاسع لحزب العدالة والتنمية، قدم عبد العزيز العماري، رئيس اللجنة القانونية والتنظيمية، عرضاً مفصلاً حول آليات انتخاب أعضاء المجلس الوطني والأمين العام، بالإضافة إلى التعديلات المقترحة على النظام الأساسي للحزب.
وفي هذا الصدد، أشار العماري إلى أن انتخاب أعضاء المجلس الوطني، البالغ عددهم 160 عضواً، يتم بطريقة سرية دون تقديم ترشيحات شخصية. ويصوّت كل عضو في المؤتمر على لائحتين: لائحة عامة تضم ما بين 50 و80 اسماً، مع ضرورة مراعاة تمثيلية النساء والشباب، ولائحة خاصة تضم ستة أسماء كحد أقصى من فروع الحزب بالخارج.
وبعد الفرز، يتم اختيار 154 عضواً من اللائحة العامة، مع ضمان تمثيلية لا تقل عن 40 امرأة، و32 شاباً، و4 أعضاء عن كل جهة. ويُستكمل النصاب بـ6 أعضاء من اللائحة الخاصة المتعلقة بفروع الحزب بالخارج، ليشكل المجلس الوطني بـ160 عضواُ.
أما بالنسبة إلى تعديلات النظام الأساسي للحزب، فأوضح العماري أنها استندت إلى جملة من التوجهات، أبرزها الملاءمة مع القانون التنظيمي المتعلق بالأحزاب السياسية، إضافة إلى توحيد نظام العضوية، وتعزيز أدوار المؤتمر الوطني والمجلس الوطني.
وأشار إلى أن المصادقة على مشروع التعديل تتم خلال المؤتمر بطريقة علنية برفع اليد، ويُعتمد المشروع إذا حصل على أغلبية الأصوات. وفي حال عدم نيل الموافقة، يتم عرض المواد واحدة تلو الأخرى على التصويت.
وفي ما يخص انتخاب الأمين العام الجديد، أوضح العماري أن العملية تمر بثلاث مراحل أساسية، إذ يرشح أعضاء المجلس الوطني الجديد والسابق، كلٌ منهم، في المرحلة الأولى، بين اسمين وثلاثة من بين أعضاء المؤتمر، بشرط حصول المرشح على 10% على الأقل من الأصوات المعبر عنها.
وفي المرحلة الثانية، يتم تخصيص وقت كاف للنقاش، يمكن أن يصل إلى خمس ساعات، تُمنح فيه الكلمة للمرشحين وأعضاء المجلسين السابق والجديد، مع تجنب النقاشات الشخصية. ثم التصويت في المرحلة الثالثة، إذ يصوت المؤتمِرون سراً على مرشح واحد. وإن لم يحصل أي مرشح على الأغلبية، يُعاد التصويت بين الأول والثاني، ويُنتخب من نال أكبر عدد من الأصوات، أو الأكبر سناً في حال التساوي.