story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
افتتاحية رياضية |

“اللي تكل على مريقة جارو…”

ص ص

فوز الكوت ديفوار بكأس إفريقيا للأمم وبذلك المسار العجيب، غطى على مشاركة ناجحة لمنتخب آخر في هذه النهائيات يمكن أن نستخرج منه أشياء عديدة إيجابية، قد تفيدنا في المغرب لبدء سياسة كروية جديدة في تشكيل المنتخب الأول، وفك العقدة النفسية التي تتسبب لنا في الفشل والإقصاء كل مرة.

الحديث هنا عن منتخب جنوب إفريقيا الذي أقصانا من دور الثمن، واستطاع تحقيق المرتبة الثالثة خلف الكوت ديفوار ونيجيريا، وخلف صدى طيبا خلال جميع مبارياته، حيث ظهر على لاعبيه مستوى عال من الإنضباط التكتيكي، والذكاء في التعامل مع المواجهات، واللعب ضد المنتخبات الكبيرة بدون مركب نقص.

منتخب “البافانا بافانا” إذا وضعناه في المشرحة التقنية نجد أنه يضم 20 لاعبا يمارسون في الدوري المحلي لجنوب إفريقيا، من ضمنهم سبعة عناصر أساسية في التشكيلة تنتمي لنادي ماميلودي سان داونز الذي يتألق منذ سنوات في الكؤوس الإفريقية، وبقية التشكيلة اقتسمتها أندية أورلاندو بيراتس وكيب تاون سيتي، بمعنى أنه منتخب محلي استطاع أن يحقق المرتبة الثالثة أمام منتخبات تعج بنجوم يلعبون في أبرز الأندية العالمية، لكنها خرجت مبكرا من المنافسة، فيما بقي هو صامدا وكاد أن يصل إلى المباراة النهائية لولا ضربات الحظ أمام نيجيريا.

هي من المنهجيات الكروية الفعالة لتحقيق حضور مستمر في الأدوار المتقدمة لكأس إفريقيا، لجأت إليها جنوب إفريقيا اليوم عبر تشكيل نواة كبيرة لمنتخبها الوطني من ناد واحد متألق في الكؤوس الإفريقية، ومتمرس على أجواء القارة وخصوصيات كرتها، عوض المراهنة على منتخب “ملّقط” من مختلف بطولات العالم لا تربطه بالقارة الإفريقية أي رابط، وهي نفس المنهجية التي جلبت للمنتخب المصري عددا متتاليا من الألقاب في فترة من الفترات التي كان ناديا الأهلي والزمالك يبسطان سيطرتهما المطلقة في أفريقيا، وكانا لوحدهما يشكلان العمودين الذي يبنى عليهما منتخب الفراعنة.

نحن في المغرب مرت علينا دورات عديدة ل”الكان” دخلنا فيها في مسلسل من التجريب الفاشل، تارة اللعب بأغلبية من اللاعبين المحترفين في أوربا، وتارة بتشكيلة يغلب عليها اللاعبون المحليون في البطولة الوطنية، لكن النتيجة كانت الأصفار في كلا المنهجيتين، ولم ينفع لا الإعتماد على اللاعب “الأوروبي” ولا المحلي، ببساطة لأننا لم نشتغل على تطوير كرتنا من الداخل وتقوية الأندية لتصبح مؤسسات رياضية حقيقية مثلما هو الأمر عند الأهلي وماميلودي سان داونز والزمالك، وحتى تكون هذه الأندية هي القنطرة المعتادة التي يعبر منها المنتخب الوطني بكل سلاسة إلى الأجواء الإفريقية وفرض سيطرته على مسابقاتها وألقابها.

سنظل ننتظر الصدفة والحظ أو عامل استضافة الكأس الإفريقية لنفوز بها، ثم بعد ذلك لاشيء، طالما داخل المغرب لا نصنع مستقبلنا الكروي بأيدينا من خلال الإشتغال على التكوين وتقوية الأندية، ولا نحترم النسق الطبيعي المتعارف عليه عالميا والذي تكون فيه المنتخبات الوطنية هي الإنعكاس الحقيقي للممارسة الكروية داخل البلاد، ولأن أعيننا مفتوحة دائما في اتجاه الأكاديميات الأوروبية ننتظر أن تنتج لنا لاعبين ليس بينهم وبين إفريقيا وطقوسها سوى الخير والإحسان، فسيبقى مصيرنا دائما مثل مصير الذي ينتظر “مريقة جارو” في المثل المغربي البليغ.