اللحوم وزيت الزيتون والقمح.. المغرب يستورد المواد الأساسية ويصدر مياهه في التوت والأفوكادو
انتقد الخبير الدولي في الموارد المائية بروما، محمد بازة، قرار الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية (أونسا) بفتح الباب أمام استيراد اللحوم الحمراء التي يعاني إنتاجها بالمغرب من نقص “بسبب توالي سنوات الجفاف”، في الوقت الذي لا يزال المغرب يواصل لعبته في تحقيق الأرقام القياسية في صادراته من الفواكه التي تتطلب زراعتها كميات كبيرة من الماء.
واستغرب الخبير في تدوينة له على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” من توجه المغرب نحو استيراد الضروريات الأساسية للمواطنين كالزيوت واللحوم والحليب والقمح وغيرها بحجة “الجفاف”، في الوقت الذي يحقق فيه المغرب أرقامًا قياسية في صادراته من التوت والفواكه الحمراء والبطيخ والأفوكادو والطماطم الكرزية وزيت المائدة.
وكان المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية قد أصدر قرارًا يوم أمس يسمح باستيراد اللحوم الحمراء المذبوحة (المجمدة أو المبردة)، محددًا عددًا من الشروط التي يجب توفرها في هذه اللحوم، وذلك في خطوة لمواجهة ارتفاع أسعار هذه اللحوم التي بلغت مستويات غير معهودة.
وبهذه الخطوة، تنضاف اللحوم إلى عدد من المنتجات الأساسية الأخرى التي اتجه المغرب إلى استيرادها، وذلك لتعويض تراجع الإنتاج الوطني منها بسبب مشكل الجفاف الذي يعاني منه المغرب للسنة السادسة على التوالي.
في هذا السياق، كان رئيس الفدرالية الوطنية لتجار الحبوب والقطاني في المغرب، عمر يعقوبي، قد كشف في تصريحات صحفية سابقة أن المغرب يحتاج إلى استيراد 5 ملايين طن من القمح اللين بعد محصول محلي ضئيل بسبب الجفاف، حيث توقع بنك المغرب أن يتراجع إنتاج هذه السنة من الحبوب بـ57 بالمائة مقارنة بالسنة الماضية.
وبالإضافة إلى اللحوم والحبوب، يبدو أن المغرب يتجه أيضًا إلى رفع وارداته من زيت الزيتون لمواجهة التراجع الكبير في الإنتاج الوطني الذي من المرتقب أن يقفز بأسعار هذه المادة إلى 150 درهم للتر الواحد، وهو ما يشكل ضغطًا كبيرًا على القدرة الشرائية للمغاربة نظرًا لما تكتسيه هذه المادة من أهمية في الاستهلاك الغذائي اليومي.
وكانت وسائل إعلام إسبانية قد أكدت بأن عددًا من التعاونيات الزراعية المغربية قد بدأت بالفعل في استيراد وتسويق زيت الزيتون الإسباني، وسط مطالب لنواب برلمانيين بالكشف عن الإجراءات التي ستتخذها الوزارة المعنية لفتح وتيسير باب استيراد زيت الزيتون التي تعرف أسعارها استقرارًا في دول حوض البحر الأبيض المتوسط.
ورغم وضع الحكومة للاستيراد على رأس حلولها لتعويض تراجع إنتاج العديد من المواد الأساسية بسبب موجة الجفاف، يبرز اتجاه مناقض تمامًا في الصادرات الفلاحية، التي باتت تعتمد أساسًا على الفواكه المستنزفة للماء وعلى رأسها فاكهة الأفوكادو التي صدّر منها المغرب 60 ألف طن خلال العام الماضي كرقم قياسي، في ظل طموح بالوصول إلى 90 ألف طن خلال الموسم الحالي.
في هذا السياق، كان الخبير في المجال الفلاحي وقطاع الماء محمد الطاهر السرايري قد انتقد خلال ندوة سابقة التركيز على زراعة فاكهة الأفوكادو التي تحتاج أشجارها إلى 1600 ملم من التساقطات سنويًا، على الرغم من أن حجم التساقطات في عدد من المناطق المخصصة لهذه الزراعة كضواحي الرباط لا يتجاوز 400 ملم.
في ذات السياق، كانت العديد من المعطيات العلمية كتلك الصادرة عن مجلة “هيدرولوجيا وعلوم نظام الأرض” العلمية قد أشارت إلى أن كيلوغرامًا واحدًا من الأفوكادو يتطلب في الحقيقة ما يناهز 2 ألف لتر من الماء، ورغم هذه “المعطيات المخيفة” لا يزال العديد من المصدرين المغاربة يطمحون إلى تحقيق رقم قياسي في صادراتهم منها سنة تلو الأخرى.
وتتعارض هذه المعطيات مع تصريحات سابقة لوزير التجهيز والماء، نزار بركة، أكد فيها أن الحكومة قد قررت وقف دعم زراعة الأفوكادو، وبدأت في نهج منطق الحذف المرتبط بكمية الماء في المناطق المختلفة، وهو المنطق الذي تم الاعتماد عليه لاتخاذ قرار وقف زراعة البطيخ الأحمر في طاطا وتخفيض زراعته في زاكورة.
وتعتبر فاكهة التوت الأزرق مثالًا آخر على هذا التوجه في الصادرات الفلاحية، والذي لا يعكس الحالة الحرجة التي وصلت إليها الوضعية المائية بالمغرب، فرغم المعطيات العلمية التي تبرز أن كيلوغرامًا واحدًا من هذه الفاكهة يحتاج إلى 845 لترًا من الماء، إلا أن المغرب كان قد حقق رقمًا قياسيًا جديدًا خلال موسم 2023/24 الذي انتهى في يونيو الماضي ببلوغه حجم صادرات بلغ أزيد من 67 ألف طن.