اللبنانيون ينتخبون رئيسا لبلادهم بعد أكثر من عامين على شغور المنصب
بدأ البرلمان اللبناني، اليوم الخميس 09 يناير 2025، جلسة لانتخاب رئيس للجمهورية، يُرجح أن توصل قائد الجيش العماد جوزاف عون إلى سدة الرئاسة، وتنهي شغورا في سدّة الرئاسة استمر لأكثر من سنتين وساهم في تعميق أزمات متلاحقة تشهدها البلاد.
وبدأت تلاوة مواد دستورية وأخرى من النظام الداخلي للمجلس حول الانتخاب بعد بدء الجلسة، وفق مراسلي فرانس برس.
ويحضر الجلسة دبلوماسيون بينهم الموفد الفرنسي جان إيف لودريان والموفد السعودي يزيد بن محمد بن فهد آل فرحان والسفيرة الأميركية ليزا جونسون.
وتأتي جلسة الانتخاب بعد حرب مدمّرة أضعفت لاعبا رئيسيا هو حزب الله وبعد سقوط حليفه حكم بشار الأسد في سوريا المجاورة.
وبدا واضحا خلال الساعات الماضية أنّ قائد الجيش سيكون على الأرجح الرئيس المنتخب، وهو يحظى بدعم من عدد من الدول الإقليمية والدولية، على رأسها الولايات المتحدة والسعودية، وفق ما رشح من تصريحات عدد كبير من السياسيين اللبنانيين.
وحسمت كتل برلمانية عدة موقفها لناحية دعم عون، من دون أن يضمن بعد حصوله على الأصوات اللازمة للفوز، في وقت لم يعلن حزب الله وحليفته حركة أمل التي يتزعمها رئيس البرلمان نبيه بري موقفهما بعد.
ويرى متابعون ومحلّلون أنّ الدور المطلوب من الجيش في المرحلة المقبلة لتنفيذ وقف لإطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله شكّل عنصرا حاسما في ترجيح كفّة قائد الجيش.
وكتبت صحيفة “الأخبار” المقربة من حزب الله الخميس على صفحتها الأولى “الخارج يأمر: القائد رئيسكم” مع صورة لجوزاف عون.
وفي الصفحة الثانية، عنونت مقالها “أمر سعودي – أميركي: انتخبوا جوزف عون”.
وتكثّفت الاجتماعات والمشاورات بين القوى السياسية في الساعات الأخيرة بهدف التوصل الى “توافق” حول قائد الجيش، على وقع ضغوط خارجية، في بلد متعدّد الطوائف والأحزاب لا يضمّ برلمانه أكثرية واضحة ويصل الرئيس فيه إجمالا بموجب تسويات سياسية.
وبرز اسم جوزاف عون في الأيام الأخيرة على أنه المرشح الأكثر حظا.
ومنذ مطلع الأسبوع، أجرى كل من الموفد الأميركي إلى بيروت آموس هوكتسين والموفد السعودي بن فرحان والموفد الفرنسي لودريان لقاءات منفصلة مع نوّاب وشخصيات سياسية مختلفة في لبنان. ونقل نوّاب التقوا بهما انطباعا واضحا بأن واشنطن والرياض تدفعان باتجاه فوز عون بالرئاسة.
وتشرف الولايات المتحدة مع فرنسا والأمم المتحدة على آلية تطبيق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله.
وينصّ الاتفاق على انسحاب الجيش الإسرائيلي من المناطق التي دخل اليها في جنوب لبنان خلال الحرب، على أن ينتشر الجيش اللبناني مكانه. ويتعيّن على حزب الله أن يسحب قواته إلى شمال نهر الليطاني الواقع على بُعد قرابة ثلاثين كيلومترا من الحدود، وأن يفكّك أيّ بنية تحتية عسكرية فيها. ويفترض أن يتأكد الجيش اللبناني من تفكيك هذه المواقع.
ومن شأن انتخاب رئيس بعد الأزمات المتتالية التي مرّ بها لبنان منذ العام 2019، أن يؤشر إلى بداية مرحلة من الاستقرار إلى حدّ ما.
وفرض الجيش اللبناني تدابير أمنية مشددة في وسط بيروت، حيث مقر البرلمان، الذي شكل وجهة لعشرات وسائل الاعلام المحلية والأجنبية.
ومنذ انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال عون في أكتوبر 2022، فشل البرلمان اللبناني خلال 12 جلسة في انتخاب رئيس، في ظل تمسّك حزب الله، أبرز قوة سياسية وعسكرية آنذاك، بمحاولة فرض مرشّحه سليمان فرنجية.
لكنّ حزب الله تلقّى ضربة قاسية في مواجهته مع إسرائيل التي استمرّت سنة تقريبا على خلفية الحرب الإجرامية التي تشنها الدولة العبرية على قطاع غزة.
ودمّرت إسرائيل جزءا كبيرا من ترسانة الحزب وقتلت عددا من قياداته على رأسهم أمينه العام حسن نصرالله، ما أجبر الحزب على القبول باتفاق وقف لإطلاق النار مع إسرائيل ينصّ على انسحابه من المنطقة الحدودية وفي مرحلة لاحقة على نزع سلاحه، وفق ما يقول مسؤولون لبنانيون.
والأربعاء، أعلن فرنجية الذي كان مقرّبا من الأسد انسحابه لصالح قائد الجيش.
“سيكون لنا رئيس”
واستبق رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي جلسة الانتخاب بقوله الأربعاء “للمرّة الأولى، منذ الفراغ في سدة الرئاسة، أشعر بالسرور لأنه، بإذن الله، سيكون لنا.. رئيس جديد للجمهورية”.
ويحتاج المرشّح في الدورة الأولى من الانتخابات إلى غالبية ثلثي الأصوات، أي 86 صوتا من أصل 128، للفوز. وفي حال جرت دورة ثانية، فالغالبية المطلوبة تكون بالأكثرية المطلقة، أي 65 صوتا.
وإذا انتخب عون الخميس، سيكون خامس قائد جيش في تاريخ لبنان يصل إلى رئاسة الجمهورية والرابع على التوالي.
وتنتظر تحديات كبرى الرئيس المقبل والحكومة التي سيشكلها، أبرزها الإعمار بعد الحرب الأخيرة التي دمّرت أجزاء في جنوب وشرق البلاد وفي الضاحية الجنوبية لبيروت، وتطبيق اتفاق وقف إطلاق النار الذي يشمل أيضا الالتزام بقرار مجلس الأمن الدولي 1701 الصادر في العام 2006 والذي من بنوده ابتعاد حزب الله عن الحدود، ونزع سلاح كل المجموعات المسلحة في لبنان غير القوى الشرعية.
ومن التحديات أيضا القيام بإصلاحات ملحّة للدفع بعجلة الاقتصاد بعد أكثر من خمس سنوات من انهيار غير مسبوق.