الكتاني: المشكل ليس في ارتفاع نسبة البطالة بل في عدم توافق ردود الفعل الرسمية مع هذا الرقم

لاتزالت معدلات البطالة في المغرب، تتلاحق أنفاسها على هضبة المؤشرات محققة، ارتفاعات مهولة في كل سنة، حيث أشارت آخر معطيات المندوبية السامية للتخطيط، أن نسبة البطالة على الصعيد الوطني بلغت 21,3% حسب نتائج الإحصاء العام للسكان والسكنى لسنة 2024.
وتعليقا على الموضوع، أكد الخبير الاقتصادي عمر الكتاني، على أن “المشكلة ليست في وجود البطالة بحد ذاتها، بل في عدم توافق ردود الفعل الرسمية مع الحاجة إلى استثمارات تشغيلية حقيقية”، معتبرا أنها “لا تعدو أن تكون ردودا مطابقة للاختيارات الرأسمالية وفي اتجاه المحافظة على نسب الريع في الاقتصاد المغربي”.
وأوضح الكتاني، أن “ردود الفعل التي تصدر من الجهات الرسمية تتماشى مع الخيارات الرأسمالية، ومع الإبقاء على نسبة من الريع في الاقتصاد المغربي، وهذا هو التحدي الأكبر”، مضيفا في نفس السياق أن الصعوبة ليست في وجود الأزمة، بل في كيفية التعامل معها.
وأضاف الخبير الإقتصادي أن “التعبئة الاجتماعية والإدارية تُظهر ضعفًا كبيرًا”، مشيرا إلى أنه قد تكون الإحصاءات أرقامًا رمزية، لكنها تعكس الواقع الحقيقي الذي يعيشه المواطن العاطل، خاصة الشباب.
ونبه المتحدث ذاته، إلى أن كل إنسان عاطل عن العمل فهو يعاني من حالة نفسية صعبة، ومستقبله يصبح مليئًا بالتساؤلات، مضيفا أن “نسبة البطالة عند الشباب قد تكون أكثر من الخمس، لأن الإحصاءات غالبًا ما تشمل الأشخاص الذين عملوا لفترة معينة خلال العام، وليس طوال السنة”، مستدركا “ومع ذلك، حتى هذا الحد الأدنى يشير إلى وجود ارتفاع في البطالة، مما يعكس ركودًا اقتصاديًا وربما عمليات تسريح عمالية”.
وذكر الكتاني أن جزء من هؤلاء الشباب ربما تم تسريحه من قبل شركات قد تكون أفلست، ما يخلق آثار نفسية واجتماعية واقتصادية صعبة، معتبرا أنه ” ورغم هذا الوضع العام للمغرب، فإنه لم يشهد تغييرات كبيرة، حيث لم تغير الدولة نمط عيشها بشكل كبير، فالامتيازات الممنوحة لكبار الموظفين لا تزال قائمة”.
وأكد المتحدث ذاته، أنه إذا أضفنا إلى ذلك وجود مليون شاب بدون شهادات أو دبلومات، بالإضافة إلى 10 ملايين شخص أمي في المغرب، فإن هذه المؤشرات تُظهر أن الوضع في عام 2025 وما بعده لا يبشر بالخير، خصوصا مع نقص الأمطار وما يترتب عليه من آثار على هذا القطاع وعلى مناصب الشغل.
وخلص الكتاني إلى أن الحلول الجذرية لا تكمن فقط في الأفكار أو البرامج، بل في الشخص الذي يطبقها، معتبرا أن الحل الحقيقي هو توظيف الإنسان المناسب في المكان المناسب، أي الشخص الذي يجمع بين إرادة الإصلاح وقوة التنفيذ.
وكان المندوب السامي للتخطيط، شكيب بنموسى، قد كشف أن نسبة البطالة على الصعيد الوطني بلغت 21,3% حسب نتائج الإحصاء العام للسكان والسكنى لسنة 2024، متجاوزة بذلك معدل 13.6% الذي أبانت عنه آخر تحديثات المندوبية السامية للتخطيط التي تتم بصفة دورية.
وأبرز بنموسى أن ارتفاع الرقم الذي أسفر عنه إحصاء هذه السنة مقارنة بنتائج الدورية للمندوبية السامية للتخطيط يبقى “أمرا عاديا” بالنظر إلى اختلاف الطرق المعتمدة بين البحثين في العديد من الجوانب، مبرزا أن النتائج الدورية للمندوبية تعتمد على آليات لمقارنة البيانات من مصادر متعددة لضمان صحتها، في حين يعتمد الإحصاء العام فقط على التصاريح الذاتية للأشخاص.
وتابع المندوب السامي خلال تقديمه النتائج التفصيلية لعملية الإحصاء يوم الثلاثاء 17 دجنبر، أن تحديد المدة الزمنية التي يجب أن يظل فيها الشخص بدون عمل قبل تصنيفه ضمن خانة العاطلين تظل أطول في الأبحاث الدورية مقارنة بالمدة المعتمدة خلال الإحصاء الأخير، مضيفا أن نفس نسبة الاختلاف سُجلت خلال إحصاء سنة 2014.