“الكأس” تدخل أبناء الشعب إلى القصر.. مشاهد من يوم تاريخي في حياة “الأشبال”

عاشت مدينة الرباط مساء يوم الأربعاء 22 أكتوبر 2025، على وقع استقبال شعبي وجماهيري لأعضاء المنتخب الوطني لكرة القدم لأقل من 20 سنة، الذي توج بطلا للعالم، بعد الفوز التاريخي على الأرجنتين في نهائي كأس العالم (2-0) بالشيلي ليلة الأحد الماضي، مدونين بذلك اسم المغرب ضمن أبطال العالم، في إنجاز غير مسبوق لكرة القدم المغربية والعربية، والثاني من نوعه قاريا بعد منتخب غانا الذي حمل ذات الكأس على الأراضي المصرية سنة 2009.
وقد عاش المغاربة في السنوات الأخيرة حدثا مماثلا، حينما استقبلوا أسود الأطلس، في نفس المكان، بعد ملحمة مونديال قطر 2022، حيث كانوا على بعد خطوة من معانقة الحلم العالمي، لكن هذه المرة، كان الفخر أكبر، والفرحة أوسع، بعدما عاد أشبالهم بكأسٍ عالميةٍ بين أيديهم، بتتويجٍ بطعم خاص ومذاقٍ مغربيٍّ صرف.
وتوافدت جموع غفيرة من المواطنين من مختلف مدن المملكة على الشوارع الرئيسية للعاصمة، ولا سيما شارع محمد الخامس وساحة البريد، حاملين الأعلام الوطنية ومرتدين قمصان المنتخب الوطني.
ومع اقتراب الساعة الخامسة مساءً، بدأ شارع محمد الخامس ينبض بالحياة، توافد الناس جماعاتٍ وفرادى، رجالًا ونساءً وأطفالًا، يرتدون القمصان الحمراء ويحملون الرايات المغربية، منتظرين مرور موكب أبطال العالم.
وعند الساعة السادسة تمامًا، غصّت الشوارع بالناس، كل زاوية تعجّ بالهتافات، هنا تُصدح أغنية وطنية، وهناك تُرفع أسماء اللاعبين بين حناجر الفرح، مزيجٌ من الأصوات والألوان يُشكل سمفونية مغربية صاخبة، تُعلن انتظار لحظة الخروج التاريخية.
وها هي الحافلة المنتظرة تخرج أخيرًا من بوابة القصر الملكي، تقلّ بين طابقَيها لاعبي المنتخب والطاقم التقني، حافلةٌ حمراء من طابقين، العلوي منها مكشوف، تزيّنه صورة أسدٍ شامخ، وفوقها عبارةٌ بخطٍّ عريض: “أبطال العالم”.
من باب السفراء بدأت الرحلة، وبدأت معها الأفراح تتفجر من كل الجهات، أصواتٌ تهتف بأسماء اللاعبين، وأغانٍ وطنية تتعالى من بين الجموع، حتى اللاعبون أنفسهم غنّوا وهتفوا، ولوّحوا للجماهير بحماسٍ طفوليٍّ عفوي.
وحظي هذا الحدث بتغطية إعلامية واسعة على الصعيدين الوطني والدولي، حيث نقلت القنوات التلفزيونية ومنصات التواصل الاجتماعي لحظات الاستقبال المباشر.
ومن أمام مسجد السنة، مرورًا بالبرلمان وبنك المغرب، راحت الحافلة تزحف ببطءٍ وسط بحرٍ من البشر، وكل خطوةٍ تُقابل بموجةٍ من الهتاف والصخب، كأن المدينة تعزف لحن النصر الجماعي.
ومع اقتراب الحافلة من الشارع المؤدي إلى أحد فنادق العاصمة، بدأ الشباب يركضون خلف الحافلة، يعدون وكأنهم يلاحقون التاريخ ذاته، يركضون وراء المجد، وراء الطاقة التي تنفجر في دواخلهم فرحًا وانتماءً.
أما الحافلة فمضت مبتعدة، تقلّ الأبطال نحو مدينة سلا، ثم ابتعدت أكثر… حتى غابت عن الأنظار، تاركة وراءها وطنًا كاملًا يبتسم.