الغلوسي: تراجع المغرب في مؤشر إدراك الفساد صفعة أخرى للحكومة
![الغلوسي: تراجع المغرب في مؤشر إدراك الفساد صفعة أخرى للحكومة](https://thevoice.ma/wp-content/uploads/2025/02/الغلوسي-960x540.png)
يبدو أن طموح المغرب في كسب رهان محاربة الفساد بات يبتعد شيئا فشيئا، مع مرور السنوات ودخول الولاية الحكومية الحالية الثلث الأخير من عمرها، وذلك على خلفية التقرير الأخير لمنظمة الشفافية الدولية “ترانسبرانسي”، الذي أكد مرة أخرى، أن محاربة الفساد “لم تشكل أولية” بالنسبة للحكومة بالرغم من الوعد الذي تضمنه برنامجها الحكومي الذي عرضه رئيسها عزيز أخنوش أمام مجلسي البرلمان يوم 11 أكتوبر 2021.
وقد تعهدت الحكومة قبل ما يزيد عن 3 سنوات بأنها “ستعمل جاهدة على تعزيز الصورة المشرفة للمملكة، خاصة لدى المؤسسات والهيئات والمنظمات الدولية الساهرة على احترام الحريات وحقوق الإنسان والحكامة الجيدة والديموقراطية التشاركية والشفافية ومحاربة الفساد، وتحسين ترتيب المملكة في مختلف مؤشرات التنمية البشرية والاقتصادية”.
غير أن تقرير منظمة “ترانسبرانسي” حول مؤشرات إدراك الفساد لسنة 2024، سجل تراجع المغرب بنقطة، ليصل إلى ما مجموعه 37 نقطة من أصل 100 نقطة متراجعا بذلك إلى المرتبة 99 عالميا من أصل 180 دولة، بعدما كان في المرتبة 97 سنة 2023.
وفي هذا الصدد وصف رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام محمد الغلوسي تراجع المغرب في مؤشر إدراك الفساد بـ “صفعة أخرى للحكومة التي تتبجح بكونها نفدت جزءا كبيرا من البرامج الواردة بالإستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد وأنه لا يمكن شيطنتها لهذا السبب”
وأوضح الغلوسي أن “الفساد أصبح نسقيا وبنيويا وشكّل منظومة صعبة الاختراق لغياب إرادة سياسية حقيقية لمواجهته”، مشيرا في هذا الصدد إلى “عدم تنزيل مقتضيات الفصل 36 من الدستور الذي يشكل في جوهره قاعدة صلبة لتخليق الحياة العامة ومواجهة كل أشكال الانحراف في ممارسة السلطة والوظيفة العمومية واستغلال مواقع الامتياز والاحتكار وتهديد التنافس الحر والحق في المعلومة والمساواة أمام القانون”.
وقال المتحدث إن “هذا التصنيف كان متوقعا بالنظر إلى السلوك السياسي للحكومة المبني على حماية مواقع الريع والفساد وتحصينها والدفاع عن المصالح الفئوية للمستفيدين من هذا الواقع وهو ما يمكن استجلاؤه من عدم تجريم الإثراء غير المشروع وتضارب المصالح”.
وذكر الفاعل الحقوقي بواقعة مرور رئيس الحكومة بمجلس النواب، “حيث صاح من داخل قبة البرلمان بأعلى صوته مدافعا عن أحقية شركته في الفوز بصفقة تحلية مياه البحر بملايير الدراهم”، مسجلا أن المنظمات الدولية التقطت هذه الإشارة التي تعكس “انحرافا دستوريا وأخلاقيا وسياسيا في ممارسة السلطة”.
وفي هذا السياق، وُجهت لرئيس الحكومة انتقادات في أكثر من مناسبة “لرفضه” عقد اجتماع اللجنة الوطنية لمكافحة الفساد ولو شكليا وانتهت المدة المحددة للإستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد دون أن يكون لهذه الأخيرة أي أثر على الواقع.
وقال رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام “إن لوبي الفساد والريع في المغرب قد عمد إلى وأد هذه الإستراتيجية في مهدها حتى يبقى مستفيدا من ريع السلطة والنفوذ”.
وأضاف محمد الغلوسي أن “لوبي الفساد أضعف مجلس المنافسة الذي تحول إلى هيئة تتودد شركات المحروقات وتتوسل إليها لاحترام القانون، وهاجم الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، وجعل مؤسسات الحكامة مجرد واجهة صورية لتأتيت المشهد لا تأثير لها على واقع شيوع الفساد والرشوة والريع ونهب المال العام”.
ومن جانب آخر، أشار المصدر، إلى التعديل الذي أُدخل على المادة 3 من مشروع قانون المسطرة الجنائية الذي سيحول المجتمع المدني إلى مجرد كومبارس “ومنع النيابة العامة من تحريك الأبحاث والمتابعات القضائية ضد لصوص المال العام، ليظهر هذا اللوبي المتغول مظهر الواضع يده على كافة المؤسسات”.
“يحدث كل هذا رغم مصادقة المغرب على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد (…) ضاربا بعرض الحائط كل التراكمات الإيجابية والمهمة التي حققتها بلادنا على المستوى الحقوقي والدستوري والقانوني”، يقول محمد الغلوسي.
وتابع أن هذا التوجه يشكل خطرا حقيقيا على الدولة والمجتمع ويهدد كل المكتسبات الحقوقية والمؤسساتية، “ويسعى إلى اللعب بالنار عبر تهديد كل مقومات الاستقرار والأمن والسلم الاجتماعيين”.
وأكد المتحدث أن بعض الأبحاث الأمنية والقضائية في بعض الملفات “كشفت أن شبكات ضمنها عناصر وأشخاص يتقلدون مسؤوليات في مؤسسات تمثيلية متورطة في جرائم خطيرة تتعلق بالاتجار الدولي في المخدرات وظهور “إسكوبارات “في بعض المناطق”.
وطالب رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، الدولة بعدم السماح لهذا التوجه “بأن ينفذ أجنداته وبرامجه وخططه الهادفة إلى تعميق الفساد في الحياة العامة وسلب الأمل للناس في المستقبل وتعميق سوء الثقة في المؤسسات وتأجيج مشاعر الغضب والاحتقان”.
وخلص إلى التأكيد على أن المجتمع اليوم يتطلع إلى مكافحة شاملة للفساد والرشوة ونهب المال العام وربط المسؤولية بالمحاسبة عبر استراتيجية وطنية متكاملة ومتعددة الأبعاد تقي بلدنا من كل المخاطر والأزمات الخارجية والداخلية وتخرج المغرب من دائرة التقارير السوداء المتعلقة بمؤشرات الشفافية والتنمية.