الغارديان: “أدوات صغيرة تصنع الإجرام”.. أطفال مغاربة بين أيدي مافيات أوروبية
كشف تحقيق حديث أجرته صحيفة “الغارديان” عن تفاصيل مرعبة لواقع أطفال مغاربة وجزائريين رمت بهم الأقدار في قبضة مافيات للاتجار بالبشر في أوروبا أغلب أصولها من المغرب، وتختلف معاناة هؤلاء اليافعين الذين ظنوا أن “جنة” تنتظرهم هناك عند الضفة الأخرى، ليجدوا في النهاية “جهنما” على الأرض.
ويتعرض هؤلاء الأطفال وفق المعطيات التي أماط تقرير “الغارديان” اللثام عنها لأبشع أنواع الاستغلال التي تبدأ بتجنيدهم لصالح العصابات وتنتهي بالتهديد بالاغتصاب الجماعي والقيام بذلك فعليا وبالقتل في أحيان أخرى كثيرة فيما تظل مصائر أغلبهم طي المجهول.
الطفل الذي أراد تغيير حياته
ومن ضمن القصص التي رواها التحقيق والتي تروي في الحقيقة تفاصيل عن حياة باقي الأطفال، والتي تعود ليوسف الذي حلم بتغيير حياته بمجرد الوصول إلى الضفة الأخرى.
وتسلق السياج الفاصل بين المغرب وإسبانيا عبر مليلية، ثم بعدها قاربا متجها إلى إسبانيا. وتقول الشرطة إن أغلب الأطفال يسلكزن القوارب أو يختبئون في الشاحنات، مستغلين في كثير من الأحيان الفوضى، مؤكدين أنه يتم تهريب عدد منهم مباشرة إلى شبكات الكوكايين الموجودة في مدن مثل بروكسل.
وتجيد العصابات الإجرامية وفق التحقيق ذاته استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لإغراء الأطفال، لتستضيفهم في النهاية قنوات “الحراكة” المرتبطة بشبكات المخدرات التي تعدهم أو “تخدعهم” بحياة أفضل في أوروبا.
وتقول الشرطة في هذا الصدد أن المافيات لا تخشى من نفاد مواردها، خاصة المافيا المغربية المعروفة باسم “موكرو” ونقل التحقيق تصريحات الشرطة التي تقول تحديدا إن ” تدرك الموكرو أنها تملك في بلدها الأصلي موارد بشرية غير محدودة تحت تصرفها” في إشارة استغلال الأطفال في وضعية هشة.
“أدوات صغيرة” تصنع الإجرام
وأفاد التقرير إياه بوجود المئات، إن لم يكن الآلاف، من الأطفال المنحدرين من شمال إيفريقيا، قد تم تهريبهم إلى تجارة الكوكايين المزدهرة في أوروبا، وقال إنهم بمثابة “أدوات صغيرة” في صناعة إجرامية بقيمة 10 مليارات جنيه إسترليني تنقل كميات هائلة من المخدرات إلى أعداد متزايدة من العملاء في جميع أنحاء القارة.
ورصدت السلطات في هذا الصدد وجود إمدادات “غير محدودة” من عمالة الأطفال المعرضة لشتى أنواع الخطر والتي يتم تهريبها من شمال أفريقيا للعمل في شبكات الكوكايين رفيعة المستوى في جميع أنحاء أوروبا، وتوصلت السلطات إلى هذه الخلاصة بعد أن اقتفت أثر عصابات في بلجيكا قادتهم إلى واقع مماثل في بلدان أوروبية أخرى.
وتقول الشرطة في هذا الصدد وفق التقرير، إن هذه الظاهرة منتشرة على نطاق واسع” حتى أنها تصفها بـ”الصناعة” وبذلك سرعان ما أدرك المحققون الذين يبحثون في التجنيد الجماعي للقاصرين من قبل شبكات الكوكايين في بلجيكا أن طريقة عملهم يتم تكرارها في جميع أنحاء أوروبا.
وتؤرخ وثيقة للشرطة البلجيكية إحاطة حديثة قدمها ضباط أوروبيون يحققون في الجريمة المنظمة والاتجار بالبشر قيام كل من “بلجيكا وهولندا وإسبانيا وفرنسا بتقديم عدة حالات ملموسة لاستغلال مئات القاصرين من شمال إفريقيا، الذين تم تجنيدهم من قبل شبكات تهريب المخدرات وبيعها. “
اغتراب ضرب واغتصاب
وتؤكد الشرطة أن هذه الشبكات “وحشية للغاية” . إذ يُطلب من الأطفال إجبارا بيع حصص محددة من المخدرات، وفي حالة لم يتمكن أحد منهم من بيع الكمية التي بين يديه، يتعرض لأقسى أنواع التهديد التي تمر في كثير من الحالات إلى الفعل، موضحة أن الأطفال يتعرضون للاغتصاب من طرف العصابات.
إلى جانب هذه الصورة القاسية التي يرسمها التقرير، أورد أن العديد من هؤلاء الأطفال يضطرون إلى ممارسة الجنس مع البالغين لمجرد تأمين مكان يبيتون فيهم هربا من شراسة برد الشوارع الأوروبية.
ولا تتوقف وحشية هذه الشبكات عند هذه الحدود، بل تبتكر طرقا أخرى تنزع بها عن هؤلاء الأطفال رداء الإنسانية، إذ يتم اغتصابهم بشكل جماعي فيما تقوم الكاميرات بتسجيل كل ذلك ويقومون لاحقا بتوظيف تلك التسجيلات لأغراض أكثر بشاعة، يضيف التقرير.
دماء مغربية على رأس العصابات
هؤلاء الأطفال المنحدرين في الغالب من المغرب والجزائر، يسقطون في شراك عصابات تنحدر هي الأخرى من ذات الأصول، أي يتم استغلالهم من طرف أشخاص من بني جلدتهم تسري في عروقهم ذات الدماء.
إذ تشير معطيات التحقيق السالف الذكر إلى أن المستغل الأول لهؤلاء الأطفال هي “المافيا المغربية” المعروفة في أوساط الجريمة المنظمة باسم موكرو (Mocro Maffia) والتي تُنسب للمغرب نظرا لأن زعماءها هم تجّار مخدرات من أصول مغربية.
وتتعامل هذه المافيا المكونة من شبكة من العصابات التي تخترق جميع أنحاء أوربا مع نظيراتها بأمريكا الجنوبية التي تقوم هي الأخرى بذات الأعمال الإجرامية، “الاتجار في البشر وتهريب المخدرات إضافة إلى لائحة أعمال أخرى كلها ممنوعة”.
وتظل مصائر غالبية هؤلاء الأطفال الذين يصلون إلى أوربا مجهولة، تنتهي في معظم الحالات بالقتل والتشرد والتعذيب، وفي أحسن الحالات ينتهي المطاف بالمحظوظين منهم في دور إيواء تابعة لمنظمات خيرية.