الصين تفاجئ العالم بذهب أرخص.. محلل اقتصادي: سلاح يواجه الهيمنة الأمريكية
نجحت الصين في استحداث نوع جديد من الذهب أطلقت عليه اسم “يِينغ زو جين”، أي “الذهب الصافي الصلب”، بعد سنوات طويلة من البحث والتطوير، انتهت بالحصول على براءة اختراع.
ويأتي هذا الابتكار في وقت يشهد فيه العالم ارتفاعًا غير مسبوق في أسعار الذهب، إذ تجاوز سعر الأونصة الواحدة 4300 دولارًا (أي حوالي 40 ألف درهم مقابل 31 غراما)، مما أثار موجة من الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي حول ماهية “الذهب الصيني الجديد” وتأثيره وقدرته على المنافسة.
ما هو الذهب الصيني الجديد؟
يوضح الصحافي والمحلل الاقتصادي محمد أفزاز أن الذهب الصيني الجديد ليس اكتشافًا معدنيًا جديدًا ولا نوعًا تقليديًا من الذهب، “بل هو ابتكار تكنولوجي متقدم يعكس قدرة الصين على تحسين خصائص الذهب النقي عيار 24 عبر تعديل بنيته الذرية”.
ويشير أفزاز، في حديث مع صحيفة “صوت المغرب”، إلى أن الصين تمكنت من تغيير البنية الذرية للذهب عبر دمج نسب ضئيلة جدًا من المعادن النادرة – تمتلك الصين أكثر من 65% من احتياطياتها العالمية – مما أنتج ذهبًا بنقاء عيار 24 وصلابة تتجاوز 60 درجة، أي ما يعادل تقريبًا صلابة عيار 18.
ويؤدي هذا التطوير إلى إنتاج ذهب أنقى وأقوى وأقل تكلفة، يمكن تشكيله بسهولة في تصاميم خفيفة الوزن ومقبولة تجاريًا، إضافة إلى مقاومته العالية للخدوش وقدرته على الاحتفاظ بلمعانه لفترة أطول.
ويُتوقع، بحسب أفزاز، أن يحظى هذا النوع الجديد بقبول محلي واسع في المرحلة الأولى، قبل أن يتحول تدريجيًا إلى منتج عالمي، في خطوة قد تمنح الصين أداة اقتصادية إضافية ضمن مساعيها لتعزيز مكانتها المالية والتجارية في مواجهة الهيمنة الأمريكية على الاقتصاد العالمي.
لماذا الذهب الجديد؟
ويرى المحلل الاقتصادي محمد أفزاز أن وجود نوع آخر من الذهب النقي والأكثر صلابة من شأنه أن يرفع من حجم المعروض من الذهب بكل أنواعه، خصوصاً أن الصين تعد من أكبر أسواق استهلاكا الذهب، وفي ظل الارتباك الحاصل مع الأسواق العالمية نتيجة الارتفاعات الأخيرة في سعر الذهب التقليدي فوق 4300 دولار، مما قد يمنح المشترين والبائعين والمستثمرين بدائل أكثر لاقتنائها.
وأوضح المحلل الاقتصادي أن ذلك من شأنه الضغط على الأسعار المحلية نحو الانخفاض وتخفيف “حمى الذهب” الحالية، مشيراً إلى أن هذه الحمى العالمية ترتبط بتوجه المستثمرين الأفراد والمؤسسات والدول إلى اقتناء الذهب الأصفر باعتباره ملاذاً آمنا في وجه الأزمات الاقتصادية والمالية الحالية والتوقعات المتشائمة عن المستقبل، في ظل الحرب التجارية والتوترات الجيواستراتيجية، وتباطؤ النمو في الاقتصادات الكبرى مثل أمريكا والاتحاد الأوروبي والصين.
وتسعى الصين جاهدة إلى حيازة أكبر قدر من الأسلحة التجارية والمالية والاقتصادية في مواجهة أمريكا بشكل رئيسي، والاتحاد الأوربي بشكل أقل، ومن هذه الأسلحة، كما يضيف أفزاز: “المعادن النادرة، وسلاسل الإمداد، والتفوق التكنولوجي، صناعة السيارات الكهربائية، والديون الرخيصة للدول النامية والفقيرة”، إضافة إلى امتلاك السندات الأمريكية، كما يمكن أن يكون الذهب خياراً آخر ضمن “معركة تسليح السلع”.
ومن أجل لحاقها بالثلاثة الكبار والتحوط من تراجع الدولار، اشترت الصين التي تعد اليوم واحدة من أكبر الدول التي تملك احتياطات من الذهب تبلغ نحو 2300 طن، خلال الفترة الماضية “كميات كبير من الذهب لتضيفها إلى احتياطاتها الحالية”.
ويرى أفزاز في ذلك تحولاً للذهب إلى وسيلة أخرى بيد بكين لدعم قوة اليوان الصيني في مواجهة هيمنة الدولار على المعاملات المالية الدولية، من أجل تحويل البلاد إلى “وجهة موثوقة لتجارة الذهب وتخزين الاحتياطات من هذا المعدن النفيس على غرار لندن، وبالتالي امتلاكها أدوات غير تقليدية للتأثير على الدولار”. إذ أن الحروب “لم تعد تحسم بالسلاح التقليدي بل بالأسلحة الاقتصادية والمالية أيضا”.
التأثير على العالم والمغرب
يتوقع الصحافي والمحلل الاقتصادي محمد أفزاز أن يؤثر الذهب الصيني الجديد بشكل كبير على حجم المعروض في السوق المحلي الصيني، وبالتالي على الأسعار، مما قد يؤدي إلى “تخفيف الطلب على الذهب التقليدي”، والذي قد تخصصه البلاد لاحتياطات البنك المركزي.
أما على الصعيد العالمي، فإن هذا النوع من الذهب يحتاج أولاً إلى نيل ثقة المتعاملين، “وتحوله تدريجياً إلى منافس” حقيقي للذهب التقليدي. وتبدأ هذه الثقة، بحسب المتحدث، مع المتعاملين الأفراد في المرحلة الأولى، ثم المستثمرين الكبار والمؤسسات وصناديق الاستثمار، وأخيراً البنوك المركزية.
ويرى أفزاز أن نجاح هذا النوع من الذهب في نيل ثقة جميع هؤلاء الأطراف، “فقد يتحول إلى بديل قوي” للذهب التقليدي. ومع ذلك، يظل هذا الأخير “متميزاً بالارتباط العاطفي والنفسي والاجتماعي عند الشعوب عبر الزمن”.
ومن المرجح أن يتأثر المغرب، مثل الأسواق العالمية الأخرى، بنمو المعروض من الذهب الصيني الجديد، خاصة وأن المغاربة يقبلون بحسب أفزاز على ذهب عيار 18 “لأنه أقل تكلفة، وفي الوقت نفسه يتيح فرصاً أكبر لتصنيع تشكيلة جميلة وجذابة”.