الصمدي: إشكالية التعليم غير مرتبطة بالميزانية وأخاف حينما أراها تصل لـ97 مليار درهم
يرى الأكاديمي وكاتب الدولة السابق المكلف بالتعليم العالي والبحث العلمي خالد الصمدي، أن “الإشكال اليوم في إصلاح المنظومة التربوية بالمغرب لا يرتبط بالميزانية”، مؤكدا أن “تخصيص ميزانية تصل إلى 140 مليار درهم لقطاعي الصحة والتعليم لن يحقق شيئًا طالما تغيب آليات الحكامة والتقييم والتتبع”.
وقال الصمدي خلال جلسة نقاش بعنوان “منظومتا الصحة والتعليم بالمغرب.. التحديات ورهانات الإصلاح”، نظمتها شبيبة العدالة والتنمية مساء السبت 08 نونبر 2025 بالمحمدية، (قال) “إنني أخشى وأخاف حينما أرى ميزانية التعليم تصل إلى 97 مليار درهم، لأنني أعلم أن الإشكالية غير مرتبطة بما هو مادي، بل هناك حالة من إصلاح الإصلاح، وانعدام التراكم والاستمرارية، ما يعيق تحقيق التغيير المنشود”.
وأوضح أن “كل مشروع إصلاحي يبدأ من الصفر دون البناء على ما سبقه، ما يؤدي إلى هدر الزمن الإصلاحي ويضعف أثر أي استراتيجية، مهما كانت مواردها المالية أو أهدافها”.
وفي طرحه لأبرز التحديات التي تواجه القطاع، ذكر الصمدي إشكالية “تدهور المدرسة العمومية مقابل تغول القطاع الخاص”، مشيرا إلى أن “الحل الأمثل الذي يقترحه هو ما يسمى بالمدارس الشريكة أو النموذج الثالث، الذي من شأنه أن يرشد نفقات وزارة التربية الوطنية، مقابل رفع الجودة”.
وأوضح أن “هذا النموذج يقوم على تقسيم الأدوار، بحيث تتكلف الوزارة بما هو بيداغوجي، بينما يُترك تدبير المؤسسة في إطار الشراكة”.
وأشار الوزير السابق إلى أن التنصيص على هذا النموذج تم لأول مرة في مشروع قانون التعليم المدرسي المطروح حالياً، معبّراً عن أمله في أن تدخل هذه التجربة حيّز التنفيذ لحل الإشكال القائم بين التعليم العمومي والخصوصي.
وإلى جانب ذلك، أكد المتحدث أن “الإشكال اليوم في المدرسة المغربية، كما في باقي دول العالم، يكمن أيضا في التحول العميق الذي يعيشه النموذج التقليدي للمدرسة في ظل التحولات الرقمية الكبيرة، ما يجعل الإصلاح من الداخل غير كافٍ، لأنه لم يعد قادرًا على خلق الجاذبية لدى التلميذ الذي أصبح رقميًا وتفاعليًا”.
وشدد في هذا الصدد على أن المطلوب هو أن تنكب اللجنة الدائمة للبرامج والمناهج على هذا التحول، معتبرًا أن “ذلك يمثل أفق الإصلاح المنتظر”.
ومن جانب آخر، أشار الصمدي إلى أن “الجامعات المغربية تتخبط في إشكاليات متعددة، إذ إنها تسير بسرعات مختلفة بين الجامعات العمومية والخصوصية والشريكة، فضلا عن كونها جامعات في سنة 2025 ما زالت تُسيَّر بقانون قديم يعود إلى سنة 2000، وهو القانون 01.00 المتعلق بالتعليم العالي”.
ولفت إلى أن “هناك قانونًا جديدًا يوجد حاليًا في البرلمان، لكنه يتضمن إشكالات كبيرة، تحتاج إلى المواكبة من طرف الطلبة والأساتذة، لأنه إصلاح من شأنه أن يحكم الجامعة المغربية على الأقل خلال السنوات العشر المقبلة”.
وخلص الصمدي إلى الإشارة لإشكالية أخرى تعرقل الإصلاح داخل المنظومة التربوية، وهي الضغوطات الكبرى التي تُمارس على ما يسميه “استقلالية القرار التربوي في المدرسة المغربية”، مستدلاً بما حصل في المرسوم الخاص بلغات التدريس، الذي أُنجز في الحكومة السابقة وقطع مع الأحادية اللغوية لصالح التعددية اللغوية، غير أن “الحكومة الحالية أدخلته إلى الثلاجة”، في إشارة إلى تجميد العمل بهذا المرسوم.