الصحة والتعليم والسكنى.. خبير يبرز تأثير نتائج إحصاء 2024 على السياسات العمومية
أيام فقط تفصلنا عن انطلاق الإحصاء العام للسكان والسكنى لسنة 2024، الذي من المنتظر أن يفرز معطيات وبيانات دقيقة حول التركيبة السكانية للمغاربة وظروف معيشتهم، وكذا مؤشراتهم السوسيو-اقتصادية، بشكل يغلق الباب مستقبلاً أمام أي تضارب بشأن هذه المعطيات.
وتُعوّل السلطات المغربية على هذه المعطيات لرسم صورة واضحة عن المغرب وبنيته الديمغرافية، بشكل يسهل معه اتخاذ أي قرارات سياسية أو اقتصادية مستقبلاً، خصوصاً في ظل التقادم الذي باتت تعرفه هذه المعطيات بعد مرور 10 سنوات على آخر إحصاء شامل عرفته المملكة سنة 2014، والاعتماد فقط على بعض الدراسات التي تأخذ بعين الاعتبار عينات من الساكنة وفق قواعد علم الإحصاء.
تعليقاً على الموضوع، أكد الخبير الاقتصادي ياسين اعليا على الأهمية التي يلعبها الإحصاء العام للسكان والسكنى في تحديد التوجهات العامة للسياسات العمومية، مبرزاً أن المؤشرات التي سيتم استيفاؤها من عملية الإحصاء هي مؤشرات ذات دلالات كبيرة ستؤثر بشكل كبير على السياسات العمومية خلال السنوات القادمة، وذلك في مختلف المجالات سواء الصحة، التعليم، السكنى، التشغيل وغيرها.
وأضاف اعليا أن الإحصاء يقيس العامل البشري، الذي يُعدّ أحد العوامل الأساسية في العملية الاقتصادية، مما سيمكن من تحيين المعلومات الخاصة بالمنتجين والمستهلكين، وسيتيح كذلك للشركات الخاصة إمكانية الاستجابة لحاجيات السوق المحلية، والاعتماد أيضا على الأنشطة التي تتلاءم وبنية الساكنة المحلية.
وأبرز الخبير أن أهمية النتائج التي سيفرزها الإحصاء تكمن في مدى مطابقتها للواقع الحقيقي للبلاد، لكونها تعتمد على الزيارة الميدانية الشاملة لكل المقيمين على التراب الوطني، على عكس المعلومات التي تكون عادة مبنية على عينات من المغاربة وفق قواعد إحصائية لعلم الإحصاء.
ويمتد تأثير الإحصاء أبعد من ذلك، يضيف المتحدث، حيث يتم تحيين الطرق المستعملة في احتساب معدل التضخم الذي تصدره المندوبية السامية للتخطيط كل شهر، وذلك من خلال تحيين “مؤشر أسعار المستهلك” الذي يدخل في قياس معدل التضخم بناءً على التوجهات العامة للاستهلاك للمواطنين التي سيفرزها الإحصاء العام، مضيفاً أن هذا الأخير سيؤدي إلى تغيير السنة المرجعية المعتمدة في أبحاث المندوبية.
وبخصوص دور الإحصاء في جذب مستثمرين أجانب، أكد الخبير، في هذا الجانب، على أهمية ذلك، نظرا لكون عملية الإحصاء تقدم بنية السكان الحقيقية، وهي من أحد أهم المؤشرات المعتمدة في قرار الاستثمار النهائي للشركات الأجنبية.
وكانت المنظمة الديمقراطية للشغل قد دعت إلى استغلال نتائج الإحصاء العام للسكان والسكنى، الذي سينطلق بداية شهر شتنبر المقبل بهدف تقييم مدى نجاح السياسات العمومية في مواجهة التحديات التي يواجهها المغرب، مثل الفوارق الاجتماعية، والفقر، والبطالة.
وأشارت المنظمة في تقرير لها إلى أن عملية الاحصاء ستكون مناسبة لتقييم نتائج تقرير الخمسينية الذي سينتهي في سنة 2025، وكذا تقييم نتائج تعميم الحماية الاجتماعية ومحاربة الفوارق الطبقية والمجالية و الفقر والهشاشة ومعدل الخصوبة والزيادة المتوقّعة في تعداد السكان بالمغرب، بالإضافة إلى ارتفاع معدل المسنين و الشباب و النساء.
وأكدت أن هذا الإحصاء سيساهم في تحديد الاحتياجات الحقيقية للمواطنين، من خلال توفير بيانات دقيقة حول التركيبة السكانية، خصوصا في ظل التضارب والاختلاف الكبيرين في الأرقام والمعطيات والبيانات التي تقدمها الحكومة وتلك التي تعرضها مؤسسات رسمية، مثل بنك المغرب والمندوبية السامية للتخطيط، والمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، والمجلس الأعلى للحسابات، كمعدل النمو في الناتج المحلي الإجمالي، وارتفاع تكلفة سلة المعيشة، والتشغيل، والبطالة، والفقر متعدد الأبعاد، والسكن اللائق، والحماية الاجتماعية، والطبقة المتوسطة.