الشراكة المغربية الفرنسية.. خبير صحي: من شأنها تعزيز إنتاج اللقاحات والصناعة الدوائية في البلاد
يعد إنتاج اللقاحات والأمن الصحي من أبرز القطاعات الاستراتيجية التي حددها المغرب وفرنسا لإيلائها قدرا أكبر من الاهتمام والجهد، على ضوء الشراكة الاستثنائية الوطيدة التي أعلنها الملك محمد السادس والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أثناء زيارة الدولة التي قام بها هذا الأخير للمملكة بدعوة من الملك محمد السادس خلال الفترة الممتدة من الإثنين 28 إلى الأربعاء 30 أكتوبر 2024.
في هذا الصدد، قال مصطفى الناجي مدير مختبر الفيروسات في جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، في حديث مع صحيفة “صوت المغرب”، إن إنتاج اللقاحات ميدان واعد “نظراً لعدة أسباب من ضمنها الأمراض الفتاكة داخل المغرب وعلى الصعيدين الأفريقي والعالمي”.
وأشار إلى أن المغرب حقق في ظل الفيروسات المتجددة “قفزة نوعية من خلال استثماره في مشروع معمل بنسليمان الذي اجتاز عدة مراحل وسيتوفر عند بلوغه المرحلة الأخيرة على إمكانية إنتاج لقاحات ينتفع منها المغرب ومعه قارة أفريقيا”.
ويعد هذا المعمل أكبر منصة من حيث القدرة على التعبئة والتغليف للقاحات بإفريقيا، ومن بين المنصات الخمس الأولى من نوعها في العالم، وهو يهدف على المدى المتوسط (2022-2025)، إلى نقل التعبئة المعقمة وتصنيع المواد النشطة لأكثر من 20 لقاحا ومنتوجا للعلاجات الحيوية، من ضمنها 3 لقاحات مضادة لكوفيد 19، في أقل من ثلاث سنوات بالمغرب، لتغطية أكثر من 70 في المائة من احتياجات المملكة وأكثر من 60 في المائة من احتياجات القارة الإفريقية.
وأوضح البروفيسور مصطفى الناجي أن انضمام فرنسا إلى عدة شراكات أوروبية أخرى على مستوى المعمل المذكور والأمن الصحي في المغرب عموماً، من شأنه أن يشكل إضافة تتقدم بالصناعة الدوائية إلى الأمام لاسيما في ما يتعلق بإنتاج اللقاحات.
ولفت إلى أن فرنسا تملك ثقلاً وتجربة في الميدان ومكانة علمية، وصناعة دوائية متقدمة في إنتاج اللقاحات، موضحاً أنها ستساهم في تطور المشروع المغربي الذي يتمتع بدوره بصدى على المستوى العالمي والإفريقي.
واتسمت زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون التي بدأت، الإثنين 28 أكتوبر 2024، للمغرب بإعلان شراكة هامة بين البلدين بهدف “رفع التحديات التي تواجههما عبر تعبئة جميع القطاعات المعنية بالتعاون الثنائي والإقليمي والدولي”.
وفي تصريح لصحيفة “صوت المغرب”، كان أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الأول بوجدة خالد الشيات قد أوضح أن “الشراكة الاستثنائية الوطيدة” لها معايير خاصة، بينها ما يرتبط بمستوى زمني معين على مستوى العلاقات المغربية الفرنسية حيث أنه من المتوقع أن تمتد لـ30 عاماً.
وذكر الشيات أن الشراكة تأتي أيضاً في إطار اتفاق متعدد الأبعاد واستراتيجية تشمل الكثير من القطاعات والمجالات الحيوية بالنسبة إلى الدولة، مشيراً إلى أن هذا هو ما يمكن أن يحدد الجانب الوطيد من هذه العلاقة.
وبحسب نص الإعلان، فقد قرر الجانبان تدشين مرحلة جديدة من التاريخ الطويل المشترك بينهما من خلال الارتقاء بالعلاقة إلى مستوى “شراكة استثنائية وطيدة”، مؤكدين طموحهما المشترك في أن تعكس هذه الشراكة “عمق العلاقات القائمة بين البلدين والضاربة جذورها في التاريخ، ومتانة الروابط الإنسانية والثقافية ذات التنوع الغني والفريد، والتي تشكل أساس صداقتهما وتعاونهما منذ عدة عقود”.
ومن شأن هذه “الشراكة الاستثنائية الوطيدة” خدمة ثلاثة أهداف كبرى، تتعلق بتعزيز التقارب السياسي والاستراتيجي بين المغرب وفرنسا لتمكينهما من مواجهة التحديات الكبرى الراهنة، وتعميق وتحديث الشراكة بين البلدين خدمة للتنمية الاقتصادية والتماسك الاجتماعي واستقلاليتهما الاستراتيجية.
وحدد قائدا البلدين عدة قطاعات استراتيجية يمكن إيلاؤها قدراً أكبر من الاهتمام والجهد، وهي: الأمن الصحي وإنتاج اللقاحات، والماء وتدبير الموارد المائية، والفلاحة، والأمن الغذائي، وتعزيز البنيات التحتية الطرقية والسككية والبحرية والتنقل الحضري، والربط والانتقال الطاقي والطاقات المتجددة، والذكاء الاصطناعي، والتعاون في مجالي الأمن والدفاع وغيرها من المجالات.