story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
صحتك |

السيادة الغذائية في المغرب.. الاعتماد على الواردات يفاقم العبء الصحي والاقتصادي

ص ص

كشف تقرير حديث للمعهد المغربي لتحليل السياسات أن المغرب، رغم إمكانياته الزراعية، لا يزال يعتمد بشكل مفرط على الواردات الغذائية، ما يعمّق العبء المزدوج لسوء التغذية لدى السكان.

و يشير التقرير، الذي أعده محمد الطاهر السرايري أستاذ الإنتاج الحيواني والبيوتكنولوجيا الحيوية بمعهد الحسن الثاني للزراعة و البيطرة، إلى أن أكثر من 60% من المغاربة يعانون من زيادة الوزن، فيما بلغت معدلات السمنة نحو 21% في 2022، بالتزامن مع نقص عناصر غذائية أساسية مثل الحديد واليود وفيتامين A.

ويرتبط هذا الوضع بشكل مباشر بسياسات الدعم المكثف للخبز والسكر المكرر، مقابل تراجع استهلاك البقوليات من 10.7 كلغ في الثمانينيات إلى 3.6 كلغ سنة 2024.

وأكد التقرير أن المغرب يعتمد اليوم على واردات ضخمة من الحبوب والعدس والمواد الأولية لإنتاج اللحوم، فيما يمثل الإنتاج المحلي للبقوليات 3% فقط من المساحة المزروعة، ويتركز في مناطق الشمال والشاوية والريف وسيدي قاسم.

وفي المقابل، ارتفع إنتاج لحوم الدواجن والبيض بشكل كبير، رغم اعتماده بالكامل على الأعلاف المستوردة من الأرجنتين والبرازيل والولايات المتحدة، ما يزيد البصمة الكربونية ويضعف مرونة النظام الغذائي الوطني.

وأشار المصدر نفسه إلى أن الزراعة المغربية تعتمد على مدخلات خارجية حيوية، تشمل الطاقة الأحفورية والأسمدة الصناعية والموارد الوراثية المستوردة، ما يعكس غياب إرادة سياسية لترسيخ مبادئ السيادة الغذائية.

ويبرز التقرير أن التوجه الليبرالي منذ ثمانينيات القرن الماضي دفع المغرب للانخراط الكامل في التجارة الدولية، حتى بالنسبة للسلع الأساسية، خلافا لدول مثل اليابان والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة التي تدعم إنتاجها المحلي للحفاظ على حد أدنى من الاكتفاء الذاتي الغذائي.

وركز التقرير على العديد من التوصيات، من بينها تعزيز مرونة الأنظمة الزراعية عبر تبني الابتكارات التقنية والممارسات المستدامة لإدارة المياه والتربة، وإشراك الفاعلين المحليين والمجتمع المدني في التخطيط الترابي، كما دعا إلى ترسيخ المواطنة الغذائية من خلال التربية على التغذية السليمة والحفاظ على الوصفات التقليدية، إلى جانب ضبط استهلاك السكر والزيوت النباتية، وتشجيع إدراج البقوليات في وجبات المدارس.

كما دعت الوثيقة إلى مواءمة السياسات الغذائية والزراعية لتقليص الاعتماد على الواردات، وحماية الموارد الطبيعية، وضمان ظروف عمل لائقة للفلاحين، مع توفير دعم حقيقي للفلاحين الصغار لتعزيز العدالة المجالية والحد من الهجرة القروية.

وأكدت، في هذا الصدد، على ضرورة دمج مبادئ السيادة الغذائية في المناهج الأكاديمية وبرامج البحث العلمي، لضمان إنتاج معرفة متخصصة تستجيب للخصوصيات الإقليمية المغربية.

وخلص التقرير إلى أن تعزيز السيادة الغذائية في المغرب يتطلب إرادة سياسية قوية، ودعما ملموس للفلاحين الصغار، وتنسيقا فعالا بين الوزارات والقطاعات المختلفة، لضمان أمن غذائي مستدام يحافظ على صحة المواطنين وموارد البلاد ويحد من اعتماد المغرب على الأسواق الخارجية.

*أكرم القصطلني _صحافي متدرب