السنتيسي: التعليم لم يعد يتحمّل مزيدا من التجارب والهوة بين الإصلاحات والواقع تتسع
أكد إدريس السنتيسي، رئيس الفريق الحركي بمجلس النواب، أن مشروع القانون 59.21 المتعلق بالتعليم المدرسي يُطرح في سياق معقد يهمّ مستقبل الأجيال ورأس المال البشري، مشددا على أن التعامل معه يجب أن يكون بمنطق الإصلاح القار لا بمنطق “مختبر تجارب” يعاد تشغيله كلما تغيّرت الحكومات أو الوزراء.
وأوضح السنتيسي، خلال الجلسة الأسبوعية للأسئلة الشفهية يوم الاثنين 08 دجنبر 2025، أن المغرب ما يزال يفتقر إلى نموذج تعليمي حقيقي، رغم التفاؤل الذي رافق القانون الإطار للتربية والتكوين والبحث العلمي، قبل أن يتبيّن حسب قوله أن “السياسات التعليمية ما زالت تتأرجح دون استقرار واضح”.
وأبرز النائب البرلماني أن مشروع القانون الجديد ينسخ أربعة قوانين عمرت لعقود، مؤكدا أن الفريق الحركي عبّر عن موقفه من خلال مقترحات قوانين تتعلق بالتعليم المدرسي وبالنظام الأساسي للتعليم الخصوصي، غير أن الوزارة “لم تتفاعل” معها، مستدركا أن مجموعة من التعديلات التي تقدم بها الفريق ـ 39 تعديلا من أصل 68 ـ حظيت بتفاعل إيجابي، وهو ما اعتبره خطوة تحسب للوزارة.
وشدد المتحدث على أن التعليم المدرسي لم يعد قادرا على تحمل مزيد من الإصلاحات التجزيئية أو المقاربات الظرفية، داعيا إلى إرادة قوية ورؤية شاملة تراعي الأعطاب البنيوية التي ما زالت ترهق المدرسة المغربية، رغم كثرة البرامج وتعدد المبادرات.
وأوضح أن الهوة بين الإصلاحات والواقع “لا تزال واسعة”، حيث “يستمر ارتفاع الهدر المدرسي، وتتعمق الفوارق بين الوسطين القروي والحضري، بينما تشتغل مؤسسات عديدة بموارد بشرية غير كافية وبنيات لا تواكب طموحات البلاد”.
وأكد السنتيسي أن التلميذ في الوسط القروي والجبلي أو في الأحياء الهامشية “يعيش صعوبات حقيقية، بدءا من بعد المؤسسات وغياب النقل المدرسي وضعف الداخليات، وصولا إلى غياب الدعم التربوي والأنشطة الموازية”، متسائلا عن الإنصاف وتكافؤ الفرص والآلاف من المتعلمين الذي “لا يتوفرون حتى على شروط تعلم تحفظ كرامتهم”.
وسجل رئيس الفريق الحركي أن “الأسر تشتكي من تدهور المستوى التعليمي، وضعف التحكم في اللغات، وتراجع الكفايات في الرياضيات والعلوم، في ظل غياب منظومة تقييم وطنية قادرة على توجيه الحلول”، كما انتقد ظاهرة “التكوين بسرعة”، معتبرا أن تكوين المدرسين يحتاج إلى جودة أعلى ومسارات أوضح.
وأشار المتحدث إلى أن أي إصلاح لن ينجح دون تحفيز حقيقي للأساتذة وتحسين ظروف عملهم والارتقاء بالتكوين المستمر، مؤكدا أن “الخصاص الكبير، والضغط داخل الأقسام، وتشتت المسارات المهنية كلها عوامل تضعف المردودية وتعرقل أي مجهود إصلاحي”.