السكيتيوي وحريمات
الطريقة التي عبر بها الناخب الوطني لمنتخب المحليين طارق السكيتيوي عن فرحته بالهدف الثاني أمام أنغولا في أولى مباريات “الشان” أمس الأحد، أظهرت تخوفه من عثرة البداية، والضغط الذي عانى منه إثر الوضعية الحرجة التي وجد نفسه فيها قبل أيام من السفر إلى كينيا، حيث كان عليه أن يجهز لائحة بديلة من اللاعبين، بعدما انهار مخطط المشاركة بلاعبي أقل من 25 سنة، وانتقال 11 منهم إلى اللعب بالخارج.
هذا الطارئ غير المتوقع بقدر ما فرض ضغطا رهيبا على السكيتيوي وطاقمه، بقدر ما كان فرصة لإبن المغرب الفاسي كي يظهر كفاءته مجددا، وقدرته على ترك بصمته في الفريق الذي يدربه، رغم كل الظروف السلبية التي قد لاتساعده، ورغم كل النقائص الحاصلة في جودة اللاعبين المتوفرين لديه.
الحقيقة أنه ليس سهلا على الإطلاق أن تحدد لائحة اللاعبين في ظرف يومين، وأن تصنع منهم فريقا منسجما وهم في غالبيتهم لا يعرفون بعضهم البعض، ولم يلعبوا مع بعضهم من قبل ولو دقيقة واحدة، لكن مجريات المباراة الأولى أمام أنغولا أثبتت أن وجود مدرب يتقن “الكوتشينغ” ويعرف توظيف لاعبيه على رقعة الملعب، ويتعامل بذكاء مع مجريات المباراة، يمكن أن يحسم الكثير من الأمور .. والنتائج أيضا.
أكثر ما يعطي التميز للسكيتيوي كمدرب، إلى جانب حصوله على نتائج جيدة وعلى ألقاب، هو أنه يكيف طريقة اللعب حسب نوعية اللاعبين لديه، وأيضا يوفر لعناصره العوامل التقنية المناسبة لكي يعطوا أفضل ما لديهم، بالإضافة إلى عدم اعتماده على نهج تكتيكي يجعل اللاعبين يلعبون ضد طبيعتهم، ودائما ما نلمس في أداء الفريق الذي يدربه ذلك الطابع المتميز لكرة القدم الفنية والإحتفالية التي تشكل الجينات الكروية المغربية منذ القديم، ومنتخب أولمبياد باريس الذي قاده طارق السكيتيوي لازال يتذكره المغاربة بكثير من الثناء والإعجاب.
نقطة ضوء أخرى أفرزتها مباراة أمس أمام الخصم الأنغولي العنيد، وهي تألق لاعب خط وسط الجيش الملكي محمد ربيع حريمات ونيله جائزة رجل المبارة.
أعترِف أنني لم أشاهد لاعب الجيش الملكي ربيع حريمات من قبل، بسبب توقفي عن متابعة مباريات البطولة الوطنية منذ سنوات بعد تردي مستواها التقني وما فيها من ارتجالية وفساد في تسيير أنديتها، وكنت أطالع الكثير من الإنتقادات الموجهة لوليد الركراكي بسبب عدم استدعائه لحريمات، واصفين إياه بأنه “كوايري” كبير ويستحق مكانا في لائحة الفريق الوطني الأول.
في الحقيقة كنت أعتقد أنها مجرد مزايدات على الناخب الوطني، أو نوع من المطالب العاطفية للجمهور تجاه لاعب ينتمي لفريقه .. حتى شاهدته بالأمس ضد أنغولا.
الخلاصة التي تجمعت لدي، ووفق معرفتي المتواضعة بكرة القدم، أن الذين يطالبون بدعوته للفريق الوطني مُحقون إلى حد بعيد.. حريمات لاعب “خاثر” بالتعبير الكروي وله شخصية قيادية رائعة داخل الملعب، ومن غير المقبول بتاتا ألا يكون مع الفريق الوطني ولو في اللوائح الموسعة التي نضم 60 لاعبا.
أداء الفريق الوطني المحلي في هذه النسخة من “الشان”، والنتيجة التي سيخرج بها من هذه المسابقة الإفريقية، سيغير الكثير من مواقف الجمهور تجاه المنتخب الأول، ويمكن أن تتضح العديد من الخلاصات المحرجة لوليد الركراكي، على بعد شهور قليلة من انطلاق دورة كأس إفريقيا للأمم في نهاية السنة الجارية بالمغرب.