الساسي: الدولة تراهن على المونديال لتلميع صورة الانتخابات

قال الأستاذ الجامعي محمد الساسي إن “جيل Z” قد ظهر بقوة في الساحة السياسية المغربية، مقدماً منظوراً نقدياً مغايراً للرؤية الرسمية التي تحاول الدولة تسويقها بخصوص مونديال 2030، الذي يُقدَّم كـ“رهان سياسي ودبلوماسي واقتصادي كبير”.
وأوضح الساسي، خلال مشاركته في ندوة حول الانتخابات القادمة تحت عنوان “الانتخابات المقبلة.. أية جدوى؟” نظمتها مؤسسة عبد الرحيم بوعبيد يوم الخميس 9 أكتوبر 2025، أن انتخابات سنة 2026 تأتي في سياق مونديالي خاص، حيث تسعى الدولة إلى تقديم صورة إيجابية للانتخابات من خلال هذا الحدث العالمي، فيما تحاول جميع الأحزاب السياسية الظهور بمظهر “الجهة التي ستقود الحكومة المشرفة على تنظيم المونديال”.
واقترح تمكين جيل “Z” من المشاركة الفعلية في العملية الانتخابية ومن ممارسة حقهم في تأسيس أحزاب سياسية جديدة تعبّر عن تصوراتهم وقيمهم الخاصة، موضحا أن ” هذا الجيل نجح في بناء فضاءات رقمية واسعة، مستشهداً بمنصة “ديسكورد” التي تضم أزيد من 180 ألف مشترك مغربي، أي أكثر من عدد مناضلي بعض الأحزاب التقليدية”.
وأشار الساسي إلى أن هناك تخوفاً من استمرار عزوف المواطنين عن صناديق الاقتراع، موضحاً أن السؤال المطروح في المغرب لا يتعلق بـ“من فاز؟”، بل بـ“كم شارك؟”، في إشارة إلى ضعف نسب المشاركة الانتخابية مقارنة بالديمقراطيات الأخرى.
ولفت إلى أن الناخب المغربي اليوم يصوّت في الغالب لأسباب شخصية، وليس بناءً على انتماء حزبي واضح، باستثناء بعض التجارب مثل “حزب العدالة والتنمية الذي أسّس قاعدة اجتماعية من خلال شبكة جمعيات دعوية وخيرية قبل تأسيس الحزب نفسه، رغم أن العزوف الانتخابي أثّر بشدة على نتائجه في انتخابات 2021”.
وأكد أن الانتخابات المقبلة ستتأثر بعوامل خارجية، من بينها قضية غزة والعلاقات مع إسرائيل والولايات المتحدة وفرنسا، مشيراً إلى أن السجال السياسي الداخلي تحوّل إلى تبادل للاتهامات والشتائم بدل النقاش البرنامجي.
كما اعتبر الساسي أن وزارة الداخلية استعادت جزءاً من هيمنتها على المشهد الحزبي، عبر ثلاث مقاربات رئيسية، وهي تشجيع المواطنين على العودة إلى صناديق الاقتراع، والدفع بمرشحين نزهاء وكفوئين، وتنظيم المشهد الحزبي وتكوين أقطاب واضحة”
وانتقد الساسي غياب معارضة حقيقية في المغرب، موضحاً أن الحماس الذي يُبديه حزب العدالة والتنمية اليوم في انتقاد الحكومة هو في جوهره “معارضة شخصية” مرتبطة بعبد الإله بنكيران أكثر من كونها معارضة مؤسساتية.
وأشار أيضاً إلى أن العلاقة بين السلطة والمال أصبحت أكثر حساسية في ظل قضايا الفساد، ما ضيّق هامش القول والتعبير السياسي، مضيفاً أن المغرب عرف تاريخياً دورات من الانفتاح والتشدد، حيث تُمنح مكتسبات في فترات ثم تُسحب في أخرى.
وقال الساسي إن “ورقة الاستقرار السياسي” لم تعد كافية وحدها، داعياً إلى تحول ديمقراطي سلمي في ظل النظام القائم، مع الانتباه إلى مؤشرات التغيير داخل المجتمع، مثل مواقف الشباب الرافضة للتطبيع التي تُعبَّر عنها في الملاعب، وحملات المقاطعة التي تعكس وعياً سياسياً متنامياً.
وأكد في ختام مداخلته أن جدوى أي انتخابات في المغرب تكمن في قدرتها على خلق دينامية سياسية جديدة، وتطوير العملية الانتخابية، وتعزيز وعي المواطنين بضرورة الانتقال الديمقراطي الحقيقي.