الريسوني: إيران دفعت في دعمها للقضية الفلسطينية ثمنا باهظا

اعتبر المفكر المقاصدي، والرئيس السابق للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، أحمد الريسوني، أن إيران دفعت في دعمها للقضية الفلسطينية ثمنا باهظا، وتبعا لذلك، “باتت هي الشغل الشاغل لإسرائيل، وللغرب بكليته”.
وأوضح أحمد الريسوني، أثناء حلوله ضيفا على برنامج “ضفاف الفنجان“، الذي يبث على منصات صحيفة “صوت المغرب”، أن إيران “اختارت نهجا مستقلا، ونهج التسلح، فسلّحت الفصائل الفلسطينية لأول مرة، ودرّبتها، وهذا شيء معروف، ليس سرا طبعا الغرب يعرفها أكثر منا”، متسائلا عن السبب الرئيسي لهذه العداوة المتأججة ولهذه الحروب المتواصلة ضد إيران من الغرب وإسرائيل؟”.
وقال إن موقفها من القضية الفلسطينية هو سبب عداوتها مع الغرب، مبرزا أن “إيران لم تهاجم السفن الأمريكية، ولا القواعد الأمريكية، ولا الحلف الأطلسي، ولا هددت، ولا فعلت، ولا هي التي غزتها العراق، إذا ذنبها الوحيد والكبير الذي لا يغتفر هو موقفها الراديكالي، فهي تؤمن بأن إسرائيل وجودها غلط وظلم ويجب أن يزول، وتُرفق القول بالعمل”.
وردا على ما سبق أن صرح به، حول الإشادة بموقف إيران في دعم القضية الفلسطينية، حينما قال: “لم نر دولة لها من شدة الوفاء ومن جسيم التضحية والبلاء في نصرة القضية الفلسطينية”، أكد المتحدث أن “هذا وصف أقل من الواجب، طبعا، لقد عشنا قيام الجمهورية الإسلامية في إيران عام 1979 وما زلنا إلى الآن نعيش الأحداث”، فأين هي هذه الدول أو مجموعة الدول؟ أين جامعة الدول العربية، ومنظمة التعاون الإسلامي، والأمم المتحدة؟ وأين الثوريون العرب؟ ماذا فعلوا بجانب ما فعلته إيران؟، يتساءل المتحدث.
وأكد أن إيران حريصة على استقلالية قرارها، وهذا لا يُرضي الدول الاستعمارية، “هذا شيء معروف. مستقلة في قرارها، وفي تسلحها، وفي علاقاتها، وفي مبادراتها. فهي دولة مزعجة بالنسبة للغرب، دولة متمردة، لكنّها توجت هذا كله بقضية السعي إلى السلاح النووي، وهو طبعا كما ذكرت (…)، مرفوض ألف مرة، لأنه يعتبرونه خطرا على إسرائيل، ولو لم يكن خطرا على إسرائيل لتساهلوا معه، كما تغاضوا عن السلاح النووي الباكستاني”.
وزاد شارحا، أن باكستان دولة مسلمة ودولة كبرى، ومع ذلك أخذت السلاح النووي، “لأن السلاح النووي أو القنبلة النووية الباكستانية موجهة ضد القنبلة النووية الهندية، إذن لا بأس”. مردفا في ذات السياق، أن رئيس كوريا الشمالية، هو الآخر، يصرح ويفاخر بالأسلحة النووية والرؤوس النووية، ولم يفعلوا له شيئا أبدا، “لماذا؟ لأنه ضد كوريا الجنوبية في النهاية، فإذن السلاح النووي الإيراني، إذا صح، (…) والسلاح النووي خطر على إسرائيل فإذا هذه هي العقدة”.
وفي رده على من يصف الحرب بين إيران وإسرائيل بأنها “مجرد مسرحية”، يرى الريسوني أن أصحاب هذا التوصيف في السنوات الأخيرة بدأوا “يخجلون”، لافتا إلى أن “هذا الوصف سمعته من أحد الإخوة العراقيين قبل ثلاثين سنة، قال لي، وكان يومئذ حزب الله بدأ يبرز، ووقعت الاشتباكات، وكانت هناك حرب ذهب فيها العشرات من القتلى، فيقول لي: لا، هذه مسرحية، حزب الله يُنسق مع إسرائيل ضد فلسطين وضد المقاومة، وإيران كذلك، قلت له: مسرحية تُدفع فيها الأرواح، هل هذا معقول؟ ومنذ ذلك الحين وقعت حروب وحروب ومعارك، ومع ذلك بقوا مصرين على نظرية المسرحية، إلى أن جاء طوفان الأقصى، واستمرت الحرب بين حزب الله وإسرائيل سنة تقريبا كاملة، ودفع فيها حزب الله ما نعرفه، فبدأت كلمة المسرحية تخجل من نفسها”.
ولفت إلى أن “إسرائيل والغرب ضد إيران ليل نهار، وحروب حقيقية اقتصادية وسياسية واستخباراتية واغتيالات وهجمات إلى آخره، كل هذا لا يمكن أن يكون إلا الحقيقة والسبب الحقيقي هو موقف إيران، أما قضية الطموحات، فتركيا لها طموحات، ونحن نحمد لها هذه الطموحات، وهي طموحات ممتدة في العالم العربي أيضا، لماذا لا يقال عنها ذلك؟”.
وذكر المتحدث بأن “سوريا تابعة، لتركيا، وليبيا تابعة لتركيا، ودول أخرى بشكل أو بآخر، فتركيا تمد نفوذها، وأي دولة لا تمد نفوذها لا تستحق أن تكون لها مكانة في التاريخ، فإيران أيضا تمد نفوذها نعم صحيح، لكنها تخدم القضية الفلسطينية”، مبرزا أنه لو أرادت أن تمد نفوها بطريقة لا يعترض عليها أحد لهادنت إسرائيل، “وحينئذ يقول لها خذي الدول العربية بالجملة وليس بالتقسيط، خذي كذا وكذا وكذا، إيران تطالب بالبحرين، وتعتبره جزءًا منها، فلولا موقفها من إسرائيل لقالوا لها خذي البحرين، ترامب كما يطالب هو بجزيرة كذا، وبغزة، هو بالنسبة إليه شيء عادي، لماذا هذه البحرين؟ نحن نريد أن نكسب إيران، والنفط الإيراني، وامتيازات إلى آخره”.
وعن موقف الجمهورية الإسلامية من الحرب السورية والحرب في لبنان ومساندتها لنظام بشار الأسد ودعمها لحزب الله، شدد المفكر المغربي على أن إيران ليست بدون أخطاء، “لقد ارتكبت السياسة الإيرانية مواقف مشينة، خاصة في علاقتها مع بشار الأسد وقبله مع حافظ الأسد وفي الثمانينيات وكانت إيران في بدايتها يعني وقفت مع حافظ الأسد في تدمير حماه وفي مجازر عديدة ارتكبها النظام السوري، طبعا هذا مرفوض وأدناه وأنا أذكره دائما، خاصة إذا التقيت بإيرانيين”.
“بعض العلماء أو المسؤولين الإيرانيين أذكرهم بهذا وأقول لهم هذا، وهو وقفوا مؤخرا ضد الثورة السورية ومدّدوا عمر النظام السوري 10 سنوات إضافية، أو أكثر فهذا أقوله لهم أنتم قمتم بثورة ضد الشاه، واعتبرتم ذلك مفخرة، وهذا حقكم، لكن أليس من حق الشعب السوري أن يثور ضد “الشاه السوري”، بشار وحافظ؟ أنتم منعتم ذلك، وفعلتم أشياء أخرى، وهم فعلا يتحرَّجون، لكن عذرهم الذي لا يُقبل هو أنه حينما قامت إيران الجديدة، فإن النظام العربي الوحيد الذي تعامل معها، واعترف بها، هو النظام السوري، أما جميع الأنظمة العربية، فقد تصدت لها بشكل أو بآخر، والجميع اصطفّ مع صدام حسين (الرئيس العراقي السابق) كي ينقضّ على إيران. ومن كان خصم صدام حسين؟ إنه حافظ الأسد، وهي عداوة معروفة، وكل واحد حاول الانقلاب على الآخر” يقول أحمد الريسوني.
واعتبر، في هذا الجانب أن الإيرانيين “كأنهم يعترفون بالجميل لآل الأسد، وللنظام السوري، باعتباره النظام الوحيد الذي وقف معهم، في وقت كان من الممكن أن يُقضى على النظام الإيراني في المهد، وبعد ذلك، استمر هذا التعامل، وهذه العلاقة، وتقريبا إلى الآن، أي إلى سقوط النظام السوري، ظلت سوريا الدولة العربية الوحيدة التي كانت على وفاق مع إيران”.
وبالإضافة إلى هذا،” يقولون في عذرهم الذي لا يُقبل إن النظام السوري هو الذي كان يسهل لهم إمداد المقاومة، في فلسطين، وفي لبنان، وإمداد حزب الله، الذي أصبح قوة. فسوريا، رغم أنها لم تدخل في أي قتال حقيقي ضد إسرائيل، لكنها كانت كأنما تؤجر لهم، أن تمروا، وتمر أسلحتكم، وتتحركوا.. فيقولون لو قطعت سوريا كما وقع الآن، لحُرم حزب الله من الحبل السري”، وفعلاً، ما إن سقط النظام السوري حتى أُغلقت المسالك، وأصبحت الإمدادات صعبة إلى آخره”.
وأشار الرئيس السابق للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين إلى أن الإيرانيين يرون في إسقاط النظام السوري “نهاية المقاومة في لبنان، ونهاية المقاومة الفلسطينية، هذه بعض أعذارهم، لكنني شخصيًا، كنت ممن أدانوا، بصريح العبارة، في مقالات منشورة، وفي لقاءات مباشرة، وفي جميع المناسبات، الدور السوري والدور الإيراني في سوريا، وكذلك الدور الإيراني في العراق، وفي اليمن…”.
وأكد أنهم في هذه الدول كلها، “وقفوا مواقف لم تكن مبدئية، بل كانت براغماتية”، لأجل إنقاذ أنفسهم، أو تنفيس علاقاتهم للأسف، “وأظن أنهم الآن، بعد سقوط سوريا، أدركوا أن هذا التحالف، وهذا التلاحم مع النظام السوري، لم ينفعهم والآن خسروا سوريا، وخسروا الشعب السوري، وخسروا الشعب اللبناني”.
واستطرد الريسوني، أن هناك عداوة شديدة الآن في سوريا، وفي لبنان، وفي العراق، وفي اليمن ضد إيران، “وأنا قلت لهم أنتم وقفتم ضد المبادئ، أصبحتم كأي دولة تبحث عن مصلحتها، وعن خلاصها الفردي”.
وخلص المتحدث إلى القول: لو أن دولة ملحدة، أو يهودية، أو نصرانية، وقفت مع المقاومة، ونصرتها، فسوف نشيد بها، “أنا حين أتحدث عن موقف إيران من المقاومة، ومن القضية الفلسطينية، فهذا شيء مستقل، يمكنك أن تقول لإيران 99 سيئة، ولها حسنة واحدة، فأنا أتحدث عن هذه الحسنة، لأشجعها، وفيه أيضا نوع من المناصرة لإخواننا في فلسطين”.
لمشاهدة الحلقة كاملة، يرجى الضغط على الرابط