الرميد ينتقد عدم تشكيل لجنة تقصي للحقائق بشأن دعم استيراد المواشي

انتقد المحامي والوزير السابق، مصطفى الرميد، عدم تشكيل لجنة لتقصي الحقائق بشأن ملف دعم المواشي واستيرادها.
وقال الرميد، في تدوينة على صفحته الرسمية بموقع “فايسبوك”، إن البلاد شهدت على مدى سنوات أزمات ومشاكل متعددة، “ومع ذلك لم يكلف البرلمان، بغرفتيه، نفسه عناء تشكيل لجنة لتقصي الحقائق”.
وأوضح أن مثل هذه اللجان تُعد، في الدول الديمقراطية، “إجراء عادياً لاستكشاف الحقائق وتقصيها في القضايا التي تشغل الرأي العام أو التي تتباين بشأنها المواقف والتقديرات بين الحكومة والمعارضة”، مضيفاً أن هذه اللجان أصبحت في تلك الدول شبه روتينية.
وأعرب الرميد عن استغرابه من الاكتفاء، في ملف دعم المواشي، بتشكيل لجنة استطلاعية، معتبراً أن الملف يستحق لجنة لتقصي الحقائق، خصوصاً في ظل تباين المواقف بين الحكومة والمعارضة، بل وحتى داخل مكونات الحكومة نفسها.
وتساءل المتحدث عن “ما هو الموضوع الذي يستحق أن تُشكل من أجله لجنة لتقصي الحقائق؟ هل لدينا مشكل أصلاً يستحق تشكيل هذه اللجنة؟”، قبل أن يضيف بسخرية: “لعل واقع الحال يقول: ليس لدينا مشكل يستحق ذلك إطلاقاً. هنيئاً لنا!”
وفي هذا السياق، تقدّمت فرق الأغلبية بمجلس النواب، يوم الأربعاء 9 أبريل 2025، بطلب للقيام بمهمة استطلاعية حول “برامج وإجراءات دعم استيراد الأبقار والأغنام واللحوم”، بدل تشكيل لجنة لتقصي الحقائق.
وطالب كل من فريق التجمع الوطني للأحرار، وفريق الأصالة والمعاصرة، وفريق الاستقلال للوحدة والتعادلية، والفريق الدستوري، في مراسلة إلى رئيس لجنة القطاعات الإنتاجية بمجلس النواب، بتنظيم هذه المهمة الاستطلاعية، وفقًا لمقتضيات النظام الداخلي للمجلس.
وشدد مصطفى الرميد، المحامي ووزير العدل والحريات السابق، على أنه “لا توجد دولة في العالم خالية من المشاكل، ولا حكومة لا ترتكب أخطاء أو لا تواجه صعوبات في التدبير قد تجلب عليها سخط الناس، ولا ممارسة سياسية بلا تعثرات أو إخفاقات”.
وأضاف أن الدول تنقسم إلى صنفين: “صنف له مؤسسات راسخة تقوم بدورها في المراقبة والمحاسبة، وترتيب النتائج القانونية والسياسية، وصنف آخر يسوده الفراغ المريب والسكون القاتل”.
وأشار إلى أن هذا الصنف الأخير تغيب فيه المراقبة أو تكون ضعيفة، وتكون فيه المحاسبة إما معدومة أو محدودة، موضحاً أن الفرق بين الدولة الديمقراطية وغير الديمقراطية هو في وجود الشفافية والمحاسبة الضرورية.
يذكر أن ثلاث مكونات برلمانية بمجلس النواب، وهي الفريق الحركي، وفريق التقدم والاشتراكية، والمجموعة النيابية للعدالة والتنمية، أعلنت عن مبادرة دستورية ترمي إلى تشكيل لجنة نيابية لتقصي الحقائق بشأن الدعم الحكومي الموجه لاستيراد المواشي منذ أواخر سنة 2022، إضافة إلى تدبير قطاع تربية المواشي بشكل عام.
وفي بلاغ مشترك صدر يوم الإثنين 7 أبريل 2025، عبّرت الفرق الثلاثة عن رغبتها الصادقة في انخراط باقي مكونات المجلس، سواء من الأغلبية أو المعارضة، في دعم هذه المبادرة، التي تهدف إلى “استجلاء الحقيقة الكاملة، ومراقبة وتقييم السياسات العمومية ذات الصلة، من أجل تجويد القرار العمومي وتعزيز الشفافية والنجاعة في التدبير”.
ومن جانبه، استنكر الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية محمد نبيل بنعبدالله ما وصفه بـ “نسف” الحكومة لمبادرة تشكيل لجنة لتقصي الحقائق التي أطلقتها مكونات المعارضة حول ملف دعم المواشي واستيرادها، وذلك من خلال دفع أغلبيتها البرلمانية إلى تقديم طلبِ تشكيل مهمة استطلاعية حول نفس الموضوع.
وقال بنعبد الله في مقال له إنه “لا المعارضةُ الوطنية، ولا الرأيُ العام الوطني، يمكنُ أن تنطلي عليهما هذه الحيلةُ المفضوحة، أو الخديعة الماكِرة، التي لجأت إليها الحكومةُ للالتفاف والتملُّصِ من واجبِ ومَطلَبِ مُثول كلِّ معني بالأمر أمام لجنةٍ لتقصي الحقائق، تنويراً للرأي العام، وتجسيداً لمبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، وحفظاً للمال العام، وترسيخاً لقيمة البرلمان واختصاصاته”. وانتقد “تهرب الحكومة” من تشكيل لجنة تقصي الحقائق إذا كانت فعلاً متأكدةً من أن دعمها لمستوردي المواشي لا يشوبُهُ أيُّ اختلال، لافتا إلى أنَّ اللجنة مثل اسمها تماماً، “لا تهدف سوى إلى الحقيقة”.
أما الأمين العام لحزب الحركة الشعبية محمد أوزين، فدعا الأحزاب عامة وحزب الاستقلال، الذي ينتمي إلى الأغلبية الحكومية، بشكل خاص إلى التوقيع على عريضة تشكيل لجنة تقصي الحقائق، إذ أشار إلى أن “هذه فرصة للاستقلاليين ليثبتوا بالفعل حسن نواياهم، وأنهم يسعون إلى اتقاء الله في المغاربة، أم أن الأمر لا يعدو أن يكون مجرد شعارات”، مشددا على أن “اليوم سيظهر ما إذا كانوا يريدون من المغرب محاربة الفساد أم شيئاً آخر”.
وفي المقابل، أعلن الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية بمجلس النواب عدم انخراطه في مبادرة تشكيل لجنة تقصي الحقائق حول ملف دعم المواشي واستيرادها، معتبراً أن “الأسلوب الأنسب” هو اللجوء إلى مهمة استطلاعية برلمانية تستجمع المعطيات وتستدعي المسؤولين وتقدم تقريراً مفصلاً يكون “أساساً لاتخاذ المواقف”.
وقال رئيس الفريق بمجلس النواب علال العمروي، في تصريح لصحيفة “صوت المغرب”، إن مبادرة تشكيل لجنة تقصي الحقائق “أطلقتها بعض فرق المعارضة بشكل انفرادي، دون استشارة باقي الفرق البرلمانية”، مضيفًا أن “التقاليد والأعراف البرلمانية تقتضي أن يتم تفعيل لجان تقصي الحقائق بتوافق جماعي، كما حدث سابقًا في تفعيل لجنة تقصي الحقائق حول أحداث مخيم اكديم إيزيك سنة 2010”.
واعتبر العمروي أن “الأسلم والأنجع سياسياً ومؤسساتياً” هو المطالبة بمهمة استطلاعية، لكون هذه الأخيرة “تتيح دراسة المعطيات بشكل معمق، واستدعاء المسؤولين المعنيين، وتمكين النواب من تقرير شامل يُبنى عليه الموقف السياسي”.