الرد الإيراني على إسرائيل.. خبراء يعددون انعكاساته على المنطقة ومعركة المقاومة
بعد شهرين كاملين من اغتيال إسماعيل هنية الرئيس السابق للمكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية -حماس- في العاصمة الإيرانية طهران، وحسن نصر الله الأمين العام لحزب الله اللبناني، جاء الرد الإيراني أخيراً، مباغثاً إسرائيل بأكثر من 200 صاروخ باليستي خلال نصف ساعة تحولت فيها سماء فلسطين التاريخية كاملة إلى اللون الأحمر.
وبقدر الفرح الذي عمّ المدن الفلسطينية بما فيها القدس وغزة، ومعها بيروت وعمان ومختلف العواصم العربية في ليلة الرد الإيراني التي وافقت، الثلاثاء 1 أكتوبر 2024، يتساءل المتابعون لهذا التصعيد الذي شغل المنتظم الدولي كما هو الشأن بالنسبة إلى دول منطقة الشرق الأوسط بالدرجة الأولى، بشأن ماذا بعد الرد؟ وما هي انعكاسات ذلك على المنطقة؟ ومعركة المقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي؟
في هذا الصدد، عدّ خالد يايموت أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، في حديث لصحيفة “صوت المغرب”، الرد الإيراني بداية مرحلة جديدة في الصراع بين إيران وإسرائيل “عنوانها المواجهة العسكرية المحدودة في الزمان والمكان تتكرر خلالها ردود الفعل من الجانبين”، وهو ما سيؤدي إلى صدام “يتجاوزهما إلى داخل أروقة الأمم المتحدة”.
وهذه المرحلة ستسهم، حسب المتحدث ذاته، “في تمتين المحور الروسي الصيني” داخل الأمم المتحدة باعتبار الطبيعة الجيوسياسية والرهانات المستقبلية للصين وروسيا، ونفس الأمر ينطبق على الحلف الإيراني الروسي الذي من شأنه أن يصبح كذلك أكثر متانة على مستوى العلاقات الدولية بين البلدين.
أما على المستوى العربي، فيرى خالد يايموت وهو باحث متخصص في الشأن الإيراني أن هذه العملية الإيرانية التي توقع أنها قد تطول أمام العجز العربي في المنطفة، ستؤدي إلى نوع من “الشرخ الجديد على مستوى الأنظمة العربية”، لافتاً إلى أن بعض الدول خصوصا على مستوى مجلس التعاون الخليجي ستبتعد بشكل كبير عن بعضها البعض، في إشارة إلى “قطر والكويت وسلطنة عمان” التي يرى أنها ستبتعد عن المحور السعودي الإماراتي جراء الأحداث الأخيرة المتعلقة بالقضية الفلسطينية.
ويشدد يايموت على أن هذه المواجهة “ليس لها تأثيرا آنيا”، مشيراً إلى أن أي حل لما تعيشه المنطقة “يجب أن ينطلق من غزة وهو أمر صعب بالنسبة إلى إسرائيل حالياً”، مبيناً أنه لا المفاوضات أو التدخل العسكري سيقودان إلى الحل،
أما على مستوى معركة المقاومة في أرض الميدان، فيرى الكاتب المغربي سعيد مولاي التاج، في حديث مع صحيفة “صوت المغرب”، أن الرد الإيراني العسكري يعد رداً ذكياً ومحدوداً ودقيقاً بأهداف سياسية حقق منها، بعد استنفاذ سياسة الصبر الاستراتيجي عقب ضرب حزب الله واجتياح لبنان، “ضرب القدرات الصهيونية باستهداف القواعد الجوية والمطارات لتخفيف ضغط سلاح الجو للكيان الصهيوني على الجنوب اللبناني وعلى المقاومة”، التي قال يعتبر أنها لا تملك ترسانة قادرة على الردع وإعادة قليل من التوازن العسكري، مشيراً إلى أن “حركية الهجمات الجوية ستكشف حجم الضرر الذي لحق يالمطارات والقواعد الجوية”.
ويلفت مولاي التاج إلى أن الرد من شأنه كذلك “دعم جهود المقاومة والحد من الآثار النفسية، وحالة الإحباط التي بدأت تتفشى بعد النجاحات الصهيونية في الاختراق والاغتيال والعدوان على الضاحية”، كما سينهي حالة الانتشاء التي “روجها نتنياهو وأعضاء حكومته في الأوساط السياسية والشعبية وأعادت الثقة للجمهور المخدر بعد ضربات المقاومة في 7 أكتوبر، وكبح حالة الجنون”.
ولفت المتحدث ذاته إلى أن تجنب ضرب المناطق المدنية والمدنيين بحد ذاته رسالة إلى العالم وأمريكا والداخل المحتل أن إيران ما زالت لاتريد توسيع نطاق الحرب، هذا باللإضافة إلى “إحراج الولايات المتحدة الأمريكية والغرب ومنحهم ورقة للضغط على الاحتلال بعد فقدان السيطرة عملياً على نتنياهو”.
وشدد على أن هذه الأحداث المتصاعدة ستدفع دول الإقليم والعالم إلى إعادة تقييم شامل للوضع في المنطقة على ضوء الرد الإيراني، وتحمل نتائج خياري الحرب الشاملة أو السلام المشروط، كما من شأنها تخفيف حالة الاحتقان الشعبي في الداخل الإيراني بعد إهانة اغتيال الشهيدين هنية ونصر الله وتعزيز الثقة في القيادة الإيرانية الجديدة، مع “إرغام الكيان الصهيوني وأمريكا على العودة إلى قواعد الاشتباك السابقة”.