الرجاء وتفعيل العقلية الإحترافية
ما يعيشه نادي الرجاء الرياضي خلال هذه الأيام على مستوى مسيريه السابقين والحاليين ومنخرطيه، وأيضا النقاش الدائر وسط جماهيره العريضة حول تفعيل الشركة الرياضية للنادي ودخول مستثمرين جدد لضخ أموال مهمة في خزينته، تبدو الأمور من خلالها أن الجميع وصل إلى الإقتناع التام أن أزمات الكيان الأخضر المستمرة منذ سنوات صارت تهدد وجوده من الأساس، وأن استمرار الكيفية التي يتم بها تدبير شؤون النادي، لن تنتهي سوى بموت سريري تفقد به الكرة المغربية أحد رموزها التاريخيين.. لذلك كان لابد من تحول مفصلي تفاديا لوفاة وشيكة.
الرغبات الحالية داخل نادي الرجاء الهادفة إلى التحول إلى نموذج احترافي مستدام، يجمع بين التسيير المالي الشفاف وجذب الاستثمارات، ويساهم في استقرار النادي وتحقيق طموحاته الرياضية، هي خطوة في الإتجاه الصحيح، ولا يمكن لعاقل رجاوي يعرف جيدا الحضيض التسييري الشامل الذي وصله ناديه خلال المواسم الأخيرة، أن يعارض تحولا مفصليا قد يعيد الرجاء إلى الحياة من جديد، وإلى ذلك الفريق المحترم المهاب الجانب الذي يلعب دائما على الألقاب والكؤوس، وبشكل أكثر تنظيما وهيكلة احترافية منتجة.
لكن، ولأن الشيطان دائما ما يسكن في تفاصيل قضايا الإصلاح وإعادة الهيكلة، ف”إعلانات النوايا” الأخيرة الصادرة للرأي العام، والأحاديث الوردية حول الملايير القادمة، لا يمكن أن تؤدي إلى التوهم أنه فقط بفضل “كيلوات” المستثمر الجديد، ستبدأ الخضراء سريعا في حصد الالقاب والبطولات والتغلب على منافسيها في المغرب وفي إفريقيا.. إذا كان الإعتقاد لا يزال هكذا، فذلك يعني ألا شيء تغير في عقلية الهواية وتسيير الشكارة الذي يقرن النجاح بالقدرة على جلب لاعبين جيدين و”تعديل” فريق أول “صحيح” واللعب على “الشامبيونا” وعصبة الأبطال الإغريقية.
التحول إلى النموذج الجديد، نظريا يعني أن الرجاء الرياضي سيصبح شركة رياضية مهيكلة بشكل احترافي ومنتج، وسيسعى من وضعوا أموالهم فيها إلى التدقيق في القرارات والمخططات والمشاريع، بهدف ضمان الربح الذي هو المحرك لأي نشاط تجاري، وهو الأمر الذي قد يتعارض كثيرا مع رغبات الجمهور الكروية وعواطفه المتناقضة تجاه نتائج فريقه، وهنا مربط الفرس كما يقال، فهذا الجمهور مطلوب منه أيضا أن يحقق انتقالا في العقلية يواكب به هذا التحول الجديد، بالتعود على الصبر على نتائج فريقه السلبية، وعلى فترات الفراغ، وعدم الضغط في اللعب دائما على الألقاب، والقيام بالإنتدابات، ومحاولة فرض القرارات التسييرية من المدرجات، وأن يتركوا الناس “تدير شغالها” بالتخطيط المتوسط والبعيد، وتترك لهم مساحة هادئة للعمل على أسس متينة لابد وأن تعطي غلتها فيما بعد.