الخلفي: تجربتنا مختلفة وقيادتنا للحكومة لا تعني أننا كنا نحكم
قال مصطفى الخلفي، عضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية إن حزب المصباح لم يكن يحكم خلال فترة قيادته للحكومة، “وإنما اقتصر عمله على الاشتغال في إطار دستوري، من موقعه في ترأس الحكومة، و عبر تحمله لمسؤوليات في العديد من الوزارات، داخل إطار محدد”.
وأفاد مصطفى الخلفي في كلمته خلال ندوة حول حصيلة التجربة وأسئلة المستقبل التي نظمتها اللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني التاسع لحزب العدالة والتنمية اليوم السبت 2 نونبر بالرباط، بأن الإشكالية المتعلقة بالإصلاح الدستوري سنة 2011، ألقيت على عاتق الحزب عندما ترأس الحكومة، مبرزا ”إصدارهم لحوالي 40 نصا قانونيا، كانت 18 منها قوانين تنظيمية والباقي قوانين عادية في إطار الملاءمة مع قوانين الدستور”.
وبخصوص مرجعية الحزب الاسلامية قال الخلفي “إن تجربتنا مختلفة لأنه كان لدينا نقد ذاتي داخلي ومراجعات سابقة” مضيفا، ”هذا لا يعني أن هذا سؤال غير مشروع، بل هو مشروع وطرح داخل اللجنة التحضيرية الخاصة بالمؤتمر، وكان موضوع نقاش حاد في الندوة الأولى التي كانت حول البرنامج العام”.
وأشار الوزير السابق إلى انعدام حضور المرجعية الإسلامية للحزب في توجيه القرارات والسياسات والقوانين خلال التجربتين الحكوميتين اللتين كان الحزب فيهما يترأس الحكومة، مفسرا ذلك بالقول: ”صدر 800 نص قانوني عن الحكومتين فقط، والقضايا التي حضرت فيها المرجعية كانت محدودة جدا لأن السياق العام الخاص بالاشتغال لم تكن قضاياه تلامس المرجعية”.
ووقف الخلفي على الخطاب الذي كان رائجا في أواخر 2011 ، الذي اعتبر أن حزب العدالة والتنمية سيفرض الحجاب، وأن السياحة ستتراجع، وأن رؤوس الأموال ستفر، مضيفا ”هذا خطاب ظهر بعد خروج النتائج، وكان يصور أن المغرب في ولاية العدالة والتنمية كأنه سيصبح سجنا كبيرا، لكن بدا عكس ذلك وفوجئ الناس بارتفاع السياحة وتوسع الحريات الفردية خصوصا مع تعديل المشروع الذي أتى به وزير العدل المتعلق بعدم تزويج المغتصبة من مغتصبها”.
وأرجف المتحدث ” وأيضا حسمنا في القضايا الطائفية وظهر ذلك في التعيينات التي كانت من التغيرات الكبيرة التي حدثت، حيث أنه من أصل أزيد من 600 تعيين لم يتجاوز عدد المعينين الذين ينتمون للحزب 20 شخصا”، مشيرا ”إلى أن عددا من الناس تساءلوا عن ماذا يعني الانتماء للحزب إن لم نحظ بمناصب عليا في التعيينات”.
و بخصوص علاقة الإسلام بالديمقراطية اعتبر الخلفي أن هناك تناغما قائما بينهما، مشيرا إلى أن ” البعض يقول إن الحزب كانت فيه توجهات، في التسعينات حول موقف دستور 1996، أو حول موقف الخلاف على الملكية البرلمانية”، مبرزا ” لدينا تفصيل دقيق ليس له علاقة بالديمقراطية، حيث عندما تتعارض المساواة مع العدالة، نعطي الأولوية للعدالة، وهو ما يميزنا، وهو عنصر محدد بالنسبة لنا”.
وفي إجابة عن توجه حزب المصباح قال الخلفي إنه حزب سياسي ترأس الحكومة واعتبر إحدى قضاياه تيسير حياة المقاولة، وعمل على تخفيف العبء الضريبي، خصوصا عن المقاولات الصغرى والمتوسطة ، وشجع على الاستثمار المنتج عوض الاستثمار في الأسهم بالبورصة، حيث انخفض مناخ الأعمال الذي كان يلامس 114 في تجربته إلى 50 ، مضيفا ” وأهم شيء، قمنا بأداء ديون المقاولات التي كانت متراكمة ، وكان الاتحاد العام لمقاولات المغرب يبحث عن اعتراف الدولة بالديون على القيمة المضافة، وقام الحزب في تجربته بتأديتها، ووقع معهم اتفاق، فيمكن القول إن الفترة الذهبية للاتحاد، كانت في فترة وجود الحزب، بناء على حجم الاتفاقات التي وقعت”.
واستدرك عضو الامانة العامة، بالقول: “ورغم ما قدمناه على هذا الصعيد، فهدا لا يعني بأننا حزب لدينا توجه نيوليبرالي، لأنه في نفس الوقت أرسينا منظومة الدعم وأعطينا أولويات للفئات الهشة”، مضيفا ”وطرحنا تصورا كان مرفوضا، وتم ترسيخه كسياسة تدريجيا، حيث ارتفع عدد الطلبة الممنوحين من 180 ألف إلى 400 ألف طالب ، و انتقلت الميزانية من 800 مليون درهم إلى 2 مليار درهم وارتفع عدد المستفيدين من برنامج تيسير من 700 ألف شخص إلى 2 مليون شخص”.
وشدد المتحدث ذاته على أن هذه المنظومة الجديدة التي تم تنزيلها على المستوى الاجتماعي، صعبت مأمورية تصنيفنا وفق الأصناف والتيارات الموجودة، مضيفا ”وهذا يعني أن الحزب قدم أجوبة اقتصادية فاجأت الكثيرين لأنه كان يتحمل المسؤولية ، وأنتم ترون أن إصلاح التقاعد إلى حدود الساعة الحكومة الحالية عاجزة عن إصلاحه رغم مرور أربع سنوات”.
وفي سياق آخر قال الخلفي إن هناك سياقا سلطويا صاعدا على مستوى المنطقة، وسياسات دولية معادية لوجود الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية في تدبير الشأن العام مستدركا، ”إلا أن الدولة المغربية في هذا السياق دائما ما كانت تصل إلى توافقات، وهو ما يعطي معنى لإرادتنا في الحزب بالاستمرار”.
وأضاف أن تجربة العدالة والتنمية مستمرة، مثلما استمرت في مرحلة 2011 وكما استمرت بعدها إلى 2021 ، وستستمر لتأسيس المرحلة الجديدة، التي تستدعي خطابا جديدا وقيادات جديدة في ظل الواقع الجديد الذي نعيشه، مضيفا ” واليوم ليس لدينا مشكل أن نعارض أشياء من موقع المعارضة، كنا ندافع عنها داخل الحكومة، لأن الواقع تغير ولأن التجربة السياسية تغيرت”.
وخلص الخلفي إلى وجود موقع لحزب العدالة والتنمية في المشهد السياسي، مشترطا ” تجديد الحزب لإطاره التصوري والبرامج التي يشتغل بها”، مبرزا اختلاف سياق تراجع الحزب في المغرب، مع التجارب الإسلامية في تونس ومصر التي سقطت جراء سياسة قمعية، أو في سياق الحرب كما حدث في لبنان.
*عبيد الهراس